حذر خبراء اقتصاديون أمريكيون من أنه من المرجح أن ترتفع أسعار المواد الغذائية فى العالم فى الأشهر المقبلة فى أعقاب الارتفاع القياسى فى درجات الحرارة، والجفاف فى المناطق الرئيسية لزراعة فول الصويا والذرة بالولايات المتحدة الأمريكية، فيما سيكون الارتفاع الثالث لأسعار المواد الغذائية فى السنوات الخمس الأخيرة، بعدما شهدته من ارتفاع عامى 2007 و2008 ثم فى عامى 2010 و2011، التى تسببت فى إثارة الشغب وعدم الاستقرار الاجتماعى فى العشرات من الدول حول العالم.
وأوضح الاقتصاديون أنه ليس من الواضح ما إذا كان ارتفاع أسعار المواد الغذائية مرة أخرى سوف يؤدى إلى حدوث اضطرابات جديدة، خاصة وأن أسعار مختلف المحاصيل ستتأثر بهذا الارتفاع فى درجات الحرارة والجفاف.
ورغم التوقعات المبكرة التى بشرت بمحصول وفير من الذرة، إلا أن التقديرات تراجعت بعد سلسلة من الأيام التى شهدت ارتفاعا قياسيا فى درجات الحرارة وظروف الجفاف التى تمتد عبر مزارع ولايات الغرب الأوسط الأمريكى.
وفى تقرير بثته شبكة صوت أمريكا، قال ديرموت هايز الخبير الاقتصادى فى جامعة ولاية آيوا "نحن بحاجة إلى المطر، ولا يبدو أننا سنحصل عليه"، مشيرا إلى أن ما يحدث فى الولايات المتحدة باعتبارها أكبر دول العالم تصديرا للذرة وأحد أكبر دول العالم تصديرا لفول الصويا يؤثر بالطبع على الأسعار العالمية.
ونوه بأن المكسيك وأمريكا الوسطى، التى تعتمد على الذرة كغذاء رئيسى، ستتأثر بشكل مباشر، إضافة إلى دول أخرى ستتأثر بشكل غير مباشر..وتابع: "سوف ترتفع أسعار الخبز فى شمال أفريقيا، وأسعار الدجاج ولحم الخنزير فى الصين.. إلى آخره.. وسيكون هناك بعض التعساء تماما من الناس"، مشددا على أن أسعار الخبز سترتفع فى شمال أفريقيا بسبب ارتفاع أسعار القمح تبعا لارتفاع أسعار الذرة.
ومن جانبه قال الخبير الاقتصادى ماكسيمو توريرو بالمعهد الدولى لأبحاث السياسات الغذائية إن أسعار اللحوم والألبان والدجاج ولحم الخنزير سترتفع أيضا، لأن الذرة وفول الصويا هما المكونان الأساسيان لعلف الحيوان.. وسوف تكون الدول التى تستورد كميات كبيرة من الأعلاف الحيوانية هى الأكثر تأثرا، مشيرا إلى أن هذه الدول هى: الصين والهند ومعظم دول أمريكا اللاتينية التى تشهد نموا كبيرا وبدأت تستهلك الكثير من اللحوم.
إلا أن توريرو توقع أن تتأثر دول العالم الفقيرة بشكل أقل مما تأثرت به خلال موجتى ارتفاع الأسعار الأخيرة، لأنه لا يرى أن قضية اللحوم والحليب تمثل مشكلة ضخمة لأشد البلدان فقرا، حيث إن استهلاكها من المنتجات الحيوانية أقل بكثير من استهلالك الدول الصناعية منهما.
وفى نفس السياق قال كريس باريت الاقتصادى بجامعة كورنيل، إن الفقراء الذين يستهلكون الذرة بكميات كبيرة يعيشون فى مناطق تستهلك إما نوعا مختلفا من الذرة أو أنهم يعيشون فى مناطق نائية نسبيا تجعلهم فى مأمن بشكل مؤقت من تقلبات الأسواق العالمية، فعلى سبيل المثال فإن المستهلكين فى أغلب مناطق أفريقيا جنوب الصحراء يفضلون الذرة البيضاء على أصناف الذرة الصفراء التى تتم زراعتها فى الولايات المتحدة، كما أن المحاصيل الأكثر تضررا تستخدم أساسا كعلف للحيوانات ولا تشمل الأرز أو القمح التى يتم استهلاكهما بشكل مباشر من جانب الإنسان، وهو ما يخفف من التأثير على الفقراء.
ونوه بأنه إذا كان المحصول المتأثر هو الأرز مثلا كما كان الحال فى الفترة 2007-2008، لكان الوضع مختلفا، لأن معظم الدول الأفريقية فى منطقة أفريقيا جنوب الصحراء لا تستورد الأرز، ولكن الوضع مختلف أيضا فى حالة القمح كما حدث فى عام 2010، حيث تأثرت منطقة شمال أفريقيا ومصر على وجه الخصوص لأنها مستوردة صافية للقمح.
ومن جانبه حذر ديرموت هايز من جامعة ولاية آيوا من أن ارتفاع الأسعار قد يهدد الأمن الغذائى للفقراء، مشيرا إلى أن ذلك يمكن أن يتسبب فى نشوب القلاقل بين المستهلكين الذين كانوا يشهدون ارتفاعا فى مستوى المعيشة، كما يمكن أن يشكل مصدر إزعاج فى الصين، وهى دولة تشهد تزايدا فى الطبقة الوسطى كما تشهد تفاوتا اجتماعيا كبيرا أيضا.
وحذر تورويرو من أن المشكلة الأساسية هى أن إنتاج العالم من المحاصيل لا يتماشى مع تزايد الطلب عليها..وقال: "هناك كثير من النقاش حول ما يجب القيام به وكيفية تحقيق تحسن، ولكن لا شيء يحدث ونحن غير قادرين على تغيير هذا السيناريو"، كما حذر من أن العالم سيظل فى نفس السيناريو إلى أن يتم بذل جهود جادة لتلبية الطلبات المتزايدة.
اقتصاديون أمريكيون يحذرون من ارتفاع أسعار الغذاء عالميا بسبب الحرارة والجفاف
الثلاثاء، 10 يوليو 2012 10:28 ص