صدر الإعلان الدستورى المكمل فى 17/6/2012، وثارت حوله العديد من الانتقادات بشكل غير مفهموم، ونستطيع من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية، أن نحدد هل كنا فى حاجة لإصدار إعلان دستورى مكمل أم لا؟
أولا: من سيكون له سلطة التشريع بعد حل مجلس الشعب؟
ثانيا: أمام من سيحلف الرئيس الجديد، خاصة أن الإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011 كان يلزم رئيس الجمهورية بالحلف أمام مجلس الشعب، والمجلس منحل إذن فما الحل؟
ثالثًا: من سيشكل الجمعية التأسيسية فى حال الحكم ببطلان تشكيلها، خاصة أن الإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011 كان يمنح هذا الحق للأعضاء المنتخبين من مجلسى الشعب والشورى؟
علامات الاستفهام الكثيرة التى تثيرها هذه الأسئلة جعلت من الضرورة بمكان إصدار إعلان دستورى مكمل، وهو من حق المجلس العسكرى باعتبار أنه هو من يملك السلطة التأسيسية.
تثار الآن عدة تساؤلات، وهى ماذا لو لم يحلف الرئيس الجديد أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، وفقًا لنص المادة 30/3 من الإعلان الدستورى المكمل؟ الأمر بمنتهى البساطة أنه لابد على الرئيس المنتخب فى بداية حكمه أن يحترم القانون والدستور، وبما أن الإعلان الدستورى المكمل يعد دستورًا مؤقتا فيجب الالتزام به، وإذا لم يحلف الرئيس المنتخب اليمين أمام الجمعية العامة فلن يستلم سلطاته كرئيس للبلاد، فالقسم هنا واجب لا يمكن الالتفات عنه.
ومن هنا تأتى الإشكالية أن الرئيس الجديد من بين أمرين إما أن يحلف أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، وهو ما يعد التزامًا منه بكافة ما جاء فى هذا الإعلان رغم أنه وحسب تصريحاته يرفض الإعلان بشكل كامل، والأمر الثانى أن يرفض حلف اليمين، وبالتالى يظل الأمر معلقًا، ومن ثم لا يستلم سلطاته كرئيس منتخب للبلاد.
والغريب أن البعض يشكك فى الإعلان الدستورى المكمل ويذهبون إلى أنه يسحب كافة السلطات من الرئيس الجديد، وهذا غير صحيح، فالرئيس يتمتع بالعديد من الصلاحيات المنصوص عليها فى المادة 56 من الإعلان الدستورى، الصادر فى مارس 2011، وهى إقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها.. وتعيين الأعضاء المعينين فى مجلس الشعب. ودعوة مجلسى الشعب والشورى لانعقاد دورته العادية وفضها والدعوة لاجتماع غير عادى وفضه.. وحق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها (وبالمناسبة النص على هذه السلطة بهذا الشكل على إطلاقها دون قيد تحدث نوعًا من التوازن بين السلطات، فالمجلس العسكرى يشرع وللرئيس الحق فى إصدار القوانين أو الاعتراض عليها، ومن ثم عدم إصدارها، ولو كان المجلس العسكرى يريد أن يجعل السلطة كاملة لنفسه لاستصحب نص المادة 113 من دستور 1971، الذى كان يجعل اعتراض رئيس الجمهورية ضعيفًا، حيث إن عدم اعتراض الرئيس على القانون المرسل إليه خلال 30 يومًا من وصول القانون إليه اعتبر قانونا وصدر، وإذا اعترض خلال هذه المدة يعود القانون مرة أخرى لمجلس الشعب، الذى له أن يوافق عليه بأغلبية الثلثين ويصدره دون العرض على رئيس الجمهورية)، وللرئيس كذلك الحق فى تمثيل الدولة فى الداخل والخارج، وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتعتبر جزءاً من النظام القانونى فى الدولة.. وله الحق فى تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفائهم من مناصبهم.. وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم على الوجه المبين فى القانون، واعتماد ممثلى الدول الأجنبية السياسيين، وكذا له الحق فى العفو عن العقوبة أو تخفيفها أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون. فضلا عن كافة السلطات والاختصاصات الأخرى المقررة لرئيس الجمهورية بمقتضى القوانين واللوائح .
وما يثير استغرابى أننا كنا نريد تعديل دستور 1971 لأنه يمنح كافة السلطات لرئيس الدولة حى كانت فلسفته تقوم على السلطة الأبوية لرئيس الدولة، وحينما تتقلص بعض سلطات رئيس الدولة الأن نملأ الدنيا صراخًا وضجيجًا.
كما أن تقيد سلطة الرئيس فى حالة إعلان الحرب بضرورة حصولة على موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمر طبيعى جدا، ففى الدستور الساقط كانت سلطة الرئيس مقيدة أيضًا بضرورة حصوله على موافقة مجلس الشعب، وبما أن مجلس الشعب منحل، فبالتالى يجب الرجوع إلى المجلس العسكرى.
وفيما يتعلق بنص المادة 60 مكرر، والذى نص على أنه "إذا قام مانع يحول دون استكمال الجمعية التأسيسية لعملها شكل المجلس الأعلى للقوات المسلحة خلال أسبوع جمعية تأسيسية جديدة- تمثل أطياف المجتمع – لإعداد مشروع الدستور الجديد خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تشكيلها". .فإنه يعد نص ضرورى، حيث إن هناك العديد من الطعون أمام محكمة القضاء الإدارى لبطلان تشكيل الجمعية، وكان هناك فرض أمام المجلس العسكرى وهو ماذا لو حكمت محكمة القضاء الإدارى ببطلان تشكيل الجمعية فما هو الإجراء الذى سيتخذ لإعادة تشكيلها خاصة مع حل مجلس الشعب؟ لذا كان هذا النص ضرورة ملحة خاصة إذا صدر حكم ببطلان تشكيل الجمعية، وقد قيد المجلس نفسه فى تشكيلها بميعاد معين هو أسبوع من خلال قيام المانع الذى يحول دون استكمال قيامها بعملها، أى سبعة أيام من تاريخ صدور حكم ببطلان تشكيلها لو صدر مثل هذا الحكم، كما قيد نفسه بقيد موضوعى وهو ضرورة أن تمثل الجمعية جميع أطياف المجتمع، وهو أمر جيد وطالما طالبنا به.
نبدأ الآن فى بناء دولة القانون والمظاهرات تملأ ميدان التحرير لإسقاط حكم الدستورية وإلغاء حل البرلمان، كيف يكون ذلك؟ نحن فى دولة أم فى ماذا؟ من الناحية القانونية حكم الدستورية سليم مائة بالمائة، ولا غبار عليه، ولم يتعد طلبات الخصوم، بل إن للمحكمة الدستورية الحق فى أن تتصدى لأى نص فى قانون أو لائحة يتعلق بالنزاع المعروض وتفصل فى مدى دستوريته، وحيث إن المحكمة انتهت فى حكمها إلى انعدام مجلس الشعب منذ تاريخ انتخابه، ومن ثم يكون الحل بحكم اللزوم، وبما أن حكم الدستورية ملزم لكافة سلطات الدولة فيجب على الجميع تنفيذ الحكم واحترامه، وعليه وإذ صدر قرار رئيس المجلس العسكرى بحل المجلس فإن يعد التزامًا منه بأحكام القانون، فالحل ترتب بقوة القانون وبأثر رجعى نفاذا لحكم الدستورية، وما يقال غير ذلك فهو عبث ولا علاقة له بالقانون، فكيف يمكن بعد صدور حكم الدستورية وصدور قرار المجلس بحل مجلس الشعب نفاذا لحكم الدستورية أن يطالب البعض بعودة البرلمان مرة أخرى وعدم الاعتداد بحكم الدستورية، فهذا أشبه بمن مات وتم تكفينه ودفنه ثم يطالب البعض بإزالة الكفن وإخراجه من قبره وعودته للحياة مرة أخرى.
أعتقد أننا بدأنا عصرا جديدا، عصر سيادة القانون واحترام أحكام القضاء، ومن ثم لا يجب أن تستمر هذه المطالبات كثيرا لأنها مطالبات لا تمت للقانون بصلة، وعلى الرئيس المنتخب أن يسعى إلى وقف هذه المطالبات باعتبار أنه القائم على شئون البلاد الآن، وهو الراعى الرئيسى لبناء دولة القانون.
* الخبير فى مجال القانون الجنائى الدولى
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
gemmy
دولة قانون أو غوغاء
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد مختار
عسكر
عسكر عسكر ارحمونا بقى ربنا يرحمكم