محمد إبراهيم الدسوقى

شفرة نجاح مرسى

الثلاثاء، 03 يوليو 2012 12:31 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تنهال الطلبات والتوجيهات من كل جهة على الرئيس محمد مرسى الذى لم يمر على حلفه اليمين الدستورية سوى ثلاثة أيام. فالجميع سارع إلى إعداد قائمة طويلة برغباته وآماله وتطلعاته وهرول لتقدمها للرجل لتبرئة ذمته وتخليص ضميره، فى انتظار تحقيقها فى أسرع وقت ممكن، وإن أمكن الآن فهذا هو المراد من رب العباد. وتحاشيا للانزلاق لمتاهات التأويل وسوء التفسير والريبة، أشير إلى أن المصريين الذين حرموا من أبسط حقوقهم فى الشكوى من آلامهم ومتاعبهم فى العهد السابق، لهم كامل الحق فى التعبير عما يريدونه من رئيس منتخب ملزم بالاستجابة لها، والعمل بكل قوته من أجل تلبيتها.

لكن كيف سينجح الدكتور مرسى فى إنجاز ما يتوقعه ويأمله الشعب المصرى ـ وهو كثير ـ منه؟

المطلوب من مرسى يفوق قدرته من حيث الوقت والإمكانيات المتاحة، فنحن كمواطنين غير مستعدين للصبر، ومنح الفرصة للرئيس للعمل، ثم نحكم على أفعاله، وبالتالى فإنه يحتاج لمعجزة من السماء، لكى يرضينى ويرضيك، وبما أننا فى زمن لا يعترف بالمعجزات، فإن سبيل مرسى للنجاح مشروط بأمرين لهما ثالث.

أولا: إن يحسن اختيار كبار مساعديه من بين الكفاءات العامرة بها بلادنا ولله الحمد فى مختلف المجالات والتخصصات، وأن يبتعد عن التقيد بانتقائهم من بين كوادر حزب الحرية والعدالة أو جماعة الإخوان المسلمين، فنحن نريد تقديم الاعتبار الوطنى على الالتزام الحزبى والعقائدى.

ونفس القاعدة تسرى أيضا على الحكومة المحتم أن تكون من التكنوقراط، حتى نتجاوز أزماتنا الاقتصادية الاجتماعية الموروثة من عهود وأنظمة مضت، فما نحن فيه ليس مسئولية مبارك وحده، لكنه ميراث الحقب التالية على ثورة 23 يوليو 1952.

يرتبط بذلك ترشيد ظهور مرسى فى وسائل الإعلام يوميًا، ولا يصح أنه كلما همس أو عطس أن تنشر الصحف كم مرة تحدث وكم مرة عطس، فجزء من توحش وفرعنة الرئيس السابق أنه كان وجبة يومية مفروضة علينا قهرًا فى صحفنا ومجلاتنا وبرامجنا التليفزيونية والإذاعية. وعلى المحيطين من مرسى إفهامه هذه الحقيقة، وأن الأفضل له وللبلد أن يقتصر ذكره إعلاميًا على القضايا واللقاءات المهمة فقط، حتى لو كانت مرة واحدة أسبوعيًا، ليتفرغ لعمله بعيدا عن محاولات تصيد الأخطاء والهفوات.

ثانيا: إن المواطن المصرى يكتفى بالتظاهر والتظاهر والإعراب عن ضجره وعدم اقتناعه بما يتحقق على الأرض من منجزات ثم يحدد مطالبه المتنوعة، للتكرم بمنح الحاكم شهادة الرضا والقبول. عظيم جدا، وماذا بعد؟

لا شىء على الإطلاق، فهو لا يعمل وإن عمل يعمل بربع طاقته بدون التوقف عن التبرم من عدم زيادة المرتب، وليته يقف عند هذا الحد، لكنه يوسع دائرة استباحة كل قطعة وشبر فى الوطن.

فالذين يعيشون فى الريف تعدوا على آلاف الأفدنة وبنوا عليها الأبراج والبيوت، إيمانًا بأن مَن لن يستفيد الآن سوف يفوته الكثير من الربح، ولم يفكروا للحظة أن مصر تفقد 3,5 فدان من أجود الأراضى الزراعية كل ساعة ـ الرقعة الزراعية 8,5 مليون فدان ـ وأن تآكل المناطق الزراعية سوف يتسبب فى أزمة غذائية رهيبة للبلاد مع تزايد معدلات النمو السكانى. وفى المدن الكل يبنى بدون ترخيص والشوارع والحارات تحولت إلى غابات من الأكشاك، فهل تلك تصرفات أناس لديهم أدنى استعداد لمساعدة رئيسهم على النجاح فى وقت عصيب حرج؟ يا أيها المصريون إن الرئيس لن يعمل بيد واحدة فهو محتاج ليد ثانية تساعده، ممثلة فى المواطن الذى أدمن مناخ الانفلات وعدم الالتزام.

الشرط الثالث يا أعزائى أن تشل يد بقايا النظام العابثة والمدبرة للمكائد الصغيرة والكبيرة، لإفساد المساعى المبذولة لبناء نظام جديد. إن كنا حقا راغبين فى حياة كريمة محترمة فإن الوقت قد حان لبذل الجهد، ومجاهدة النفس الضعيفة المشجعة على الجشع، بعدها حاسبوا مرسى وغيره على أعمالهم.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة