د. رضا عبد السلام

حيرة المصريين

الأربعاء، 30 مايو 2012 11:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سبق وأن أشرت فى مقال سابق على أننا طالما أعملنا الديمقراطية فعلينا القبول بقواعدها، فالانتخابات وحسبما أفاد الجميع تمت فى أجواء غير مسبوقة على أرض مصر، حيث أبهرنا القاصى والدانى ولكن علينا أن نقر أيضاً بأن ما خلصت إليه الانتخابات من نتائج، وإن أرضى أنصار طرفى الإعادة، إلا أنه مثل صدمة كبرى لشريحة كبيرة، ربما تفوق فى عددها أعداد من صوتوا لمرسى وشفيق، فقد صوت لصباحى وأبو الفتوح – مثلاً – حوالى 10 ملايين ناخب، وهو عدد يقارب عدد من صوتوا لطرفى الإعادة.

فالدكتور مرسى، وجماعة الإخوان تحديداً تشكل بعبعاً بالنسبة لشريحة لا بأس بها فى المجتمع المصرى، خاصة فى ضوء الكثير من الممارسات الخاطئة خلال الأشهر الماضية، والتى لم تعترف الجماعة أو حزبها بالخطأ فيها.

وفى المقابل، فإن نجاح الفريق شفيق مثل صدمة كبرى ومدوية ربما لأغلب فئات الشعب المصرى، وخاصة شريحة المتعلمين والمثقفين والثوريين، فربما كان موسى فى نظر الكثيرين هو الأكثر شعبية حتى أسبوع واحد قبل الانتخابات، فى خلال الأسبوع الذى سبق الانتخابات تغيرت الدفة تماماً، حيث تكثفت حملة شفيق بشكل مذهل، وبإنفاق فاق كل تصور.

فى اعتقادى المتواضع، والذى يحمل الخطأ، أن فلول النظام البائد، المنتشرون فى مختلف ربوع مصر بالآلاف، وجدوا فى شفيق ضالتهم المنشودة وآخر سفينة تقلهم إلى بر الأمان وتنقذهم من مستقبل مظلم ينتظرهم لو انتخب رئيساً يعكس طموحات الثورة.

فهؤلاء حاربوا بكل ما أوتوا من قوة، لتوجيه الناخبين فى المراكز والقرى والنجوع لإثنائهم "بكل السبل" عن التصويت لغير شفيق، شفيق الذى اعتبر مبارك قدوته ومثله الأعلى شكل الحضن الدافئ لرجال مبارك فى كل ربوع مصر، ولهذا لا أكون متجاوزاً فى القول بأن منتزه طره شهد حفلاً صاخبا بنجاح شفيق، كما أن المخلوع استرد عافيته بمجرد سماع خبر نجاح من يعتبره مثله الأعلى!! أرجو أن يصححنى أحد إذا كنت مخطئا فى هذا التخمين!

ولهذا يقف الناس اليوم حائرين ومتوجسين، وخاصة من يسعون للانتقال بمصر إلى مصاف الدول العصرية المتحضرة، فهم متوجسون من سيطرة الإخوان، مدفوعين بماضٍ صوره إعلام النظام على أنه ماضٍ دموى!! كما أن ممارسات الجماعة وحزبها خلال الأشهر الماضية لم ترقِ إلى مستوى طموحات المواطن المصرى، وفى المقابل، يرى المواطن المصرى الطموح فى نجاح شفيق وأد للثورة ودفن لطموحات مصر، إذ من غير المتصور خضوع المخلوع ورجاله لمحاكمات عادلة تشفى غليل شعب مكلوم، ومن غير المتصور عودة الأموال المنهوبة، ومن غير المتصور جمع الفاسدين، وهم بالآلاف ممن انتفخوا وتسمنوا فى العهد البائد من مال حرام... الفكرة أن شريحة لا يمكن الاستهانة بها ترى أن فى انتخاب شفيق إعادة إنتاج لنظام مبارك المعدل!!

فى اعتقادى المتواضع، علينا أن نسلم بأمر مهم، هل نحن نسلم بأن ما عاشته مصر ثورة؟! إذا كنا بحق نعتبرها ثورة، فعلينا أن نعمل قوانين الثورة ومبادئها، لقد قامت الثورة لهدم نظام حط من قدر كل ما هو مصرى، وهبط بمصر وشعبها إلى أسفل سافلين، لقد شاهدت اليوم فى الظهيرة عجوزاً مصرياً يقلب فى القمامة ويأكل منها!! بالطبع الخبر ليس جديداً بالنسبة لك عزيزى القارئ، لكنه استوقفنى وأبكانى، من فعل بنا هذا؟ قال الفاروق ابن الخطاب، لو تعثرت بغلة فى أرض العراق لسئل عنها عمر، فما بالنا بشعب كامل هبط به نظام مبارك على الأصعدة كافة، أبعد كل هذا نعيد إنتاجه أو استنساخه؟!

يعلم القارئ العزيز بعدم انتمائى لأى تيار دينى أو سياسى، وهذه نعمة من الله، لذا علينا أن نقر بأنه لولا الإخوان وشبابها لما واصلت الثورة رحلتها ولا ينكر هذا إلا جاحد أو ظالم لنفسه، نعم...أخطأ الإخوان كثيرا خلال الأشهر الماضية، وهذا أمر عرضت له فى مقالات عديدة، ولكن طالما أن علينا أن نختار، فمنطق العقل هل نعيد استنساخ نظام ثورنا عليه؟ أم نترك الفرصة للإخوان ونتعاون معهم ونضع الشروط لنبدأ رحلة جديدة لبناء مصر؟!

أكرر للقارئ العزيز، هذا مجرد رأى، قد توافقنى وقد تخالفنى فيه، ولكنى أريد أن أواصل معايشة عبق الثورة، لا أريد لزبانية النظام البائد أن يطلوا برؤوسهم من جديد، نريد أن نعمل سوياً لنهضة وبناء مصر، لا نريد لبعبع جديد أن يعاود تخويفنا أو إهانتنا أو تحقيرنا، لقد استرددنا حريتنا وعلينا ألا نفرط فيها، نسأل المولى عز وجل أن يهدينا جميعا إلى صائب القول والعمل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة