"11 عاماً" هو عدد السنوات التى قضاها فى عمله كمحصل بهيئة النقل العام قبل أن تنقلب حياته رأساً على عقب ليستقر به الحال، جالساً أمام غرفة متواضعة لا تتعدى مساحتها عدة أمتار فى مدخل إحدى البنايات التى يحرسها "محمد" بميدان "سفنكس" وسط أطفاله، الذين يعولهم وحده بمرتب شهرى هزيل، بعد أن فشلت كل محاولاته فى العودة إلى عمله الذى فقده تعسفاً منذ عدة أعوام بدون أسباب واضحة "وكل ذنبه أنه خد إجازة!".
"محمد إبراهيم نافع" 49 عاماً، هو الموظف البسيط الذى تغيرت حياته بعد فصله من عمله، بدأت المأساة عندما تقدم بطلب للحصول على إجازة مرضية، نظراً للظروف الصحية التى عانت منها زوجته بعد أن اشتد عليها المرض فبقت طريحة الفراش حتى توفاها الله بعد صراع مع "الفشل الكلوى"، ليجد "محمد" نفسه بعدها مطروداً من عمله دون سبب واضح بالرغم من تلقيه خطاباً من الهيئة لقطع الإجازة والعودة لاستلام العمل بتاريخ 12/4/2003، وعندما توجه للهيئة بعد استلامه للخطاب رفض مسئول الجراج دخوله قائلاً "امشى من هنا أنت اتفصلت".
"بقالى 9 سنين بلف عشان أعرف فصلونى ليه، ومش عارف أرجع شغلى" هكذا بدأ "محمد" حديثه لـ"اليوم السابع" من أمام غرفته الصغيرة فى مدخل البناية، ويحكى "محمد" مأساته لـ"اليوم السابع" قائلاً: أنا خدت إجازة عشان مراتى كانت تعبانة، ولما رجعت الشغل لقيتهم فصلونى، مش عارف ليه، ومن ساعتها وأنا بلف فى كل حتة، عشان أرجع الشغل مفيش فايدة"
يكمل "محمد": مراتى ماتت وسابتلى العيال اللى مش لاقى أكلهم بمرتب "البواب"، ودلوقتى زمايلى بيقبضوا مرتبات كويسة أوى، وكمان لا خدت مستحقاتى ولا التأمين ولا طلعلى جواب فصل.. ودفعونى 500 جنيه غرامة".
"محمد" الذى فصل تعسفاً بالرغم من إخلاصه فى العمل، حرر محضرا بوقعة طرده، دون جدوى، ليستمر بعدها فى محاولات مستمرة طوال تسعة سنوات، قضاها فى تقديم طلبات وشكاوى للمسئولين، بدأها بشكوى فى مكتب العمل، ثم بتظلم للمهندس "نبيل المازنى" رئيس مجلس الإدارة السابق، أعاد تقديمه لـ"منى عبد الحميد" رئيسة مجلس إدارة هيئة النقل العام حالياً، التى وافقت على النظر فى التظلم، حتى انتهى به الحال فى أدراج مكاتب "شئون العاملين" بالهيئة، ويبقى الوضع كما هو عليه حتى تتوفر الدرجة!.
"آخر حاجة قالوهالى لما يمشى حد هنحطك مكانه، ومش عارف هفضل على الحال ده لحد إمتى" هكذا أنهى "محمد" حديثه لـ"اليوم السابع" وهو مازال فى حالة الانتظار التى طالت لما يزيد عن تسعة أعوام عاش فيها "محمد" وأطفاله "على باب الله" فى انتظار نظرة اهتمام.
"محمد" من موظف بهيئة النقل العام لـ"بواب" على باب الله
الخميس، 17 مايو 2012 01:39 م