د. رضا عبد السلام

مَن الأجدر برئاسة مصر؟!

الأربعاء، 18 أبريل 2012 09:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بعد شهر تقريباً من قيام ثورة 25 يناير، وعلى صفحات هذه الجريدة المحترمة، كتبت مقالاً عنوانه "على أى أساس ستختار مرشحك فى البرلمان القادم؟!"، وحذرت من مغبة الاندفاع وراء شعارات أو معتقدات جوفاء، لأن من سنختاره فى برلمان الثورة سيتولى إصدار ومراجعة القوانين والاتفاقيات الدولية، وسيحاسب الحكومة وبل من حقه إسقاطها.. الخ، ومن ثم فإن الحاج فلان "ابن الحتة" أو الشيخ فلان الخطيب المفوه، أو الأستاذ فلان رجل الخدمات، ومع احترامنا الكامل لكل هؤلاء، فهم ليسوا أهلاً لتمثيلنا فى برلمان ما بعد الثورة.

والحمد لله، وكما نرى، خرج علينا برلمان يعكس حالة الوهن التى وصلت إليها مصر، بعد أن تم تجنيد الدين واللعب على وتره والتجارة به، فضلاً عن استغلال جهل وفقر الشعب، ناهيك عن طبخ العملية الانتخابية، بجعل ثلثى المقاعد بنظام القوائم الحزبية، وبالتالى لم يكن جاهزاً إلا تيارات بعينها، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت. لذا، وبعد مضى أشهر من عمل برلمان الثورة، وجدناه دون مستوى الطموحات، وهذا منطقى فى ضوء المعطيات القائمة.

فهل نكرر الخطأ الذى ارتكبناه بحق مصر فى انتخابات الرئاسة؟ على أى أساس سنختار رئيس مصر ما بعد الثورة؟! فهل سيتم استغلال الدين كما استغل من قبل فى انتخابات البرلمان؟! أم أن من استغلوا الدين واستغلوا جهل الشعب باتوا مكشوفين وفقدوا جانباً كبيراً من رصيدهم؟! وأقصد هنا الإخوان بعد حالة الارتباك التى تعيشها الجماعة ويعيشها حزبها؟!

على صعيد آخر، بماذا نفسر ما يفعله السيد حازم أبو إسماعيل وغزواته المتتالية وفرد العضلات حتى بعد قرار لجنة الانتخابات استبعاده؟! وكأنه صلاح الدين الذى أتى ليطهر البلاد وليرفع من شأن العباد؟! هل هو حقاً يجسد ويمثل فتى أحلام مصر وشعبها؟! وماذا عن الفيلسوف والمنظر الدكتور العوا؟! هل هو الأكثر تأهيلاً؟! هل تعتقد أن فهمه السياسى والقانونى والدينى يؤهله لقيادة المركب خلال هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ مصر؟! أم أنه لا يحظى بالرعاية والدعم الكافى من الجماعات المسيطرة على أرض الملعب؟!

وماذا عن الدكتور أبو الفتوح، أليس هو الأجدر برئاسة مصر؟! ألا تتفق معى على أنه يحظى بجانب التعاطف الشعبى باعتباره من المغضوب عليهم إخوانياً، وأن تراجع تأييد الشارع للإخوان سيصب فى صالحه؟ كما أن قرارات الاستبعاد الأخيرة تصب فى صالحه؟! ألا تتفق معى على أنه يمثل رؤية وسطية تؤمن بالحرية وأهمية التغيير؟! أم أنه لا يختلف فى منطقه وفكره عن منطق الجماعة التى تربى فى أحضانها؟! فضلاً عن كونه معتل صحياً، ولا يمكنه تحمل تبعات الرئاسة؟!

وعلى الجانب الآخر، خرج علينا عمر سليمان المستبعد، ومن قبله عمرو موسى وأحمد شفيق.. الدبلوماسى عمرو موسى يأخذك إلى البحر ويعود بك عطشان كما يقول المثل العامى، تجده يحدثك حديثاً عذباً منمقاً ولكن هل تنتظر إنجازاً حقيقياً على يديه؟! فأى إنجاز يمكننا أن نسجله للجامعة التى تولى أمانتها لأكثر من عشر سنوات؟ بل أى إنجاز حققته مصر على يديه خلال فترة توليه وزارة الخارجية؟! خطب عنترية دفعت بمطرب شعب مثل شعبولا ليغنى له؟! ربما، ولكن هل يجسد عمرو موسى فتى أحلام المصريين فى سنوات ما بعد الثورة؟!

الفريق أحمد شفيق، الرجل الذى يشعرك وهو يتحدث أنه من طبقة عالية أوى ربما تجدها فى الزمالك أو المهندسين أو فى التجمع الخامس أو شرم، ولكن هل سيتمكن من الوصول بفكره إلى شعب يقع أغلبه تحت خط الفقر؟ أى لا علاقة لهم بالبرج العاجى الذى يعيش فيه سيادته؟ وإذا كان مؤهلاً، فأى نجاح يمكننا أن نسجله له خلال فترة رئاسته للوزارة، فهل أقصى شىء بالنسبة له وزيراً فى مجال تخصصه؟ أم أنه فتى أحلام مصر الجديدة؟!

أما الرجل الغامض بسلامته وصاحب الوجه الصارم والحاد بل والمخيف السيد عمر سليمان، والذى فاجأ الجميع بدخوله حلبة السباق وخروجه منه بقرار اللجنة العليا.. هل هو المنقذ؟! هل لديه شىء يمكن أن يقدمه لمصر؟! ألم يكن (ولا يزال) أقرب المقربين للمخلوع؟! ونائبه؟! ألم يكن يعلم بمشروع التوريث، وكرجل مخابرات، ألم يزعجه الحال الذى وصلت إليه مصر؟! ولكن ومن جهة أخرى ألسنا بحاجة إلى رئيس صارم حازم ليقود المركب خلال تلك المرحلة الحرجة؟! ولكن من يضمن ألا يصادر خلال فترة رئاسته على أحلامنا وطموحتنا؟! من يضمن محاكمة المخلوع وأعوانه محاكمات عادلة؟!

وماذا عن حمدين صباحى أو البسطويسى أو الأشعل، ماذا عن كل هؤلاء؟!.. فحمدين على الأقل له تاريخ نضالى فى العمل السياسى، ولكن هل يمتلك القدرات التى تؤهله لقيادة مركب مصر فى هذا البحر الهائج؟!

ألا تتفق معى على أنه ليس من بين كافة المرشحين البارزين على الساحة من يمكن أن نسميه فتى أحلام مصر؟! أنا لن أقارن أى من المرشحين المشار إليهم برئيس مثل جمال عبد الناصر فى كاريزمته وصبغته العربية، لأن هناك من يتحدث عن نجاحه وهناك من يتحدث عن فشله، ولكن ماذا عن المرشحين الآخرين؟!

سمعنا أن أكثر من ألف وخمسمائة تقدموا لسباق الرئاسة، أنا على يقين أن مِن بينهم مَن يمتلك قدرات ربما تفوق قدرات الأسماء التى حظيت بالتغطية الإعلامية، ولكن حظهم أنهم ليسوا أعضاء فى جماعة أو تيار أو أن قدراتهم المادية تعوقهم عن الوصول إلى الإعلام، فإعلام الدول النامية - كمصر - دائماً يكون مع الرائجة، ولا يمكنه أن يغامر للبحث عن جديد، كما أن الوقت لم يكن كافياً لظهور ومعرفة آخرين، ناهيك عن العائق المادى وأقصد هنا الدعم المادى الذى يكفى لإبراز وجوه جديدة.

الحقيقة أن العملية الانتخابية فى مصر لا تحكمها المعايير الراقية المتعارف عليها عالمياً، فالرحلة لا تزال طويلة، وعلينا أن نبدأ رغم إدراكنا أنه ليس من بين المرشحين - الذين أبرزهم الإعلام - من يمكن أن نسميه فتى أحلام مصر، إن شاء الله، بمرور الوقت، ومع نضج التجربة السياسية ونضج الإعلام، سيخرج من رحم مصر رئيساً يجسد بحق أقصى طموحاتنا. والله الموفق.

* أستاذ بحقوق المنصورة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة