هناك كثير من الأمور أو المواقف أو القضايا أو الأحداث اليومية المطروحة على الساحة التى نعيشها أو نقرأ عنها أو نشاهدها، ومن الطبيعى أن تستثير فينا رأيا أو توجها أو حتى نقدا، ومن البديهى أن يكون هناك اختلاف عليها فى الرأى بين الناس وبعضهم، هذا الاختلاف يرجع إلى عوامل متعددة ومتنوعة يوضحها الدكتور محمد أمين المفتى أستاذ المناهج وإستراتيجيات التدريس بكلية التربية بجامعة عين شمس والعميد الأسبق للكلية لعل من أهمها حساسية الحدث أو الموقف بالنسبة لصاحب الرأى، أى إذا ما كان هذا الحدث أو الموقف يمسه أو لا يمسه، يعنيه أو لا يعنيه، بالإضافة إلى ذلك مستوى تعليم وثقافة صاحب الرأى ونشأته المنزلية وتوجهات من قام بتربيته وتعليمه، وما يقرأه ويشاهده ويسمعه بشأن هذا الموقف أو الحدث أو القضية المطروحة على الساحة، وعلاوة على ذلك التوجه الفكرى الذى يقتنع به ويتبناه.
كل هذه العوامل تؤدى إلى اختلاف الأطراف حول ما هو مطروح للمناقشة وإبداء الرأى، وينبغى أن نعبر عن الرأى الذى نقتنع به بشجاعة ووضوح، ونناقشه مع أصحاب الرأى الآخر بمرونة وعقل متفتح وأفق متسع، ومهما نكون مقتنعين برأينا يجب أن نستمع إلى آراء الآخر ين ونحترمها حتى لو كان هناك اختلاف كبير بين رأينا وهذه الآراء، وليكن تدعيم الرأى بقوة الحجج ومنطقيتها وليس بقوة الحناجر وصياحها.
فمثلا إذا كانت القضية المطروحة هى "تأثير التعليم الأجنبى على المتعلم المصرى" فهناك آراء ترفض وجود تعليم أجنبى باعتبار أنه ينتج فئة من خريجيه تشكل ثقافة فرعية أجنبية بكافة عناصرها داخل ثقافتنا، ويكسب المتعلم قيما، وأفكارا، وتوجهات، وسلوكيات غريبة على مجتمعنا، وبالتالى يضعف من انتماء المتعلم المصرى وولائه لوطنه ذلك لأن المناهج الأجنبية التى تدرس تحمل بين ثنايا المعارف مجموعة من القيم والأفكار، والتوجهات، والسلوكيات التى قد تكون غير مقبولة فى مجتمعنا وأنها قد أعدت لمتعلم من ثقافة أخرى وفى مجتمع آخر له أهدافه التى تختلف عن أهداف مجتمعنا، وبالتالى تتشكل فئة داخل مجتمعنا تمثل ثقافة مغايرة لثقافتنا وقد يكون لها تأثيرا سلبيا على من مقدرات الوطن.. هذا رأى
والرأى الآخر يرى أن التعليم فى مجتمعنا لم يحقق الهدف منه، ولم يوفق فى مسايرة التغيرات التى تحدث فى العلم والتكنولوجيا، ولم يوفق فى إعداد النشء لمواجهة عالم متغير، وأن هذا النوع من التعليم يفتح للمتعلم نافذة على العالم المتقدم، وأن خريجى هذا النوع من التعليم يجدون فرصا كثيرة للعمل بينما خريجو تعليمنا يعانون من البطالة.
قد تكون تلك بعض الأسباب التى يدعم بها كل أصحاب رأى وجهة نظرهم، وعلى كل طرف أن يحترم رأى ووجهة نظر الطرف الآخر دون أن يشوب الود بينهما شائبة.
إن الاختلاف ظاهرة صحية ولا يفسد للود قضية، أما الخلاف فهو نقمة وظاهرة غير صحية ويفسد للود جميع قضاياه.
الدكتور محمد أمين المفتى أستاذ المناهج وإستراتيجيات التدريس بكلية التربية بجامعة عين شمس والعميد الأسبق للكلية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة