منذ أن بدأت الثورة ويعتصم المتظاهرون فى التحرير، طلبا للحرية والعيش والعدالة الاجتماعية حتى إسقاط النظام ومرورا بمحاكمة رموز النظام، ويسقط حكم العسكر، والاعتراض على قتل وسحل المتظاهرين، ومؤخرا كانت الكلمة لأولاد أبو إسماعيل لإعادته لسباق الانتخابات، وفى كل هذه الأحداث كان الرجل العجوز محمد حسن عثمان متواجدا ولم يبرح مكانه فى الميدان وأمامه مجموعة من الأوراق والشكاوى، حتى حينما غادر الجميع الميدان، ظل هو هناك يقف أمام أوراقه وطلباته، وأصبح معلما من معالم الميدان يأتى إليه الشباب مع كل زيارة للمكان.
محمد ذهب للميدان بعد موقعة الجمل ولم يغادره من وقتها لأنه بكل بساطة لا يملك منزلا منذ 2006 بعدما قرر أصحاب منزله الذى حصل عليه بالإيجار القديم هدمه للتخلص منه، وهو الحادث الذى تركه فى الشارع مع حصيرة بلاستيكية وتسبب فى وفاة زوجته وتشريد ابنته ليتحول الميدان إلى منزله ويقول، "فى البداية كنت أطالب بإسقاط النظام الذى تسبب فى حالى ثم أصبحت أطالب بمحاكمته، والآن أتمنى أن أحصل على شقة، ولن أغادر الميدان حتى أحصل على هذا الطلب العادل".
ما بين طريق مصر وطنطا قضى سنوات عمره التى تعددت الخمسين عاما ليجمع لابنته الوحيدة وزوجته قوت يومهم تحت سقف منزلهم المتواضع فى منطقة أبو النمرس الفقيرة، وعلى مدار السنوات الثلاثين التى قضاها فى هذا المنزل المتواضع لم يشكوا من كبت الحياة بل كانت تجمعه السعادة، خصوصا بعد أن استطاع تحقيق حلم ابنته والتحاقها بكلية الإعلام.
الأسطى محمد حسن عثمان سائق سيارة بيجو كافح ليحصل على منزل بسيط يتزوج فيه كان وقتها بالنسبة له خطوة نحو سعادة ظن أنها لن تنتهى قبل أن يقوم جشع أصحاب المنزل بهدم كل هذا أمام عينيه ليحولوا حياته بالكامل إلى جحيم.
"قاموا بإحضار جرار بشوكة ليرفع سقف المنزل ويساويه بالأرض على كل ما نملك"، هكذا تذكر محمد الذى أكل الزمان وأرصفة الشوارع من جسده ما حدث، فالهدم فى حياته لم يكن رمزيا بعد أن كانت وسيلة صاحبة المنزل الذى يعيش فيه للتخلص منه والحصول على الأرض هى بيعها لمحامى معروف فى المنطقة ليقوم بدوره بهدم المنزل وتحويله إلى كومة من التراب عام 2004 كما ذكر لنا محمد.
زوجة الحاج محمد لم تستطع التحمل كثير بعد أن تركت منزلها وتوفيت من المنزل بعامين، فيما أصرت ابنته أسماء على تحقيق حلم والدها والتحقت بالدراسة التى حلمت بها فى التعليم المفتوح ليعيش الرجل الذى كان ينعم بحياة مستقرة، على الرغم من بساطتها طوال هذه الأعوام يتنقل من شارع إلى الآخر حاملا حصيرة لينام عليها وبعض أوراق القضايا التى يلاحق بها صاحبة المنزل والحى طوال الثمانية أعوام الماضية دون كلل أو ملل حتى استقر الحال به مؤخرا فى ميدان التحرير، حيث التقطته اليوم السابع ويقول، "لقد تغيرت حياتى بالكامل من سائق يملك عمله وأسرته المستقرة إلى شخص يجوب الشوارع حاملا حصيرة ينام عليها ولا يستطع أن يرى ابنته التى أصبحت تعيش مع أهل والدتها".
وكل ما أطلبة الآن هو منزل يجمعنى مع ابنتى، وبينما يتذكر موت زوجته بعد الحسرة على الحال الذى تبدل دون أى مقدمات أو مبررات وعلى حصيرته المعتادة فى إحدى خيام ميدان التحرير التى يسعى قلبها العشرات تساءل محمد "هل ما نطلبه كثير؟".
"محمد" أقدم معتصم فى التحرير لحين الحصول على شقة
الأحد، 29 أبريل 2012 01:03 م
أقدم معتصم فى التحرير
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مهندس/ أحمد أبوغزالة
هو ده اللى يستاهل لقب متظاهر سلمي ثائر وصاحب قضية وحق بالفعل
عدد الردود 0
بواسطة:
راتب عمر راتب_المنيا ملوى _الشيخ حسين
الى المسولين الاحرار