الشارع المصرى يعيش لحظات مرتبكة وقلقة قرب موعد جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية وما ستسفر عنها النتائج، والسؤال الذى يطرح نفسه، بين الناس كيف نعيش تحت حكم الإخوان؟ خصوصا أن المصريين لا يحبون "التضييق" فالمصرى يعشق الاحتفالات الصاخبة فى مناسباته، يذهب إلى السينما وهو يعيش أصعب الأزمات، يحج، يعتمر، يؤدى فرائضه الدينية، وفى نفس الوقت يجهز جيدا لقضاء إجازاته الصيفية على الشواطئ والمتنزهات، فهل يقبل العيش تحت حكم الإخوان وقوانينهم المتشددة فى حياتهم الاجتماعية، على الرغم من تأكيد مرشحهم للرئاسة أن حياة المصريين لن تتغير، فهل يخلف الإخوان الوعود مرة رابعة أو خامسة.
الشعب يتساءل وما هو موقف الإخوان إزاء حرية الفن والإبداع، هل ستلغى المسارح وحفلات الأوبرا ودور السينما، هل الأفراح المصرية ستقام مثلما يحدث فى غزة وسوريا وفى المجتمع الإخوانى والسلفى قاعات منفصلة لكل من الرجال والسيدات والدف فقط للإشهار.
"اليوم السابع" استطلعت أراء مجموعة من رجال الفكر والفن والمثقفين حتى يستطيعوا وضع تصور عام لحال مصر فى حالة فوز مرشح الإخوان، بداية يقول الكاتب والمخرج محمد العدل: منذ انتخاب مجلس الشعب وهو يعمل بسياسة التضييق على حرية الإبداع، وبالتالى نفس السياسية سيتبعها الدكتور محمد مرسى فى حالة توليه الحكم، ونتوقع حدوث حالة من الهجوم والقمع للفن والفنانين، وقد يصل هذا القمع وهذه السيطرة لدرجة عالية من القيود تصل للقتل كما حدث للمخرج التونسى محمد بن طيب، والذى لقى مصرعه فى تونس قتلا، بعد مصادرة فيلمه الأخير، ويوضح العدل أن موقفه وموقف جميع الفنانين هو أن يتمسكوا بالمقاومة والدفاع عن الفن وحرية الإبداع والتصدى لأى محاولة من التضييق وفرض الهيمنة على السينما والأعمال الفنية بشكل عام، حتى ولو أدى هذا لقتلنا كفانين!
ويشير عبد الجليل الشرنوبى منسق جبهة الإبداع المصرى أنه فيما يخص حكم الإخوان ليست فى أصل الفكرة أى لا يوجد تضاد بين الإسلام والإبداع، لأن ديننا قادر على كفالة كافة الحريات بما فيها الحرية المرتبطة بالفن والإبداع، ولكن المشكلة أن بعض مبادئ الفكر الوهابى أصابت التنظيم الإخوانى فأدت لتراجع الفكرة الإسلامية الأصيلة التى تحرم الحريات وتقدم فى المقابل التحريم قبل التحليل، وفى دولة الإخوان لا نجد الفن عنصر فعال ومؤثر فى مجريات الأحداث لأن طبيعة التنظيم الإخوانى يرى الفن ديكور فى صورة وليس عنصر رئيسى فاعل فيها، ويضيف الشرنوبى أن دور الرقابة فى ظل حكم الإخوان سيكون دور مختلف ويتجاوز حدود الدور النمطى والتقليدى يجعله يتفاعل مع المبدع مباشرة عبر رقابه فوقية ينطلق من ثوابت يراها الإخوان، ومن يتضاد معها عليه أن يتحمل المسئولية، كما أنهم عندما تم مطالبتهم بوضع رؤية وتصور للإبداع لم يكن لديهم طرح واضح لتنمية الحالة الإبداعية، فالأزمة الحقيقية ليس فى علاقة الإسلام بالفن، ولكن المشكلة فى استخدام الفن كأداة يتم تطويعه لخدمة مراحل خاضعة للتنظيم، فلماذا لم يكن هناك مشكلة من وجود بعض الأغانى من موسيقى الراب والتى أعدت لحملة مرسى لماذا لم يتم تحريمها؟
وهذا كله يدفعنا لاستنتاج أن شكل الفنون فى حالة وصول الإخوان للحكم لن يختلف كثيرا عن باقى مجالات الحياة، لقد تفاجأ الإخوان بتداعيات ثورة يناير وما بعدها، والجماعة فى البداية يعتمد منهجها على الإصلاح المتدرج فالثورات والتغير السياسى غير مرتبط بموقف واستراتيجية الجماعة بل مرتبط فقط بالإصلاح القائم على الفرد.
وأكد الشرنوبى أن سياسية الإخوان لا تملك رؤية واضحة المعالم لتنمية الحالة الإبداعية داخل برامجهم والدليل على ذلك عندما أحب البرلمان مناقشة مستقبل حرية الإبداع فى مصر تبادلوا أطراف الحوار مع أستاذ بكلية الإعلام، وهو واحد من جماعة الإخوان أيضا، وكذلك مع مجموعة من الفنانين المعتزلين والذين قضوا الجزء الأخير من حياتهم بعيدا عن الفن.
إذن فالإخوان لم تتحدث مع فنانين حقيقيين أو حتى مع أحد أعضاء جبهة حركة الإبداع، وهذا يعنى أن الجماعة تتعامل مع الفن عن قناعة أن الفن وممارسته حرام شرعا.
لينا الرفاعى عضو مبادرة تشجيع السياحة هى الأخرى قلقة من حكم الإخوان، وتقول أنها متخوفة من الإخوان لأن السياحة سوف تتأثر من القيود التى ستفرض عليها، بداية قد يتم وضع قانون لمنع الاختلاط بين الرجال والسيدات فى الأماكن السياحية، وهذا بدوره سوف يجعل السائح يهرب من المجىء، وخاصة أن كل السائحين حاليا متخوفين من إقامة قيود وهذا جعل بعض السيدات تأتى واضعة على رأسها غطاء خوفا من الإخوان.
ولكن أحمد خضر مرشد سياحى أيضا وعضو اللجنة الشعبية للمرشدين السياحيين اختلف معها فى الرأى لأنه يرى أن السائحين الأجانب أكثر التزاما وحفاظا على تنفيذ قوانين وقيود البلاد التى يذهبون إليها، ويعتقد أن حزب الحرية والعدالة فى حالة تولى مرشحهم للرئاسة سوف يضعون مجموعة من الضوابط والقوانين ولكن التى لا تضر بالسياحة وتحافظ عليها لأنهم كحزب لهم مبادئ وأجندات للتعامل السياسى وليس الدينى، وهذا من شأنه لا يخلق لديه أية تخوف تجاه حكم الإخوان.
وتطرق خضر لبعض المحظورات التى قد يضعها الإخوان ومن أهمها وضع ضوابط على السياحة الشاطئية وفرد قيود على بعض ملابس السائحين، وإن كانت بعض القيود والضوابط العامة التى تفرض سوف ترفع من قيمة وجودة السياحة وينتقى نوعها، وأشار أنه عندما تضع الدولة ضوابط وقواعد عامة فى كافة المجالات سواء على مستوى دخول البلد نفسها أو حتى فرض هذه القيود فى الملابس أو السلوكيات التى يمارسها السائح داخل البلد فهذا بدوره يرفع من قيمة مصر أمام العالم شأنها شأن كل الدول.
وتعليقا على ما قاله الدكتور محمد مرسى بخصوص منع الاختلاط فى المدارس أنه لن يسمح بالاختلاط فى المدارس الثانوية حال فوزه فى الانتخابات الرئاسية، عندما أشار إلى أن التعليم المختلط يمكن قبوله فى المرحلة الابتدائية، ومن الممكن قبوله فى المرحلة الإعدادية ولكن بشرط إقامة فصول للفتيات وأخرى للأولاد، إلا أنه غير مقبول على الإطلاق فى المرحلة الثانوية، فتقول الأستاذة سوسن علام مدير عام بالتعليم ثانوى لا أظن أننا سنترك جماعة الإخوان تعمل بمنتهى الطلاقة والحرية دون أية مقاومة من قبل الشعب، ونحن كمعلمين وعاملين بالتربية والتعليم لن نسمح لهم بالتمادى بأفعال لا تهدف للإصلاح الجذرى فى التعليم المصرى، فالتعليم فى مصر لديه مشاكل وقضايا أهم بكثير من الفصل ومنع الاختلاط بين البنات والبنين، فنحن بحاجة لتطوير المناهج التعليمية والامتحانات ورفع مستوى الطلاب ونجعله يفكر ويستنتج ويخرج العبقرية والميول الداخلية كما أننا لابد أن نعمل على تطوير كوادر المعلمين حتى نؤهل جيلا نشأ على درجة عالية من الثقافة والتعليم.
وتضيف، أن مصر يوجد بها عدد لا بأس به من مدارس الراهبات والتى يعد حجم المسلمين والمسلمات الدارسين بها أكبر بكثير من حجم الأقباط فلا يجوز غلق كل هذه المدارس، وبالنسبة لفكرة الحجب والفصل من الممكن تركها اختيارى لأهالى الطلاب فمن يفضل فصل أبنائه يكون لهم مدارس محددة.
هل يخاف المصريون من "تضييق" الإخوان على حياتهم الاجتماعية؟
الخميس، 14 يونيو 2012 10:04 م
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود
حسبى الله
حسبى الله ونعم الوكيل فيكى وفى امثالك
عدد الردود 0
بواسطة:
على كمال
هل يخاف المصريين
عدد الردود 0
بواسطة:
ahmad hamdy
في انتظار اللجان السلفية والاخوانجية الالكترونية مع تعازينا في مجلسكم الموقر جدا