هل وصل الهوان بالصحافة المصرية والصحفيين أن نقبل هذا الابتلاء الجديد الذى نواجهه بسماع كل ما هو جهل وتدن، على لسان فتحى شهاب رئيس لجنة الثقافة والإعلام بمجلس الشورى ورئيس لجنة اختيار رؤساء تحرير الصحف القومية الذى قال "إن 90% من الصحفيين ساهموا فى إفساد الحياة السياسية والترويج للتوريث فى ظل النظام السابق"!!
أنا لا أعرف من أين جاء بهذه الإحصائية العجيبة التى تعكس النظرة المعادية وتغليب الهوى السياسى والخفة، كما لا أعرف ما هى المؤهلات التى تجعله على صلة بهذا الملف وخروجه علينا يوميا بتصريحات فيها من الصلف والتبجح وإعطاء الأوامر والإنذارات والوعيد، ما يعكس قلة الثقافة وغرور الجهل بما ينطق به أو يتناوله.
هل يمكن أن يؤتمن هذا الشخص الذى يدعى أنه ينتمى "لمجلس شورى الثورة" على ملف الصحافة القومية، وأن تكون هذه رؤيته للصحفيين وللصحافة وأن يجلس معه أساتذة نعتز بهم من شيوخ المهنة فى لجنة يرأسها لاختيار رؤساء التحرير!
وهل ينتظر من هذه العقلية التى لا ترى فى 90% من الصحفيين إلا المساهمة فى إفساد الحياة السياسية، والترويج للتوريث، أن تنحاز لإعلام حر مستقل، أو أن تساهم فى التغيير الجذرى الذى نتوقعه بعد ثورة كبرى.. نحن نرى أن تحرير وسائل الإعلام هو المقدمة الأساسية لسقوط الإعلام المضلل الواقع تحت هيمنة السلطة والحزب الحاكم.. لكن عقلية السيد شهاب لا ترى إلا مذبحة كبرى، تتطلب أن نتخلص من 90% من العاملين فى هذه المهنة.. أى أن أمير الانتقام جاء يفتش فى النوايا والأفكار ويخرج من يقول بغير رأيه إلى مقصلة الإقصاء والعزل من رحمة رضاه.
كيف نتوقع من هذه العقلية التى تتصور أنها جاءت ليبدأ تاريخ مصر، ولتسطر الكلمات الأولى فى تاريخ الصحافة المصرية. وهل من رجاء فى حوار أو مناقشة أو أمل يعول على هذا النمط من الأشخاص، وهو لا يعرف كيف ناضلت الجماعة الصحفية وهى فصيل متقدم ضمن كل القوى الوطنية ضد الاستبداد والفساد اللذين مهدا الطريق للثورة المصرية، وأن الغالبية العظمى منهم وهى محاصرة بالتضييق على أرزاقها، كانت تقاوم وتصمد وتطالب بالتغيير وتفضح الفساد داخل هذه المؤسسات، وأنهم الذين طالبوا فى مؤتمرهم العام الرابع عام 2004، بالتغيير السياسى والدستورى الشامل، وتداول السلطة، وإنهاء جميع صور انتهاك حقوق الإنسان والحريات العامة، وإعادة الاعتبار لكرامة المواطن والاعتراف بحقوقه السياسية والاقتصادية، وإلغاء حالة الطوارئ وكافة القوانين الاستثنائية، وعدم جواز محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية والاستثنائية. وماذا ننتظر من شخص جاهل بالتاريخ الطويل لنضال الأجيال الصحفية ونقابة الصحفيين فى الدفاع عن حرية الصحافة كإحدى الحريات العامة وحق من الحقوق الأساسية للمواطن المصرى. هؤلاء الـ90% الذين يريد "رئيس لجنة اختيار رؤساء التحرير" عزلهم وخروجهم من جنته ونعيمه، هم الذين واجهوا كل حاكم أو شخص مستبد زينت له نفسه أنه مخلد، حتى سقط. وهم الذين واجهوا حسنى مبارك بصدور عارية لأكثر من عام فى جمعية مفتوحة عام 1995 حتى سقط القانون الذى حاول أن يفرضه عليهم لوضعه قيودا غير مسبوقة على الحريات الصحفية، والذى اشتهر بقانون حماية الفساد والذى وصفه الأستاذ هيكل أنه كان "أقرب إلى أجواء ارتكاب جريمة منها إلى أجواء تشريع عقاب وأنه يعكس سلطة شاخت فى مواقعها". وأستطيع أن أدعى أن هذه المعركة التى التحم فيها الصحفيون بكل ألوان طيفهم الفكرى والمؤسسى والجيلى، وساندهم فيها الرأى العام هى التى كتبت السطر الأول فى انهيار نظام مبارك. هؤلاء الـ90% هم الذين ساندوا نقابتهم، التى كانت تعبر عن لسان حالهم عندما استجابت 26 صحيفة لمطلبها بالاحتجاب عام 2006 لإلغاء الحبس فى قضايا النشر، وعندما رفضت تدخل السفير الأمريكى فى شئون الصحافة المصرية، وعندما طالبت بإقالة حبيب العادلى وزير الداخلية فى 2005، وعندما أكدت أنها ستظل ساحة مفتوحة لكل فئات الشعب، وحصنًا للحريات وأنه لن يستطيع أحد أن يمنعها أو يرهبها عن ممارسة هذا الدور.
والله هى الفتنة التى صنعوها لنا حتى نتقاتل بعيدا عن عنوان التغيير الحقيقى لأوضاع الصحافة المصرية.. وهى الفتونة المقيتة لهذا المفتون بنفسه.. إنها طبائع الاستبداد التى تمهد لأى ديكتاتور.. فاحذروا.
عدد الردود 0
بواسطة:
أحمد محمود المالح
الأغلبية شرفاء
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد
تعليق
عدد الردود 0
بواسطة:
عبدالرحمن صالح
هو يحيى قلاش ماعندوش كل شوية غير معركة قانون الصحافة، وكأنها كانت معركته لوحده، مش معركة ا
عدد الردود 0
بواسطة:
م / أحمد
بقى يكدب و يقول 90 % !!!!
يا راجل دول 99 %
عدد الردود 0
بواسطة:
riham
محترم
صحفي محترم ومقال رائع