"كريم" تحدى الإعاقة بمعرض فنى على "الفيس بوك"

غرفة صغيرة مليئة باللوحات الزيتية التى غطت الجدران، تراكمت على جانبيها أدوات الرسم والأوراق البيضاء التى تنتظر حكاية جديدة، وفى يديه احتفظ بالفرشاة التى لم تفارقه قط.

فى إحدى جوانب الغرفة تراه جالساً على كرسيه المتحرك الذى يتنقل به بين لوحاته، بعد أن نسى بفنه العجلات الأربعة التى يخرج منها على الحياة، لم يمنعه الكرسى المتحرك من التعبير بموهبته التى ولدت معه عن كل ما عانى من الآم الحياة، ولم تشغله عدم قدرته على تحريك أطرافه عن خلق عالمه الخاص من داخل غرفة صغيرة كانت معملاً لعدة معارض تشكيلية منحته عن جدارة لقب "سفير التحدى"، وهو التحدى الذى قرر "كريم النجار" الفنان التشكيلى المعاق، أن يستكمله بفكرة جديدة لعرض لوحاته على "الفيس بوك" ليلمس بفنه كل معاق فى العالم العربى.

"كريم النجار" 45 عاماً، هى سنوات عمره التى ربما امتلأت بتجارب لم يحكها سوى على الورق الأبيض الذى يخرج من تحت يديه بحكايات عن كل ما يرغب فى سرده، أو كل ما يحلم بتحقيقه، وهى السنوات التى قضاها "كريم" فى الإبداع، فاشترك فى عدد من معارض الفن التشكيلى على مستوى العالم العربى، وكان لقب "سفير التحدى" هو جائزته فى معرض "ثورة معاق" الذى كان بداية خروج لوحاته من غرفته الصغيرة إلى نور الحياة، أما عن معرض "الفيس بوك" الذى قرر كريم افتتاحه بـ30 لوحة زيتية فكانت جزء من رحلته ولكنها لن تكون نهاية المطاف.

"أنا برسم أفكارى، ومفيش فرق بين شخص معاق وشخص طبيعى ولازم الصورة دى تتغير فى أذهان الناس"، يعبر كريم بإصرار عن حلمه فى تغيير صورة المعاقين فى نظر الناس، وعن حكاياته مع الفن التشكيلى يقول "كريم": ولدت بموهبة الرسم، وكانت هى ما ساعدنى على الحياة بعد أن تيبست أطرافى ولم تعد قادرة على الحركة وأنا فى سن الشباب".

"لجأت إلى الرسم واللوحات وقررت الخروج إلى الحياة، "حتى ولو على كرسى بعجل" يحكى كريم عن تجربته مع الإعاقة التى لم تكن دافعاً لحزنه بقدر ما كانت نظرات الناس هى ما أحزنه، "كنت مصرا على تحدى الإعاقة لكى أثبت لكل من يقلل من المعاقين أن الأمل وحده هو القادر على تحقيق الأهداف الصعبة، وهو ما شجعنى على استكمال الرسم، وتلوين كل فكرة خطرت ببالي، والاشتراك بالمعارض والاختلاط بالفنانين على مستوى العالم، وتعلم كل ما له علاقة بموهبتى التى لن أتركها سوى بمفارقتى للحياة".

أما عن معرض "الفيس بوك" فيقول "كريم": المعرض فكرة جديدة للوصول لكل من يرغب فى المشاركة والتحاور، وهو ما يسهله موقع "الفيس بوك" والهدف هو الوصول إلى المعاقين فى كل مكان، و إجبارهم على الخروج للعالم وإقناع الجميع أن المعاق قادر على تحقيق المستحيل.

ويكمل: يتضمن المعرض 30 لوحة زيتية تناقش عدة قضايا خاصة بالمعاقين، وقضايا أخرى، وهدف المعرض هو النقاش حول كل القضايا المطروحة فى اللوحات وفتح حوار بين المعاقين على مستوى العالم.

أما عن أبرز اللوحات التى يشارك بها "كريم" فى معرضه الإليكترونى يقول: أبرز اللوحات عن "لبنى حميدة" وهى معاقة سورية استطاعت التغلب على إعاقتها وتحقيق أهداف لم يقدر على تحقيقها أى شخص سليم معافى، وهو نموذج يجب تكريمه، إلى جانب مجموعة أخرى من اللوحات التى تناقش قضايا متعددة مثل حق المعاقين فى الزواج والتعليم واحترام الآخرين، ولوحة الطاووس التى تعبر عن الوحدة التى يعيش فيها المعاق فى ظل عدم تقدير المجتمع لكونه إنسانا.