كشفت جولة سريعة لـ"اليوم السابع" فى شوراع وميادين مدينة يريفان، عاصمة دولة أرمينيا، التى تقع جنوب غربى قارة آسيا، وجود بعض الأشياء الغريبة منها، "حنفيات" لمياه الشرب لا تتوقف على مدار اليوم، وسيارات تاكسى بدلاً من الموتوسيكلات أو الفيزبا المتعارف عليها لخدمة الديلفرى، والأغرب ملاهى ليلية بعنوان "ديسكو إيرانى".
بداية الجولة كانت من ميدان ساحة الجمهورية، الشهير فى قلب العاصمة، والذى يضم بين جنباته مقرات رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية وكبرى الفنادق، فضلاً عن النافورة الراقصة التى تتمايل مع نغمات كبار الموسيقيين فى المساء. رصدنا واحدة من تلك الينابيع التى تندفع فيها المياه عبر صنابير بلا مقابض للغلق أو الفتح، حيث يستمر تدفق الماء على مدار 24 ساعة فى عرض مستمر دون أن ينضب. وشاهدنا تردد أعداد كبيرة من أبناء المدينة والمارة بشكل معتاد للشرب منها، واقتربنا وارتوينا من المياه التى تميزت بعذوبة فائقة وبرودة ونقاء ليس له مثيل إلا فى مياه زمزم المباركة.
وبالسؤال عن مصدر هذه المياه، قال لنا أحد المارة، الذى يجيد الإنجليزية، إنها تأتى من الجبال فى مرتفعات أرمينيا، وتتدفق بشكل طبيعى، حيث تتمتع أرمينيا بمصادر طبيعية من مياه الأمطار والبحيرات، رغم أنها دولة حبيسة.
وعلى مقربة من الميدان، لمحنا لافتة للدعاية لملهى ليلى بعنوان "ديسكو ايرانى"، وعلمنا أن إيرانيين كثيرين يقيمون فى أرمينيا وبعضهم يأتى للسياحة بعيدا عن طهران، كما تنتشر بعض المحال العربية خاصة اللبنانية والسورية بشوارع يريفان. ورصدنا عددا من السيارات بلون الروز قيل إنها سيارات تاكسى للزبائن من النساء وإن كان يقودها الرجال ورأينا سيارات أخرى صغيرة الحجم مطبوع عليها أصناف لأطباق البيتزا ومأكولات متنوعة، وعلمنا أنها خدمة الديلفرى المتعارف عليها بالعاصمة.
واللافت للنظر أن عدد سكان أرمينيا المقيمين بها حوالى 3 ملايين نسمة، فى حين أن ما يقرب من 8 ملايين آخرين يقيمون بالخارج، فيما يعرف بأرمن الشتات، ويمثلون باستثماراتهم ودعمهم ركنا أساسيا فى دعم الاقتصاد الأرمنى، والعملة المحلية هى الدرام، حيث يعادل الدولار الأمريكى حوالى 400 درام. ويشكو بعض السكان من قلة فرص العمل وارتفاع الأسعار لذلك يفكر بعضهم خاصة الشباب فى الهجرة للخارج، وهو ما تحاول الحكومة مواجهته ببرامج للتنمية.
وبعيدا عن ساحة الجمهورية، تجولنا بالسيارة فى شوارع العاصمة مرورا بميدان الحرية أمام الأوبرا، حيث يعشق الأرمن الموسيقى والفنون ويدلل على ذلك إطلاق أسماء الشعراء والموسيقيين على أسماء الشوارع الرئيسية بالمدينة.
وعلى الجانب الآخر من دار الأوبرا، يوجد سوق للحرف اليدوية يملأ حديقة المدينة فى عطلة نهاية الأسبوع، حيث يكتظ بمئات الباعة، وتعتلو الأشكال الخشبية وثمرة الرمان وآلة "الدودوك" الموسيقية قائمة أبرز المنتجات التى يقبل عليها الزوار باعتبارها أحد العلامات المميزة لدولة أرمينيا.
وشهدت أرمينيا نمواً اقتصادياً كبيراً عام 1995، وتراجعت معدلات التضخم، إلا أن مشكلة البطالة تعد من كبرى المشكلات.
ومع استقلال أرمينيا عن الاتحاد السوفيتى عام 1991، اختفى الاستثمار السوفياتى ودعمه للصناعة الأرمينية بشكل كبير، ولم تتعاف البلاد كلياً من آثار الزلزال سبيتاك عام 1988 الذى قتل أكثر من 25,000 شخص وشرد 500,000. كما يضاف إلى ذلك النزاع مع أذربيجان حول إقليم ناجورنو كاراباخ الموجود فى قلب أراضى أذربيجان وتسكنه أغلبية أرمينية، كما أثر إغلاق الحدود التركية الأذربيجانية على اقتصاد أرمينيا لذلك تعتمد على الإمدادات الخارجية من الطاقة وأغلب المواد الخام عبر الطرق البرية مع جورجيا وإيران.
وأثناء جولتنا بالعاصمة لاحظنا على جدار إحدى شركات السياحة غياب الخطوط الجوية المصرية وتأكدنا أنه لا توجد خطوط مباشرة بين القاهرة ويريفان لضعف الجدوى الاقتصادية، بحسب إفادة مسئولين أرمينيين، ويضطر المسافر إلى اتخاذ أحد طريقين غالبا إما إلى موسكو أو فيينا ومنهما إلى يريفان أو القاهرة، مما يضاعف الوقت والجهد، ويتوقع مع زيادة التعاون والاستثمارات بين البلدين أن يتم تدشين خط جوى لخدمة المصالح المشتركة وتنشيط السياحة.
وتلعب السياحة دوراً هاماً فى اقتصاد أرمينيا وتبرز منطقة "تاتيف"، على بعد 250 كيلومتراً من العاصمة، كواحدة من أجمل بقاع الدنيا أو كما يصفها أهل أرمينيا بأنها قطعة من الجنة، حيث أخذنا تليفريك يبلغ طوله حوالى 170 متراً، ويقال إنه الأطول فى العالم وشاهدنا سلاسل الجبال المغطاة بالأشجار الكثيفة وهى تعانق كتل من السحاب فى مشاهد تاخذ الألباب.
وكانت جولتنا الأخيرة إلى بحيرة سيفان الشهيرة، وهى ثانى أكبر بحيرة فى العالم بالنسبة لارتفاعها، حيث تقع عند 1900 متر فوق مستوى سطح البحر، وكان الوصول إليها بجولة بالسيارة عبر الهضاب والمرتفعات وصولا إلى ملامسة السحاب فى قمم الجبال التى تتلالا عليها الثلوج فى مساحات كبيرة لتضفى عليها مزيدا من البريق والسحر.
مصر وأرمينيا
تعد مصر من أولى الدول التى أعلنت اعترافها بدولة أرمينيا عقب الاستقلال، حيث تم التوقيع على اتفاقية إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين فى مارس 1992. وافتتحت البعثة الدبلوماسية الأولى لجمهورية أرمينيا فى الشرق الأوسط وأفريقيا فى القاهرة فى سبتمبر 1992، بينما افتتحت السفارة المصرية فى يريفان فى مايو 1993.
ويحاول الجانبان المصرى والأرمينى زيادة حجم التبادل التجارى فى الوقت الذى يواجه فيه الاقتصاد الأرمينى تحديات كبيرة، حيث يعتمد اقتصاد أرمينيا اعتماداً كبيراً على الاستثمار والدعم من الأرمن فى الخارج. وتوجد أكبر التجمعات الأرمنية خارج أرمينيا فى روسيا وفرنسا وإيران والولايات المتحدة وجورجيا وسوريا ولبنان والأرجنتين وأستراليا وكندا واليونان وقبرص وإسرائيل وبولندا وأوكرانيا وتركيا أيضا.
من عجائب أرمينيا.. الديسكو "إيرانى" وسيارات للديلفرى
الجمعة، 04 مايو 2012 02:25 م
شوارع يريفان
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
ايمن هاشم
تحية
تحية الى كل الارمن المحترمين المؤدبين فى مصر