ناجح إبراهيم

حسن استرلينى.. وذكريات طرة

الثلاثاء، 10 يوليو 2012 06:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جاءنى صوته عبر الهاتف فرحاً دون سابق إنذار أو توقع: أنا حسن الذى كنت أحضر لكم الخبز فى ليمان طرة من مخبز السجن، فقلت له: حسن استرلينى، قال: نعم كنت تعالجنى وكنا أصدقاء، لقد تبت الآن وأعمل نقاشا ولى ثلاثة أولاد.

أنهى المكالمة ليتركنى أسرح فى ذكرياتى مع حسن استرلينى فى ليمان طرة، حيث كان يأتى يومياً إلى العنبر حاملاً الخبز وكان يشكو من بعض الأمراض فأرسلوه إلىَّ فاعتبرنى طبيبه الخاص ثم صديقه الأثير.. يأكل ويشرب الشاى عندى وأعطيه ما يحتاجه من العلاج، وما هو ممنوع فى عنابرهم مثل سست السخان أو أسلاك الكهرباء أو ما شابهه.

قلت له يوما: لماذا يناديك الناس «حسن إسترلينى»؟! قال: لأننى كنت معروفا ً بسرقة السياح والعملات الأجنبية ولا أسرق العملات المصرية فأطلقوا على َّ «حسن إسترلينى»، قلت: هل هو أعلى كادر لديكم؟ قال: نعم وهو للمتميز والمحترف، قلت له: وكيف بدأت فى السرقة؟. قال: ألقتنى الحياة والظروف الأسرية فى السرقة وكنت عبقريا فيها وبدأت أسرق منفردا فى الأتوبيسات ثم كونت عصابة صغيرة «على قدى» نركب الأتوبيس ثلاثة أو أربعة.. أنا أسرق وواحد أو اثنين يحمونى ومعانا «زنيقة».

قلت: ما معنى زنيقة؟!
قال: تصطدم بالرجال عمداً ثم تشتمهم فتحدث مشاجرة فأقوم بمهمتى بسهولة ويسر ثم تهدأ المشكلة وأتم مهمتى بسلام، قلت له: هل تزوجت؟ قال: نعم تزوجت هذه الزنيقة وكنا نعمل سويا، قلت: أليس عارا أن تقبل ذلك ؟ قال: لقد كنت فى غفلة وغيبوبة عقلية ورغم ذلك أنا «يا شيخو» معروف بالرجولة والطيبة، قلت: كيف ذلك؟

قال: فى إحدى المرات سرقت أربعة آلاف جنيه من رجل فى الخمسينيات من عمره ونزلنا بأمان فوجدته نزل بعد اكتشاف السرقة وهو يلطم باكياً ويريد أن يهيل التراب على وجهه وهو يصيح فى الناس: جهاز ابنتى ضاع.. كيف أعود للبيت.. كيف أجهز ابنتى وكان صياحه وبكاؤه يمزق القلب فلم أملك نفسى فذهبت إليه وقلت له: ياعم الحاج أليست هذه نقودك؟، لقد وجدتها ملقاة هنا على الأرض فنهض الرجل وهو يقبلنى ويحضنى ويريد أن يقبل يدى ورجلى قائلا: لقد أنقذتنى يا بنى.. لقد رددت إلىَّ روحى وأنقذتنى من محنة كبيرة فنحن نجمع فى مبلغ جهاز ابنتى منذ فترة طويلة، وساعتها سعدت جدا لسعادة هذا الرجل، ولكن فرحتى لم تدم فعندما علم زملائى فى العصابة بذلك وكانوا قريبين من المكان أعطانى أحدهم عدة «أنفاس». قلت له: يعنى إيه «أنفاس»؟ قال: طعننى بالسكين عدة طعنات فى بطنى..

ثم كشف عن بطنه وأرانى آثارها، لم أكن أتصور أن العقل الجمعى يصنع بالإنسان هكذا ويجبره إجبارا معنوياً أو مادياً على السير فى الطريق الخطأ. ظل حسن إسترلينى يأتى إلينا يومياً ويقول لى: أفضل ساعة فى يومى تلك التى أقضيها فى عنبركم ومعك، غاب عنى حسن إسترلينى أكثر من عشرين عاما ولكن قصته كانت محفورة فى نفسى، قال لى منذ أيام فى التليفون لابد أن نلتقى مجدداً، قلت إن شاء الله.. فالفراق يعقبه لقاء.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

حسام عباس_ ديروط_اسيوط

هو ايه اللى بيحصل ده من الصح ومن الصحيح ومن المخطئ ومن السبب فى هذا كله

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة