وقفوا متحلقين فى دائرة ضخمة احتلت منتصف الميدان، تناثرت حولها المنصات المختلفة التى أعلنت كل منها عن رأى مخالف لرأى المنصة المجاورة، وتفنن الجميع فى أن يعلو صوته على الآخر، وهو ما أثار دهشة المارة من حولهم كلما اقتربوا من الدائرة التى لا يخرج منها سوى صوت واحد لحامل العلم الصغير، الذى يدور على أعضاء الدائرة بالترتيب، ليبدأ حامله فى الحديث ثم يصمت بانتقاله إلى من يليه فى نظام، لفت نظر الجميع ممن انضموا "لدائرة الميدان".
"دايرتنا دايرة الميدان، فيها كل الناس بتسمع بعض" هكذا بدأ "محمد سعيد" أحد الشباب الذين وقفوا وسط الدائرة لـ"اليوم السابع"، ويكمل "هنا ممكن نتكلم فى أى حاجة من غير خناق عشان دايرة الميدان بتجمعنا كلنا".
ويقول "محمد سعيد" صاحب فكرة "دائرة الميدان": فكرة دائرة الميدان بدأت منذ عدة أشهر أثناء أحداث شارع "محمد محمود" عندما ازدادت حدة النقاشات بين الناس فى الميدان، وكانت النتيجة هى الشجار فى أغلب المواقف دون السماح للآخر بعرض وجهة نظره، حتى وصل الأمر إلى الاتهام بالتخوين والعمالة، بل وتجاوز ذلك إلى السباب وربما التشابك بالأيدى، وهو ما يخالف أخلاقيات الميدان التى تعلمناها فى الثمانية عشر يوماً الأولى للثورة.
ويكمل "محمد": قررت مع مجموعة من أصدقائى، إعادة "دائرة الميدان" التى اشتهرت أثناء اعتصامنا الأول عندما انتشرت وقتها الدوائر التى تضم جميع الطوائف التى اجتمعت فى الميدان على هدف واحد، بالرغم من اختلافهم، وهو ما افتقدناه الآن، ومن هنا بدأنا فى تنظيم ورش عمل تحت شعار "يلا نسمع بعض"، على أن تضم كل دائرة 5 من الليبراليين و5 من الإخوان المسلمين، و5 أشخاص آخرين من السلفيين وغيرهم من الطوائف، وكانت نتيجة الحلقات النقاشية مفاجئة عندما أبدى الجميع الرغبة فى الحديث والوصول إلى حل لكل نزاع بشكل سلمى وبدون عصبية.
"دايرة الميدان مكانها الميدان، عشان كده هنتجمع فى الميدان كل أسبوع، وهدفنا الميدان كله يتحول لدواير" يقول محمد ثم يتوقف عن الحديث ليعود للدائرة بعد أن نبهه باقى الأعضاء لدوره فى حمل العلم، فيبدأ دوره فى الحديث بشكل هادئ حول موضوع النقاش، وهو "انتخابات الرئاسة"، وسط تجمهر الناس حول الدائرة التى انفصلت عما خارجها من صخب وسادت داخلها "روح الميدان".
فاعليات "دائرة الميدان"
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة