يعمل فى مهنة قد تكون غريبة علينا جميعًا، تعتمد على إحياء التراث المصرى الأصيل، إنه محمد خليل، صاحب أكبر ورشة لإحياء التراث المصرى الأصيل للمشغولات الفضية.
وإذا كان الذهب يعشقه الكثير من الناس ولابد أن تلبسه العروس فى أى مكان فى العالم فإن الفضة لها عشاقها الذين يزدادون يومًا بعد يوم ليس فقط لرخص هذه المشغولات الفضية ولكن أيضًا لروعتها وجمالها، وتكتسب الفضة المصرية جمالاً أكثر بالنقوش التى ترسم عليها وقد عرفت الفضة منذ القدم، وقد ذكرت فى القرآن الكريم شأنها شأن الذهب، ولكن ربما لم نلتفت إليها إلا عندما ارتفع سعر الذهب وأصبحت ورش الفضة تهتم اهتمامًا بالغًا بالنقوش الجميلة التى يتم نقشها عليها لتأخذ لمسة التراث القديم، فقد تشعرك بروعة الماضى وجماله.
ومحمد خليل هو أحد أشهر صائغى الفضة فى مصر ويقول إن عائلته كلها كانت تعمل فى هذا المجال، إلا أنه لم يكن يرغب فى العمل فيه إلا بعد أن شاهد بنفسه أحد عمداء كلية الفنون الجميلة والذى قام بصنع خاتم من ماسورة مياه، حيث استطاع تحويل الجماد إلى جمال، ومن يومها قرر أن يعمل فى مهنة تصنيع الفضة، وجميع من يعملون معه فى الورشة لا يحملون شهادات لأن النقوش الفضية أو أى مهنة أخرى لا تتطلب أن يحمل الشخص شهادة، وإنما يعتمدون على موهبتهم.
ويقول إنه يقوم بعمل التصميمات المصرية القديمة المنقرضة، ويقوم بتقليدها للحفاظ على التراث، وقد تميز عن غيره بالنقوش الفضية القديمة نظرًا لأن كل ما تحمله السوق المصرية عبارة عن فضة صينية بعد أن توقفت إيطاليا عن تصدير المشغولات الفضية إلى مصر فأصبحت معظم المشغولات الفضية صينية.
وقد اعتمد محمد خليل فى تصميم الفضيات على التراث المصرى القديم ويكتب عليها إما أقوالاً مأثورة وإما شعرًا وإما آيات قرآنية مع إضافة بعض اللمسات العصرية بحيث يشعر الشخص بأن هذه المشغولات قديمة بالفعل.
ويقول: دائمًا أحاول الذهاب إلى المتاحف وأشاهد مشغولات الملوك وكذلك من خلال النت ومصادر أخرى كثيرة حتى أحتفظ بالطابع المصرى الأصيل.
ويشير إلى أن التراث المصرى زاخر بأشياء كثيرة، فتراث الفلاحات والصعيديات والمشغولات التى كُن يرتدينها من أبرع المشغولات التى نعتمد على تقليدها كالخلخال والأساور الفنية المنقوشة والتى يتهافت عليها عِليَةُ القوم من المصريين والعرب والأجانب أيضًا.
والفلاحة المصرية القديمة كانت تعتقد فى بعض الخرافات، واستخدمت الفضة للتعبير عن هذه الثقافة، فقد اعتقدت أن ارتداءها مثل هذه الفضيات التى تلبسها يمنع عنها الصداع مثلاً بارتداء "ما شاء الله" فى منديل الرأس، وعدم الإنجاب له تعويذة أخرى من الفضة، وكذلك الزواج والنزيف وجلب الحظ.
كل هذه الأمور كانت تستحوذ على عقول الفلاحين والصعايدة البسطاء من ثقافة خرافية ليس لها أى أساس من الصحة، ولكنهم يتباركون بها، وتخصص أشخاص فى صنع هذه الأشياء، وشيئًا فشيئًا بدأت تندثر هذه الخرافات، ولكن تبقى النقوش الفضية التى كانوا يعتمدون عليها كأحد رموز التراث المصرى القديم.
ويلجأ الكثيرون من الأجانب والعرب إلى اقتناء مثل هذه المشغولات، بل يطلبون كتابة بعض أبيات الشعر أو الآيات القرآنية، وخلال وجودنا بالورشة شاهدنا "تعليقة" لسلسلة وخاتم طلبت إحدى الفتيات صناعتهما لها وكتابة أحد أبيات الشعر عليهما، وقد اختارت هذه الأبيات من أحد الأعمدة الموجودة حتى الآن فى إسبانيا للأميرة الأندلسية ولادة بنت المستكفى، وتم نقش هذين البيتين عليهما:
أغار عليك من عينى ومنى
ومنك ومن زمانك والمكان
ولو أنى خبأتك فى جفونى
إلى يوم القيامة ما كفانى
وعندما سألناه عن أهم المشغولات التى قام بصناعتها أجاب بأنه قام بعمل خاتم لجاكلين كندى قامت بشرائه بأربعة جنيهات فقط من سنوات طويلة وقد صمم الرسالة الفضية التى قدمها الرئيس السادات إلى الرئيس جيمى كارتر، والتى كانت رسالة شكر من الشعب المصرى، حيث قام بصناعتها من الفضة، وكانت على شكل رسائل العصور القديمة.
ويقول إنه يرغب فى إنشاء مدارس لتعليم فن التراث المصرى القديم من خلال عمل المشغولات الفضية والنحاسية، ويأمل أن يفتح مدارس لتعليم الشباب الحرف اليدوية لنقش الفضة.
ويرى أن أفضل المشغولات الفضية المصرية فضة الصعيد الجميلة.
محمد خليل أشهر صائغ.. صمم رسالة شكر للرئيس كارتر من الفضة
الأحد، 20 مايو 2012 02:50 ص
مهنة صائغ الفضة تعتمد إحياء التراث المصرى الأصيل
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة