توقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ألا تنهى الانتخابات الرئاسية فى مصر حالة عدم الاستقرار التى تشهدها البلاد منذ الإطاحة بمبارك، وقال المعهد فى تقرير لخبير شئون مصر به إريك ترايجر، إن واشنطن ليست لها قدرة كبيرة على التأثير على نتائج الانتخابات التى يبدو فيها أن أغلب المرشحين عازفون عن الحفاظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة، لكن بإمكانها أن تشجع الجيش المصرى على التقليل من احتمال اندلاع ثورة ثانية.
ويرى التقرير أنه على الرغم من الانفتاح النسبى لأول انتخابات رئاسية بعد مبارك، وعدم القدرة على التنبؤ بالنتائج، إلا أن النتيجة من المحتمل أن ترسخ اتجاهين مقلقين: الأول هو أن تهيمن إيديولوجيات متطرفة على السياسة المصرية بشكل متزايد وتدفع البلاد نحو اتجاه ثيوقراطى معادى للغرب، والثانى أن مصر ربما تصبح غير مستقرة سياسيا بشكل أكبر مع الصراع الذى سيخوضه الرئيس الجديد ضد مراكز القوى الأخرى، ومنها الجيش، والبرلمان الذى يهيمن عليه الإسلاميون.
ويمضى التقرير فى القول إنه حتى لو كانت الانتخابات نزيهة وذات مصداقية، إلا أنها لن تعيد الاستقرار السياسى للبلاد، فصلاحيات الرئيس الجديد غير محددة فى ظل غياب الدستور الجديد، ومن ثم فإنه سيصارع على السلطة ضد البرلمان والمجلس العسكرى. وحتى لو تم انتخاب شخصية عسكرية مثل أحمد شفيق، فلا يوجد آلية تجبر المجلس العسكرى على الاستجابة له، وبذلك ربما يظل الجيش مستقلا فى المستقبل القريب، ويتدخل فى السياسة عندما يخشى من أن مصالحه تواجه تهديدا.
وقد بدأ المجلس العسكرى يتصرف على هذا النحو بالفعل، مع التنويه عن إعلان دستورى مكمل يسمح للمجلس بالاحتفاظ بسلطات مطلقة فى مراجعة شئونه الداخلية بما فيها الميزانية، كما أنه يوسع من نطاق صلاحيات الرئيس بما فيها سلطة حل البرلمان، وجاء ذلك بعد شائعات بأن المجلس يحاول حل البرلمان بأمر محكمة، وهو احتمال من شأنه أن يشعل مواجهة حادة بين الجيش والإسلاميين.
ويتوقع التقرير أن الانتخابات لن تنهى أيضا انزلاق مصر نحو الإفلاس، فرغم زيادة الاحتياطى الأجنبى الطفيفة فى الشهر الماضى، إلا أنه كان قد شهد تراجعا كبيرا فى فترة ما بعد الثورة، ويقف الآن عند 15.2 مليار دولار، ومزيد من التراجع يهدد دعم الغذاء والذى من شأنه أن يؤدى إلى فوضى غير مسبوقة بالنظر إلى أن حوالى 40% من المصريين يعيشون تحت خط الفقر.
وعن موقف واشنطن من الانتخابات، قال التقرير إنه لا يوجد حيز كبير للتفاؤل بالانتخابات فى الولايات المتحدة على الرغم من أنها تعد بداية للمرحلة المقبلة من الانتقال فى مصر، وأضاف أن أغلب المرشحين البارزين يبدون عازفين عن الحفاظ على علاقات قوية مع الولايات المتحدة، وهناك إمكانية حدوث تدهور فى اتفاقية كامب ديفيد التى تمثل عنصرا أساسيا للسياسة الأمريكية فى المنطقة على مدار العقود الثلاثة الماضية، وربما الأكثر إثارة للقلق هو أن الانتخابات لن نؤدى إلا حل عدم الاستقرار السياسى المستمر، بل ربما تفاقم منه بالنظر على عدم تحديد صلاحيات الرئيس دستوريا.
وللأسف، يتابع التقرير، فإن واشنطن ليس لديها قدرة كبيرة على التأثير على النتيجة، وبالتالى فإن إدارة باراك أوباما كانت حكيمة فى عدم الإعلان عن تأييد مرشح محدد، بل يمكنها ويجب عليها أن تؤثر فى مدى ما ستفرزه الانتخابات من مزيد من عدم الاستقرار، وبشكل محدد، يجب أن تستخدم الإدارة اتصالاتها المستمرة مع قادة الجيش للإصرار على أن يجرى التصويت بنزاهة، فالإخوان المسلمون يتهمون المجلس العسكرى منذ نهاية مارس بمحاولة التلاعب بالانتخابات، وأدت القيود المفروضة على المراقبين للانتخابات إلى إشعال مزيد من هذه المخاوف. والاعتقاد بأن شفيق يحظى بدعم الجيش ربما يؤدى إلى موقف معقد لو وصل إلى الإعادة.
ودعا المعهد واشنطن إلى الضغط على المجلس العسكرى لاتباع عملية دستورية ذات مصداقية بدلا من إصدار إملاءات تكرس لدور بارز للجيش. وإلا فإن الجيش سيمهد بذلك لجولة جديدة من الاحتجاجات الجماهيرية التى ستعرقل بشدة الجهود المبذولة لاستعادة الأمن الداخلى ومواجهة الموقف الاقتصادى المتفاقم على نحو متزايد.
وخلص التقرير فى النهاية إلى القول إنه نظرا للمصالح الأمريكية فى إرساء الاستقرار الإقليمى، فإن احتمالات حدوث فوضى بعد الانتخابات يجب أن تكون مقلقة بشدة للساسة الأمريكيين، ويجب أن تستخدم واشنطن المعونة العسكرية السنوية كوسيلة للنفوذ وتشجع المجلس العسكرى على إدارة المرحلة القادمة وهو يضع عينه نصب العمل من أجل الحد من احتمال اندلاع ثورة ثانية، التى يمكن أن يلعب فيها الإسلاميون دورا بارزا.
معهد واشنطن: الانتخابات لن تنهى حالة عدم الاستقرار.. لا يوجد تفاؤل كبير فى الولايات المتحدة.. وإدارة أوباما كانت حكيمة فى عدم تأييد مرشح محدد..ووصول شفيق إلى جولة الإعادة يزيد الموقف تعقيدا
الخميس، 24 مايو 2012 10:42 ص