أكرم القصاص - علا الشافعي

أيمن نور

الغدر والدم

الخميس، 03 مايو 2012 08:05 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل يمكن أن نتصارع، دون أن يصرع بعضنا البعض؟!

أن نختلف، دون أن نخلف وراء كل خلاف بحورا من الدم، من الجرح والوجع!!

أن نثور، ونغضب برحمة!! فالرحمة هى أرقى وأعظم وأقدس ما يميز البشر من مشاعر.

نريد أن يرحم بعضنا بعضا، أن يعذر بعضنا بعضا، ألا يخون بعضنا بعضا، ألا ينهش بعضنا عرض بعض، بجهل أو بعمد، بقصد أو بغير قصد.

أعظم أيام ثورتنا المجيدة هى الـ 18 يوما الأولى، وأعظم ما شهدته هذه الأيام هو الحب الذى كان يفيض من عيون الجميع للجميع، هى الصدور المفتوحة أمام الرصاص، العامرة بالحب بالعطاء..

يالبهاء الحب فى الله، والوطن.. ويا لقبح الحياة، بغير الحب، فمن يحب الله، لا يملك أن يكره خلقه، فمن تتحجر قلوبهم لا يدخلها نور الإيمان، ومن لا يعرف الإيمان بالله لا يمكن أن يعرف شيئا سواه.

ليس هناك فى الدنيا أبشع من غدر البشر بالبشر، غدر الأصدقاء والأحباء!!

كيف يمكن لك أن تكتشف أن من كانوا حولك ليسوا إلا صورا زيتية ملونة بلا روح، بلا قلب، بلا ضمير بلا وفاء.

فى المشهد الخامس، وعلى لسان «ماكبث»، قال شكسبير فى تفسير للحياة والدنيا وغدر الناس: «ما الحياة إلا ظل يمشى، ممثل مسكين، حكاية يرويها معتوه، حكاية يملؤها الصخب، والعنف، ولا تعنى أى شىء»!!

نعم.. أحيانًا يتملكنى هذا الشعور العبثى ولو للحظات!! خاصة تلك الليالى الطويلة التى أقضيها فى تأمل كتيبة البشر ممن كانوا حولى ومحلا لمحبتى وثقتى.

كتيبة ضخمة ممن عرفتهم وصادفتهم وصادفونى فى رحلة الحياة، منذ الطفولة حتى الآن لم أسمع بعد أن هناك اختراعًا يكشف عن النفوس والنوايا وخبايا وألغاز البشر!!

عرفت عمالقة بينما حقيقتهم أقزام، وعرفت أقزامًا كشفت لى الأيام أنهم عمالقة!!

عرفت صعاليك لهم طباع النبلاء، والفرسان، وعرفت فرسانًا أخلاقهم أخلاق صعاليك ولا يجيدون سوى قنص الفرص والغدر والخيانة والمزايدة وادعاء البطولات الوهمية.

عاصفة من التأمل فجرتها سنوات المحن والظلم، لم يكن معيارى فيها هو من وقف معى، ومن وقف ضدى؟ فهذا ترف ليس لمثلى أن يطلبه، بل أكتفى باعتبار من لم يقف ضدى، هو أخلص المخلصين!! وأشجع الفرسان ومن لم يغدر بى هو أوفى الأوفياء!! معيارى فى الفرز والتأمل هو من لم يدعِّ أنه فعل هذا ويتاجر به!!

الإنسان فى لحظات المحنة يشعر بحاجته للأوفياء وللصديق، والصداقة التى لا تنفصل عن الصدق فى اللفظ والمعنى، والإحساس، والاهتمام الذى يأتى بغير استدعاء ويحضر حينما يغيب الآخرون، وليس العكس!!

الغدر والكذب هو «صباع» الديناميت الوحيد القادر على نسف المشاعر، وتقويض أركانها، فلا أعرف سببًا حملنى يوماً لعدم التسامح غير القسوة والغدر والكذب أو الوفاء الشكلى الذى يخفى فى حقيقته جريمة الخيانة العظمى!!

حقّا ليس أقسى على نفس الإنسان من خيبة ظنه فى حبيب أو ابن أو صديق!

وأحمد الله الذى أبدلنى فى محنتى الغدر بالصبر، ليعوضنى ويملأ بصبرى قلبى الفارغ الذى لم يحمل يومًا لأحد غير الحب والإخلاص والعطاء.

لم أتصور يوماً أن أصدقاء «الرغد» أبطال مغاوير، لكنى فقط كنت أحسبهم بشرًا، لا صورًا ملونة!! يملؤها الصخب، ولا تعنى شيئًا كما قال شكسبير!!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

عبد الرحمن النوبي

ان من حولك هم حولك

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة