أثار دخول اللواء عمر سليمان سباق الانتخابات الرئاسية، ثم استبعاده، جدلاً لم ينتهِ، خصوصًا فى ظل حالة العداء الواضحة وحرب التصريحات بينه وبين "الإخوان المسلمين"، وبغض النظر عن أسباب وخفايا ترشح سليمان، والجدل حول علاقة ذلك بالإخوان والمجلس العسكرى من عدمه، فإن ترشح عمر سليمان وظهوره للساحة، وما تلاها من صدامه مع الإخوان، أثمر فوائد وإيجابيات كثيرة لصالح الثورة، لعل أبرزها ما يلى:
1 ـ التأثير بالسلب على رموز النظام السابق:
على الرغم من أن استمرار عمر سليمان فى السباق، كان سيقدم لنا خدمة كبيرة، بتفتيت الكتلة التصويتية الداعمة للنظام السابق، ومن ثم خسارتهم جميعًا فى حالة حدوث انتخابات نزيهة، ولكن حتى بعد أن تم استبعاده، فإن مجرد ظهور عمر سليمان، أثر على كل من عمرو موسى وأحمد شفيق، ولفت الأنظار إليهما بشدة باعتبارهما يمثلان مع سليمان رموز نظام أسقطت شرعيته الثورة، ومن ثم، فإن اختيار أى منهما بمثابة انقلاب على الثورة، صحيح أنه حتى قبل ترشح سليمان كان هذا الكلام مثارا، لكن بعد الترشح أصبحت الأمور أكثر حدة إزاء كل مرشحى النظام السابق، وهو ما سيتضح أكثر من خلال الفوائد الست الأخرى.
2 ـ زيادة الشعور بأهمية عزل رموز النظام السابق:
أحدث ترشح عمر سليمان هزة كبيرة فى الأوساط السياسية، وكشف جريمة الصمت تجاه المرشحين المحسوبين على النظام السابق، ففى الوقت الذى كانت هناك مطالبات بمحاكمتهم وفقًا للقانون وبمحاكمات عادلة، وفى الوقت الذى ترددنا فيه وانقسمنا إزاء تنفيذ قانون العزل السياسى أو الغدر السياسى، بدعوى أنه يتناقض مع مبادىء الثورة التى جاءت من أجل العدل والحرية والمساواة وليس من أجل الإقصاء، كشف ترشح سليمان عن رغبة النظام السابق فى الانقلاب على الثورة وإعادة إنتاج النظام القديم، وأكد أن أى تهاون مع رموز النظام السابق وكوادره فى المستويات العليا، يعنى قيام هؤلاء بتنظيم أنفسهم والانقضاض على الثورة، وهو ما دعم من المطالبات بضرورة عزل رموز النظام السابق وتفعيل القوانين التى تحقق هذا الهدف.
3 ـ الالتفات لاحتمالية التزوير:
قبل ترشح عمر سليمان، لم يكن هناك حديث جاد بشأن التزوير، وحتى هؤلاء الذين كانوا ينتقدون المادة 28 الخاصة بحصانة قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية، كانوا يتحدثون عن التزوير على استحياء، خاصة أن الانتخابات البرلمانية جاءت فى مجملها بعيدة عن التزوير الذى اعتدنا عليه فى الانتخابات السابقة.
ولكن بعد ترشح سليمان تغير الموقف تماما، وظهرت مخاوف لا حدود لها من احتمالية التزوير، وحتى بعد استبعاده من السباق، استمرت الهواجس فى أن يكون هناك اتجاه لدعم مرشح بعينه، وهو ما جعل كل القوى على الساحة تنتبه لأهمية مراقبة الانتخابات مراقبة حقيقية، حتى لا تحدث أى تجاوزات لصالح أى مرشح أيا كان.
4 ـ كشف المتلونين:
كشف ترشح عمر سليمان الأقنعة وأزال المنطقة الوسطى التى كان يحلو للبعض، وخاصة بعض الإعلاميين غير المؤمنين بالثورة، أن يقفوا فيها، بإعلان إيمانهم بالثورة والتحفظ على ما بعدها، فمع ترشح نائب مبارك أصبح لزامًا على الجميع إما إعلان دعمهم للثورة فى مواجهة الخطر الذى يهددها وإما إعلان ما فى نفوسهم بتلميع أبرز مرشحى النظام السابق والدفاع عنه، وظهرت بالفعل الحقيقة جلية هذه المرة، فى ترويجهم للرئيس المنتظر، وانتقادهم الذى وصل إلى حد الشماتة فى الثوار والإخوان.
5 ـ تماسك الإخوان:
على الرغم من الهزة التى تعرضت لها مصداقية جماعة الإخوان المسلمين عقب دفعها بالمناضل والقيادى البارز خيرت الشاطر، خلافًا لما التزمت به الجماعة، فإن ترشح السيد عمر سليمان أدى إلى التخفيف من تداعيات قرار الإخوان، على اعتبار أن الدفع بالشاطر فى هذه الحالة له مغزاه المنطقى، أمام الرأى العام، كما قلل ترشح سليمان من حالة الانقسام حول القرار ـ داخل الجماعة ـ بل ووحد من أعضاء الجماعة الذين باتت الغالبية منهم مقتنعة، حتى بعد استبعاد الشاطر وسليمان، بحتمية دعمهم لمرشح ـ حتى لو كان من خارج الجماعةـ فى مواجهة خطر مرشحى النظام السابق.
6 ـ جرس إنذار للهوة التى تتسع بين رفاق الميدان:
أظهر ترشح عمر سليمان حالة الاحتقان الشديدة لدى بعض القوى الليبرالية تجاه جماعة الإخوان والإسلاميين عموما، إذ رفضت تلك القوى المشاركة مع الإسلاميين فى مليونية 13 أبريل ضد عمر سليمان ومرشحى النظام السابق، ليس تأييدا لهؤلاء المرشحين، ولكن نكاية فى كل من تركوهم يواجهون العسكر وحدهم فى أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء.
وكان الأمر الأكثر خطورة هو تزايد فريق فى صفوف الليبراليين يرى مؤيدوه أنه إذا حدثت إعادة بين أحد المنتمين للتيار الإسلامى وأحد مرشحى الفلول فإنهم سيؤيدون مرشحى الفلول، على اعتبار أن هؤلاء فى نظرهم يمثلون الدولة المدنية فى مواجهة الدولة الدينية!.
وعلى الرغم من فساد هذا الاعتقاد وخطورة هذه الأفكار على الثورة، إلا أن ذلك، كان بمثابة جرس إنذار لنا جميعا، لننتبه إلى الهوة التى اتسعت بشكل كبير بين الإسلاميين والليبراليين، وهذا الأمر إن دل على شىء فإنه يدل على النجاح الذى حققه "الطرف الثالث" فى جعل رفاق الميدان من إسلاميين وليبراليين مستعدين لأن يقصى أحدهما الآخر، حتى لو كان ذلك لصالح النظام الذى أسقطوه سويا!!، كما ينبهنا لضرورة رأب الصدع قبل انطلاق الانتخابات وتوحيد الصف مرة أخرى لصالح الثورة.
7 ـ الإخوان ومراجعة الذات:
من أهم فوائد ترشح عمر سليمان، والخلاف بين الإخوان والمجلس العسكرى بشكل عام، أن تلك التطورات جعلت جماعة الإخوان المسلمين تراجع مواقفها وتشعر بخطورة المسلك الذى سعى البعض لدفعها إليها وكان نتيجته زيادة الهوة بين الإخوان ورفاق الثورة، كما أدى ذلك إلى تزايد إدراك الإخوان بأن القوى الليبرالية وبعض القوى الثورية حتى لو كانت مختلفة معها فى الرأى، فإنها أقرب إليها من المجلس العسكرى حتى لو كانت متفقة معه فى الرأى.
لأنه لو وصل التيار الليبرالى للحكم، فسيكون بإمكان الإخوان العمل ـ على الأرجح ـ فى ظل مناخ ديمقراطى يتيح لهم حرية الحركة والعمل ويكفل لهم حرية الرأى والتعبير، ولكن لو استمر المجلس العسكرى فى الحكم أو استطاع إعادة إنتاج النظام القديم بدعمه لمرشح من النظام السابق، فإن هذا لا يعنى فقط سرقة ثورة 25 يناير، لكنه يعنى أيضًا تحطيم أو على الأقل إرجاء إلى أجل غير مسمى، أحلام ومشروعات التيارين الإسلامى والليبرالى معا، وعودة النظام الفاسد القمعى بكل أوجهه.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
يوسف
صدقت أيها الكاتب
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد عبده
الحمد لله وجدنا مقال محترم
ربنا يكرم المخلصين
عدد الردود 0
بواسطة:
طلعت
ينصر دينك ياراجل
عدد الردود 0
بواسطة:
اسامة صلاح هاشم
هايل يا عم مشهور
عدد الردود 0
بواسطة:
مصراوي
ENTA RAAGEL MOHTARAM
انت راجل محترم
عدد الردود 0
بواسطة:
ممدوح أحمد
لو لم يكن للإخوان فضل غير اقصاء عمر سليمان لكفاهم
التعليق في الإعلان
عدد الردود 0
بواسطة:
سامي
الإخوان لم يفارقوا رفاق الضرب ولكن ...
عدد الردود 0
بواسطة:
ibrahim barghot
صدقت
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد خليل تركي
الله ينور عليك يا دكتور مشهور ويزيدك