يعيد فيلم «حظ سعيد» للفنان الكوميديان أحمد عيد اكتشاف عبقرية ثورة 25 يناير، بل يكاد الفيلم يؤرخ للثورة منذ بدايتها وحتى نهايتها، ولم يكتف السيناريست أشرف توفيق والمخرج طارق عبدالمعطى بالتأريخ فقط، ولكنهم وضعوا تصورا فانتازيا، وربما يكون واقعيا لشكل مصر حتى عام 2040 الذى يتولى فيه رئاسة مصر شاب مصرى من الذين شاركوا فى الثورة، ولكن المفارقة هى استمرار مسلسل محاكمة الرئيس مبارك ونجليه ووزير داخليته حبيب العادلى، وتأجيل المحاكمة حتى عام 2040.
أحمد عيد فى فيلم «حظ سعيد» يسير على نفس الخط الذى رسمه لنفسه وينجح فيه جدا، وهو خلطة تجمع بين الكوميديا النابعة من المواقف والمفارقات وكوميديا سوء الفهم والكوميديا السوداء، وكل ذلك يغلفه إطار سياسى متمثل هنا فى الثورة وتفاصيلها ونتائجها.
فعيد فى فيلم «حظ سعيد» يقدم نموذجا لشاب من شباب مصر، وربما يكون نموذجا للشعب المصرى البسيط بأكمله الذى تتصارع القوى السياسية المختلفة على السيطرة على فكره وجذبه إليها عندما يتوجه لميدان التحرير بعد قيام الثورة باحثاً عن أخته المناضلة «وفاء» التى ترفض العودة حتى سقوط النظام والحصول على حقوق الشهداء، فيضطر سعيد «أحمد عيد» للحضور إلى الميدان ويصاحب أحد شباب الثورة الحقيقيين الذى لا ينتمى لأى اتجاه فكرى أو دينى، وانتماؤه الوحيد لمصر، وهذا الشاب الذى اختار له السيناريست اسم «عادل» يتولى مستقبلا رئاسة مصر فى نهاية الفيلم عام 2040 بعد أن يترك سعيد وسط الميدان تتلقفه التيارات المختلفة ما بين السلفى الذى لا يقتنع بالديمقراطية ويراها مفسدة وبين الإخوانى الذى يتنازل تنازلا شكليا من أجل كسب الأصوات والوصول للحكم وبين الليبرالى الذى يريد فصل الدين عن الدولة نهائيا ويؤمن بالحرية فى كل شىء وربما كانت هذه المشاهد مقدمة للشكل الفانتازى الذى رسمه السيناريست فى مشهد النهاية الذى يتزوج فيه «سعيد» من سماح «مى كساب» التى يصفها بالفلول وينجب منها ثلاثة أولاد الأول اختار له اسم «بديع» كإشارة لمحمد بديع مرشد الإخوان والابن الثانى «بكار» كإشارة أيضا لنادر بكار المتحدث الرسمى والإعلامى باسم السلفيين، والابن الثالث «حمزاوى» كإشارة للنائب الدكتور عمرو حمزاوى ممثل الليبرالية والعلمانية فى الحياة السياسية المصرية.
ونجح المخرج طارق عبدالمعطى فى تصوير مشاهد يوم 25 يناير وجمعة الغضب وموقعة الجمل واعتصامات ميدان التحرير، ورغم استخدامه للكروما فى تصوير المشاهد، فإنه من خلال الجرافيك نجح فى تقديم شكل أقرب للواقع لا يشعر المشاهد العادى بأن تلك المشاهد صورت فى ميدان مدينة الإنتاج الإعلامى وليست فى التحرير، كما أنه صنع إيقاعا سريعا يتناسب مع إيقاع الثورة والأحداث المتلاحقة بشكل كوميدى.




