على هامش الحياة جلسن منطويات، يحاولن تضميد جراح تركها بداخلهن الزمن وذنوب لم تقترفها أيديهن، وبخوفِ دائم من مواجهة نظرات المجتمع القاسية، وتعنت الظروف ضدهن حاولن الاختباء دون الإفصاح عن قصص حياتهن، التى من الصعب أن يحتمل قسوتها رجل، بعد أن وجدن أن كل ما يفعله الناس هو تلقيبهن بما لم يطقن سماعه مثل "الفتاة المغتصبة" أو "فاقدة الشرف" أو لحالات أخرى "أنتى مدمنة كان فين أهلها لما عملت كده"، وكأن الإدمان أو اقتراف الخطأ مقبول للرجال فقط، ويمكن وقتها التسامح معه، أما بالنسبة للفتاة فيفضل المجتمع أن تختبئ وراء الجدران ما بقى من عمرها.
هذه النظرة القاسية هى ما أثار غضب أمانى التونسى فتاة "الـ28 عاما"،ً التى اتخذت من غيرها من الفتيات حياة كاملة، وانطلقت من "سن 24 عاما"ً تدافع عن غيرها من الفتيات اللاتى ظلمهن المجتمع بنظراته الشرقية، فأطلقت "راديو بنات وبس" الذى يتناول كل ما يخص الفتاة أو المرأة المصرية من مشكلات بعيداً عن قضايا الموضة والأزياء التافهة التى تنحصر فيها قضايا المرأة فى مصر، وكانت الإذاعة الخاصة بالفتيات هى المدخل لمشروع "u tern" أو "لف وأرجع" الذى أطلقته أمانى بالتعاون مع دكتور محمد هلال طبيب الأمراض النفسية، ليكون باباً تدخل منه كل فتاة تعرضت للاغتصاب أو تحولت إلى مدمنة يرفضها المجتمع، ولا يتعامل معها أقرب الناس إليها، لتعود للحياة مرة أخرى بدلاً من أن تنزوى لينتهى بها الحال فى غرفة مظلمة.
أمانى افتتحت بجهد مشترك مع الدكتور " محمد هلال " المعالج النفسى ، مركزاً خاصة لتأهيل الفتيات المدمنات أو المغتصبات، أو ما عرضتهن ظروف الحياة لمشاكل قاسية، وبدأت رحلة إقناع الفتيات بضرورة العلاج مع ضمان السرية التامة عن شخصياتهن، وبالفعل بدأت رحلة العلاج لعدد كبير من الفتيات اللاتى سمعن عن المشروع من خلال الإذاعة التى يتابعها الكثير من الفتيات فى مصر، توافدوا على المركز فى قلق فى البداية، لتبدأ رحلة العلاج النفسى والطبى للمدمنات لتخليصهم من لعنة الإدمان مع سماع قصة كل فتاة، وتشجيعها على الإفصاح عن الظروف التى دفعتها لهذا الطريق، وبنفس الطريقة مع الفتيات اللاتى تعرضن للاغتصاب فتحولن رغماً عنهن إلى مجرمات فى نظر المجتمع.
"داخل كل فتاة دخلت هذا المركز قصة تدل على الصلابة وقوة التحمل التى لا يتخيلها أحد"، هكذا بدأت أمانى حديثها عن قصص الفتيات اللاتى دخلن إلى مركز التأهيل، وتقول أمانى: "كانت فكرتى من البداية هى الاهتمام بطبقة من الفتيات التى ظلمها المجتمع، بجانب أن قضية الفتيات اللاتى يتعرضن للاغتصاب مثلاً، أم من تتحول منهن إلى مدمنة، هى قضية خطيرة، من القضايا النسائية، خاصة أن العقبة الأساسية فى حلها هى تواريهن عن الأنظار، وخوفهن من مواجهة المجتمع، وهى العقبة التى حاولنا تذليلها فى مشروع "u tern" من خلال التقرب منهن، وتشجيعهن على سرد قصصهن ثم محاولة حلها، وهى المرحلة التى قام فيها د "هلال" بجهد كبير مع الفتيات اللاتى فتحن قلوبهن له وبدأن فى الإستجابة للعلاج.
"بنفس القدر الذى تأثرت به من هذه القصص الأليمة، كان قدر سعادتى عندما امتثل عدد كبير منهن للشفاء وبدأن فى الرجوع إلى حياتهن بقوة أكبر من السابقة"، تكمل أمانى، وتقول فى نهاية حديثها لـ "اليوم السابع": المشروع مستمر حتى نشجع كل فتاة تعرضت لمشكلة مماثلة على استكمال حياتنا، وأملى أن يكون هذا المشروع بمثابة لفتة قوية للمجتمع لضرورة تغيير نظرته للفتاة أو المرأة، والاستفادة من طاقتها على العطاء بدلاً من اعتبارها كما مهملا، وما أتمناه أن يكون "يو تيرن" هو نقطة البداية لمناقشة قضايا حقيقية تخص المرأة بدلاً من مناقشة زى الفتاة والموضة والماكياج".
"لو عندك مشكلة خدى اليو ترن اللى جاى".. مشروع لكل فتاة ظلمها المجتمع
الجمعة، 30 مارس 2012 04:30 م
أمانى التونسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة