د. محمد صلاح أبو رجب

يا شعب مصر.. الالتزام بالقانون طريقنا للنجاة

الأربعاء، 30 مايو 2012 11:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتظرنا جميعاً الانتخابات الرئاسية باعتبارها الحدث الأعظم فى الفترة الحالية، حيث إنه ولأول مرة يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيسهم تحت إشراف قضائى كامل، وهم يعلمون أن أصواتهم لن يتم التلاعب بها، ولكن سرعان ما تحول هذا الحدث لدى البعض إلى كابوس حينما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية النتيجة بإعادة الانتخابات بين المرشح محمد مرسى والمرشح أحمد شفيق، فقد اعتبروها أسوأ نتيجة، حيث إن أحد المرشحين يمثل فصيلاً معيناً يحاول بشتى الطرق السيطرة على كل شىء فى البلد، والمرشح الآخر يمثل النظام السابق بكل ما به من مساوئ، لذا فمن وجهة نظر هؤلاء أن الاختيار أصبح فى منتهى الصعوبة.

ولم يرتضِ البعض هذه النتيجه، فذهب يشكك فى نزاهة الانتخابات وأنه تم تزويرها، وقد حدث ذلك من بعض القوى السياسية وبعض المرشحين الراسبين، وأفهم ذلك الاتهام حينما يكون من مرشح راسب، حيث إنه يعد من قبيل المبررات لفشله، أما القوى السياسية فحينما تقول بذلك فليس لديه تفسير عندى سوى أنه يعد من قبيل خدمة مصالحها السياسية الخاصة.

وحتى أكون منصفاً فى تقييمى للانتخابات الرئاسية أستطيع أن أجزم أن هذه الانتخابات هى الأنزه فى تاريخ الانتخابات المصرية، فكل من أعطى صوته لمرشح ذهب إليه دون أدنى تلاعب، ومن يمتلك دليل على تزوير الانتخابات فليخرج به على الرأى العام بدلاً من الأحاديث المرسلة غير المستندة على أى دليل.

أما كونها انتخابات حرة من عدمه فهذه تحتاج إلى وجود أدلة تبين تزييف إرادة الناخب من عدمه، وهذا غير متحقق أمامى بشكل يقينى حتى أستطيع إبداء رأيى فى هذا الشأن.

وما يحدث الأن من مظاهرات وأعمال عنف وتخريب وإضرام للحرائق فى بعض المبانى جراء إعلان نتيجة الانتخابات يعد أمراً غير مقبول بالمره، خاصة أننا قمنا بثورة لتصحيح أخطاء الماضى والاتجاه قدما نحو دولة الديمقراطية وسيادة القانون، ولكن من الواضح أننا لم نتغير ونسير على نفس النهج ولكن بمصطلح آخر وهو مصطلح الثورة، والثورة براء من ذلك، فأين احترام القانون فيما يحدث الآن؟

الشعب المصرى له كامل الحرية فى اختيار رئيسه أياً كانت هويته، ولا يجوز مطلقاً لفئة معينه أن تفرض إرادتها على الشعب باسم الثورة، فهل قمنا بالثورة لتحتكر فئة معينه الاختيار والاعتراض دون أدنى اعتبار للرأى الآخر.

يمتلكنى حزن شديد وأنا أرى التخريب والتدمير لهذا البلد من بعض أبنائه، ويؤسفنى أن أقول أن البعض من أبناء هذا البلد لا يعى ولا يفهم معنى الديمقراطية أو الحرية، بل أنها تعنى بالنسبة له الفوضى والهمجية.

ووصلت الهمجية إلى الإقرار بأن التشكيك فى كل شىء أضحى مباحا، والغلط أصبح أمراً عادياً، وتخوين كل من هو أمين شىء طبيعى طالما أن ذلك يخدم مصالح البعض، لكن مصلحة مصر - البلد التى تأوينا - فلتذهب إلى الجحيم!!!

والتساؤل الذى يطاردنى وأنا أرى هذه المظاهرات المصحوبة بأعمال تخريب هو أنه إذا كنا غير موافقين على ما جاء به الصندوق الانتخابى فما الفائدة إذن من إجراء الانتخابات؟ ولنعلن عن اسم الشخص الذى تريده هذه الفئة رئيساً لمصر!!!

وفى هذا المقام أوجه رسالة لجميع طوائف الشعب والقوى السياسية وهى أنه يجب تقبل نتيجة الانتخابات مهما كان اسم رئيس الدولة المنتخب، فهذه هى الديمقراطية التى طالما حالمنا بها، أما ما يحدث الآن من مظاهرات تخريبية، فهو أمر غير مقبول لأن السيادة للشعب وطالما انتخب الشعب رئيس معين يجب احترام هذا الاختيار، لآن ذلك فى الأساس هو احترام للشرعية.

أما عن نبرة التشكيك فى القضاء فهذا مرفوض تماماً، حيث إن إشراف القضاء على الانتخابات جاء بمطلب شعبى، وإذا كان القاضى غير أهل للإشراف على الانتخابات، فهو من باب أولى غير أهل للجلوس على منصة القضاء، وهو أمر غير صحيح ولا يمت للحقيقة بشىء، لذا أهيب بالجميع التزام أدب الحديث عند التحدث عن قضاء مصر.

وما ذكرته فى هذه المقام يدفعنى إلى التساؤل - ونحن على بعد سويعات من صدور الحكم فى قضية قتل المتظاهرين – عن مدى تقبل المجتمع حكم القضاء فى هذه القضية سواء أكان بالإدانة أو البراءة؟ هل سنشاهد أعمال عنف وتخريب؟ وهل ستتزايد نبرة التشكيك فى القضاء؟ أم سيتقبل الجميع حكم المحكمة باعتباره عنوان الحقيقة وأن مجال الاعتراض عليه هو محكمة النقض؟!!.

يحدونى الأمل أن يتقبل الجميع حكم القضاء، وأن يتغير سلوكنا نحو الالتزام بالقانون والبعد عن العنف والتخريب الذى سيلحق الضرر بالمجتمع بأسره.

وفى النهاية أستطيع أن أقول إنه قد اختلطت الأوراق وتلونت الحقائق ولكن هناك حقيقة واحدة لا ينكرها أحد وهى أن هناك حالة فوضى تعيشها مصر طالت كل شىء لكن لا يجب أن تصل هذه الفوضى إلى هدم بلدنا، ويجب مواجهة كل من يخرج عن القانون بكل حزم، فالجميع خاسرون فى هذه المرحلة، وكفى تعامل برفق ولين مع من لا يستحق، حيث قد يترتب على هذا التعامل فى الوقت الراهن سقوط البلد، وحينذاك سنندم جميعاً فى وقت لن يفيد فيه الندم.

* أستاذ القانون بكلية الحقوق – جامعة المنصورة





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة