لفانوس رمضان مكانة كبيرة عند المصريين، رغم عدم ظهوره هذا العام بشكل ملحوظ، كما تعودنا كل عام، حيث كانت المحلات تعلن استعدادها مبكرا وكنا نشاهد المحلات تفرش الفوانيس منذ بداية شهر شعبان، وتقوم بعرض العديد من أشكاله، سواء القديمة الذى يضاء بالشموع أو الحديث والملاحظ، ابتهاجاً بقدوم الشهر وتتزين بالفوانيس الملونة وبأشكالها المختلفة الجميلة التى تحمل أسماء عربية، مثل بكار وحبيبة، هذا العام اختلف عن قبل، حيث أحجم العديد من التجار عن الاتجار فى فانوس رمضان، رغم ما كان يحدث فى السابق، وهو ما فسره الخبراء إلى الحالة السياسية التى سيطرت على كافة الأسر المصرية وسوء الأحوال الاجتماعية للمواطنين وضعف دخولهم، مما دفعهم إلى الاتجاه إلى شراء متطلبات الحياة المعيشية والابتعاد عن كل ما هو وسيلة للترفيه.
وأكد الخبير الاقتصادى حمدى عبد العظيم أن عزوف التجار عن الاتجار فى فانوس رمضان ناتج أيضاً عن الأوضاع السياسية التى تمر بها مصر حالياً، وحالة الانفلات الأمنى، والتى دفعت بحالة من الركود مازالت مستمرة إلى الآن، ويقدر حجم ما استوردته مصر من فوانيس رمضان خلال السنوات الماضية بـ2 مليون دولار من الصين.
وهو ما أكده "أحمد يوسف"، بائع الفوانيس فى شارع الدقى منذ 30 عاما، أن انخفاض حجم المبيعات خلال العامين الماضيين دفع العديد من التجار إلى الابتعاد عن الاتجار فى فانوس رمضان، والاتجاه إلى منتج آخر يدر أرباحا، خاصة أن مبيعات الفوانيس قد تراجعت خلال السنوات الأخيرة بواقع 75% نتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها المواطنون، هو ما يدفعهم إلى الإنفاق على الطعام والشراب والابتعاد عن كل ما هو ترفيهى.
وقال يوسف، إن ارتفاع أسعار الفوانيس هذا العام كان سببا فى ابتعاد التجار عن الاتجار فى الفانوس، حيث ارتفعت أسعار الفانوس الصينى بنسبة 30%، لافتا إلى انخفاض حجم المبيعات مما دفع أصحاب المحلات إلى طرح أعداد قليلة من الفوانيس مقارنة بأعوام قبل الثورة.
وتقول "أم عبد الرحمن"، من المملكة العربية السعودية، والتى حرصت على شراء فانوس رمضان، إنها تعودت على شراء فانوس رمضان منذ سنوات أثناء دراستها الجامعية والتى حصلت عليها من مصر.
وأضافت أم عبد الرحمن، أنها تستشعر مشاعر طيبة عند شرائها الفانوس، خاصة أنها تقضى رمضان فى المملكة وتحب أن تتذكر بطفولتها وتعود أطفالها على ذلك التراث الرائع، لافتا إلى أنها تقتنى الفانوس القديم ذا الطابع التراثى الرائع وتبتعد عن شراء الفوانيس صينية الصنع، والتى لا تمت للتراث بأية صلة.
ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التى يمر بها المصريون من ضعف دخولهم، وتكبلهم العديد من المشكلات نتيجة جشع التجار، إلا أن مصر ستظل سوقا كبيرة لصناع الفوانيس فى شهر رمضان الكريم، وستظل تتنافس الصناعة المحلية مع مثيلاتها المستوردة، خاصة الواردة من الصين، بسبب التزام كل أسرة بشراء فانوس لكل طفل لديها كعادة سنوية، كما أصبحت الفوانيس عادة بين الكبار الذين يصرون على تعليق الفوانيس الكبيرة الحجم أمام منازلهم أو الشوارع وفى مداخل العمارات، وأيضا أصبحت هدايا بين المحبين فى شهر رمضان يحرص الشاب على إهداء خطيبته للتعبير عن فرحتهم بقدوم شهر رمضان الكريم.
يذكر أن ظهور الفوانيس بدأ مع دخول الفاطميين إلى مصر فى القرن الحادى عشر، حيث خرج المصريون للتعبير عن فرحتهم حاملين المصابيح المضيئة بقدوم الخليفة الفاطمى "المعز لدين الله" إلى القاهرة فى أوائل شهر رمضان، ومن يومها ويستخدمها الأطفال والكبار للتعبير عن فرحتهم بقدوم شهر رمضان الكريم.
الفانوس البلدى يطيح بالصينى.. والأوضاع السياسية تقلل المبيعات
الأربعاء، 18 يوليو 2012 01:06 م