يوضح الدكتور محمد أمين المفتى أستاذ المناهج واستراتيجيات التدريس بكلية التربية بجامعة عين شمس، والعميد الأسبق للكلية أن تأخر معظم الشباب فى الزواج فى الوقت الحاضر بسبب قلة إمكاناتهم وللتكاليف الباهظة للزواج، يؤدى إلى وجود فارق عمرى كبير نسبيا بين الآباء وأبنائهم، هذا الفارق بدوره يؤدى إلى الفجوة الفكرية والسلوكية بين الآباء والأبناء، فالآباء من جيل والأبناء من جيل آخر.
صحيح أن القيم _ وهى التى توجه السلوك _ لا تتغير من جيل لآخر، ولكن قد تختلف الممارسة، فمثلا فى جيل الآباء تقبيل يد الوالدين هو تعبير عن الاحترام والتقدير، و هذا السلوك لا نراه فى الوقت الحاضر من أبناء اليوم، ولكنهم يعبرون عن تقديرهم للآباء بكلمات التقدير والاحترام، ولكن بعض الآباء لا يزالون يصرون على أن يفعل أبناؤهم معهم مثلما كانوا هم يفعلون مع والديهم،
من هنا يأتى الخلاف، الذى تتكرر صوره عندما يفضل بعض الآباء أن يصحبوا أولادهم أينما يذهبون _ كما كان يفعل بهم _ تعبيرا عن الانتماء للأسرة والمحافظة على روابطها، بينما يرى الأبناء أن فى ذلك تقييدا لحرياتهم وربما عدم الثقة فيهم.
وفى وجه آخر للخلاف، يعتقد بعض الآباء أنه لابد من الاطلاع على كل خصوصيات أبنائهم _ كما كانوا يفعلون مع والديهم_ من منطلق الصراحة والشفافية ويطلبون رأيهم وحل مشكلاتهم ويلتزمون بتنفيذها، بينما يرى أبناء اليوم أن هذا فيه اعتداء على خصوصياتهم ومحو لشخصياتهم.
الأمثلة كثيرة وكلها توضح كيف تبرز وجود فجوة فكرية وسلوكية بين جيل الآباء وجيل الأبناء، التى تتطلب جهدا من الطرفين لتضييقها.
ويشير المفتى إلى أنه ينبغى أولا أن يعى جيل الآباء أن أبناءهم يتعرضون لكثير من المؤثرات التى تجعلهم ينظرون نظرة مختلفة للأشياء والمواقف، لعل من أهم هذه المؤثرات، تعرضهم لمعرفة سلوكيات تمارس فى ثقافات أخرى وذلك من خلال النت، وصفحة الفيس بوك، والتويتر وغيرها، ومشاهدة المسلسلات والأفلام الأجنبية و بعض المسرحيات والأفلام العربية التى تتضمن اتجاهات وسلوكيات غريبة على مجتمعنا، والتشبه بجماعات الرفاق وما إلى ذلك من مؤثرات.
ومن المفضل وربما يكون من الضرورى أن يناقش الآباء أبناءهم بعقلية متفتحة ودون فرض آرائهم مسبقا، ويفسحوا صدورهم لسماع وجهات نظر أبنائهم ويكون الهدف من المناقشة هو الوصول إلى منطقة تتوسط المسافة بين رأى الآباء ورأى الأبناء على أساس من الاقتناع من الطرفين.
كما ننصح الآباء بعدم التمسك بأن يكون أبناؤهم نسخة مطابقة للأصل منهم، فهذا ينافى العقل والمنطق وسمة التغير، وأن يعوا الحكمة العظيمة لعلى بن أبى طالب "لا تخلقوا أبناءكم على خلاقكم فقد خلقوا لزمان غير زمانكم".
وهمسة فى أذن الأبناء أن يعوا أن ليس كل ما يأتى من ثقافات أخرى خيرا وجيدا، وعليهم أن يفكروا تفكيرا ناقدا وينقوا ما يصل إليهم من الشوائب الثقافية التى لا يقبلها مجتمعنا، وألا يصروا على آرائهم لمجرد الشعور بذاتهم، فالمرونة فى المناقشة مطلوبة وتقبل الرأى الآخر من مظاهر التحضر، فربما تكون آراء الآباء مفيدة ونافعة.
لتضييق الفجوة الفكرية بينهما
ضرورة الوصول إلى نقاط التقاء بين فكر الآباء والأبناء
الخميس، 31 مايو 2012 09:55 م
الدكتور محمد أمين المفتى أستاذ المناهج واستراتيجيات التدريس بكلية التربية بجامعة عين شمس
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو الكرم
الدور الخفي
عدد الردود 0
بواسطة:
عادل
التكييف الاسرى