يكشف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل فى الحلقة الأولى من حواره مع أخبار اليوم - نشرت فى عدد 4 يناير 1986 - تمهيدا لعودته إلى الكتابة بعد انقطاع دام أحد عشر عاما عنها فى مصر - عن شروطه لهذه العودة.
يقول هيكل: «عندما جاءنى عرض أخبار اليوم للكتابة، قلت للأستاذ إبراهيم سعدة إننى أوافق على أساس شرطين عامين، أولهما ألا يتعرض أحد لكلمة أو سطر مما أكتب، وثانيهما أن ينشر ما أكتب دون تشويش، بمعنى أننى لا أتصور صفحة يظهر فيها كلامى، وفى نصفها الآخر تعليقات عليه فى نفس اللحظة، فمن الطبيعى أن تجىء أية تعليقات بعد النشر، وحتى يكون الموضوع قد عرض نفسه على قارئه بحرية، فالحوار شىء والمشادة شىء آخر».. ثم وجه كلامه لمحاوريه: أليس كذلك؟
لكن على ما يبدو أن ما جرى فعليا لم يكن كذلك، التزم هيكل بالكتابة أسبوعين قدم فيهما مقاله «صنع القرار السياسى فى مصر» على حلقتين - نشرتا فى كتابه الوثائقى وكانتا قد نشرتا فى أخبار اليوم فى 15 و22 فبراير 1986 - ورغم أنه كان ينتوى أن يكمل فى الكتابة عن صنع القرار السياسى فى مصر، فإنه فى الأسبوع الثالث - عدد أخبار اليوم فى 1 مارس 1986 - كتب فى قضية أخرى مختلفة تماما.
فى 25 فبراير كانت قد تفجرت أحداث الأمن المركزى، التى سماها البعض «انتفاضة الأمن المركزى»، وفيها تظاهر أكثر من 20 ألف جندى من معسكر الجيزة، احتجاجا على سوء أوضاعهم وتسرب شائعات عن وجود قرار سرى بمد سنوات الخدمة من ثلاث إلى خمس سنوات.
خرج الجنود إلى الشوارع وقاموا بإحراق المحال التجارية والفنادق فى شارع الهرم، واستمرت حالة الانفلات الأمنى التى شهدت فتحا للسجون وإخراج المسجونين منها، لمدة أسبوع، أعلنت القيادة السياسية حظر التجول، وانتشرت قوات الجيش بقيادة المشير عبدالحليم أبوغزالة، وقامت طائرات الهليكوبتر بضرب معسكرات الجنود، وحلقت الطائرات فوق رؤوس الجنود تنتظر القرار بالضرب.
انتهت الأحداث بعدة قرارات كان منها إقالة وزير الداخلية اللواء أحمد رشدى، وعزل عدد كبير من قيادات الداخلية، وصدر العديد من القرارات لتحسين أحوال الجنود والحد من أعدادهم وإخراج معسكرات إلى خارج المناطق السكنية، كما صدر قرار بتحديد نوعية الجنود الذين يلتحقون مستقبلا بالأمن المركزى.
وجد هيكل أن يكتب فى الحدث الذى يشغل الرأى العام فى مصر، على أن يستأنف الكتابة فيما بعد عن صنع القرار السياسى فى مصر، وبالفعل أرسل مقاله إلى أخبار اليوم عنوانه «سلطة التحقيق.. وسلطان الحقيقة».
وبالفعل نشر المقال وكان هذا نصه دون أدنى تدخل فيه بالعرض أو التكثيف أو التعليق.
كتب هيكل نصا: «موضوع «صنع القرار السياسى فى مصر» وهو الموضوع الذى عالجته فى حديثين سابقين - ما زال لهما ثالث وأخير - يمكن تأجيله فعندما تكون هناك طوارئ أحداث، تتغير الأولويات ويكون للطارئ أن يتقدم على المقيم.
وقد عاشت القاهرة أربع ليالٍ طويلة نزل فيها ظلام لم يقطعه إلا وميض طلقة رصاص، ولفها صمت لم يقاطعه غير لسان حريق، ونزل عليها وجوم لم يبدده إلا تمسكها بعقلها يفكر ويتدبر، وبإيمانها يعطيها الأمل والثقة واليقين بأنها أزمة أخرى تأخذ ضريبتها، وتمر تاركة وراءها تجربة تضاف إلى تجارب، والأمم العظيمة بتجاربها، والأمم الباقية بطاقتها على الاحتمال.
وفى مثل هذه الظروف فإن الأمم كلها تقف وراء قياداتها التى تحمل المسؤولية وتتمتع بالشرعية، فهذه القيادات تصبح المرجع الأخير والطليعة الأولى والرمز التاريخى.
وفى ظروف عادية أو طبيعية فإن الحوار مع القيادات حق، وفى الظروف الطارئة فإن الوقوف معها هو الواجب الوحيد.
والوقوف مع القيادة الشرعية فى ظروف الطوارئ ليس حفلة زار تدق دفوفها وطبولها الهستيرية، وإنما يكون الوقوف بالمشاركة، وما تعنيه المشاركة من تبعات.
والمشاركة فى ظروف الطوارئ لها وسائل ثلاث وليس أربعا: مشاركة باليد تعمل أو مشاركة بالمشاعر تتعاطف بالوجدان وحتى إلى درجة الذوبان أو مشاركة بالتفكير تفتح بابا أو تشير إلى طريق.
والمشاركة باليد فى العمل لها أصحابها، والمشاركة بالمشاعر مشاع لكل الناس، وتبقى المشاركة بالتفكير لمن يتجاسرون عليه، شرط ألا يتجاوزوا الحد وشرط ألا يجمح بهم الخيال فإذن ما يقولونه مضيعة للوقت على السامع والقائل معا.
وإذا سمحت لنفسى وتجاسرت على التفكير - ومن باب الاجتهاد وراء قيادة شرعية تحمل أمانة وطنها بإخلاص ونزاهة - فقد أقول: إن هناك ضرورة تدعونا إلى إلقاء نظرة سياسية على كل ما حدث دون أن تؤثر هذه النظرة السياسية له على النظرة القانونية بما فيها المسؤولية الجنائية عما وقع وعما ترتب على وقوعه!
وبمعنى أوضح فإن الجانب القانونى فيما حدث مهم، لكن الجانب السياسى ليس أقل أهمية، ولذلك فقد يكون مناسبا أن تطرح للبحث فكرة إمكانية تشكيل لجنة تحقيق خاصة يعهد إليها ببحث الجانب السياسى فى قضية «شغب» وحدات الأمن المركزى.
أريد أن أقول إن التحقيق الجنائى مهم - فهذا حق القانون لكن التحقيق السياسى أهم - فهذا حق المجتمع، والمجتمع هو صانع القانون وليس العكس.
بمعنى آخر فإن القانون له سلطة الاتهام والعقاب، لكن المجتمع له سلطان الحقيقة الأكبر والأوسع.
فى تفكيرى
- بكل ما قلت - مجموعة ملاحظات حول «حوادث الشغب» - التى انفجرت فى عدد من معسكرات الأمن المركزى - أطرحها على النحو التالى:
أولاً: إن الأمن المركزى هو أكبر أجهزة الأمن المدنية، وأن يجرى فيه ما جرى، فمعنى ذلك أن نقطة البداية كانت انهيارا فى الانضباط وهذه مسألة خطيرة.
ثانيا: إن حدوث انهيار فى الانضباط على هذا النحو فى أكبر أجهزة الأمن - نتيجة لما وصف بأنه «شائعات كاذبة» - ظاهرة تستوقف النظر، فالشائعة عادة تبدأ فى بؤرة صغيرة محصورة لكنها تحتاج - خصوصا فى دقة انضباط جهاز أمن - إلى وقت تسرى فيه ويتفاعل ما تقول به مع مناخ يقبل تصديقه.
وفيما نسمع فإن المواقف تأزمت فجأة وهو شىء غير واضح.. إلا إذا كانت هناك عوامل أخرى لم تصل إلى أسماعنا.
فإذا كانت المواقف لم تتأزم فجأة وإنما تصاعدت - فماذا حدث عند الدرجة الأولى من التصاعد، وعند الدرجة الثانية؟ وفوقهما؟ - وهو سؤال مهم.
ثالثا: إن جهاز الأمن المركزى هو المكلف بالأمن الداخلى، وأن يهجر جنوده ثكناتهم مهما كانت الأسباب ثم يكون تصرفهم التالى هو الاندفاع إلى الشغب فى حين أن مهمتهم الأولى هى التصدى له - فهذه مسألة أكبر من انهيار انضباط، ومن المفاجأة أو التصاعد فى أزمة بسبب شائعة.
رابعا: ليس من السهل التسليم بتفسير يضع المسؤولية على عناصر تحريض أثارت وهيجت، فنحن أمام جهاز أمن جرى إعداده وتدريبه - وحتى تسليحه - على مواجهة عناصر التحريض التى تندس وسط الكتل الواسعة وأن يقع مثل هذا الجهاز فى نفس المأزق الذى أعد ودرب وسلح ليتصدى له بالذات - فهذه إشكالية تمس البنية ذاتها ويصعب أن تكون نتاج دقائق أو ساعات!
خامساً: وليس ضروريا - فى رأيى - أن تتوجه الظنون إلى إثارة من الداخل أو الخارج، إلا إذا قام دليل - فلو أن الانفجار حدث فى تجمع شبابى أو جماهيرى لجاز الظن، ولو أن الدائرة اقتصرت على حفنة أفراد لقام الاحتمال، أما والانفجار فى أكبر جهاز أمن داخلى، والمتهمون فيه ألوف «والقتلى عشرات والجرحى مئات» - فإن الحيطة أولى والحذر لازم.
سادسا: ولا يستطيع أحد أن يتجاهل إمكانية أن يكون لمصر أعداء - وقد يكون بينهم بعض من يظهرون لها الود، وبالطبع فإن الفتنة أول ما يخطر على البال، ومع ذلك فمن الصعب تصور وصول طرف منهم إلى جهاز فى حجم الأمن المركزى وأن يبلغ منه ما بلغ، فليس سهلا «أن يغص بالماء شاربه» على هذا النحو، وعلى حد تعبير «ابن خلدون» ببصيرته النافذة!
سابعا: ربما نلاحظ أن ما حدث فى حقيقته كان أكثر من شغب، وربما كان أقرب إلى الانفجار منه إلى الشغب، فقد تلاحقت وتداعت أفعال وراء بعضها: خروج من الثكنات ومحاولة لإحراقها وهجوم على الفنادق القريبة منها ومحاولة تدميرها، وعدوان على المحال العامة والخاصة ومحاولة لاستباحتها، ثم اقتحام سجن وفتح زنازينه وإخراج مسجونين منها - وأسوأ من ذلك كله استعمال السلاح والرد على نار الطاعة بنار العصيان - وكلها تصرفات تزيد عن حد الشغب المتعارف عليه «تظاهر - إلقاء أحجار إلى آخره».
وعندما تصل الأمور إلى هذه الحدود المتفجرة - فهناك إذن ما هو أعمق من الشغب وأخطر.
ثامنا: إن أجهزة الإعلام راحت طوال الأيام الأخيرة تستحث ضمائر الناس تحت شعار: «لمصلحة من؟» وهذا فى ظنى توجيه اختصاص لغير مختص، فالأمن المركزى جهاز من أجهزة السلطة وحدها وطاعته أو عصيانه هى مسؤوليتها وليس مسؤولية غيرها.
وصحيح أن أفراده من أبناء الشعب، لكن الصحيح أيضا أنهم شباب تولته الدولة لسنوات معينة، وفى إطار معين، ولخدمة معينة رأتها هى وقررتها واتخذت أساليبها وطرائقها بما فيها منطق عزل مشاعر هؤلاء الشباب، وهم يؤدون مهامهم، عن أن تلتحم أو تتصل بانفعالات شارع قد يواجهونه بالقوة فى لحظة شر أو تدبير.
«يقتضى الإنصاف هنا إشارة إلى أن الإعلام الرسمى كان هذه المرة أكثر استنارة».
تاسعاً: وإذا كان الهدف من شعار «لمصلحة من؟» هو تعبئة الناس - ما دام اختصاصهم فى الأمر غير وارد - فضد من التعبئة ولأى هدف؟ وما الذى يحدث إذا فقد الناس ثقتهم فى واحد من أهم أجهزة الأمن الداخلى؟ مع العلم بأنه ما زال مكلفاً بمهامه - وإذا كانت القوات المسلحة قد نزلت إلى العاصمة لحفظ الأمن فهذه ضرورة موقف.. لكن ضرورة موقف لا يمكن أن تصبح عادة كل يوم لأن القوات المسلحة لديها مهام أخرى يتعلق بها الشرف الوطنى كله.
عاشرا: وقد أضيف - وأنا أتحسب أن استقالة بعض المسؤولين واردة - أن جوهر القضية أبعد وأكبر - فالاستقالة قبول بالمسؤولية المباشرة وتحمل لأثقالها بالاستحقاق أو بالتطوع - لكن المجتمع له أسباب تتخطى كل المسؤوليات وتتعداها إلى ما وراء القانون وربما إلى ما قبله.
وفى كل الأحوال، فاستقالة بعض المسؤولين مخرج تنفيذى بينما الحاجة ملحة إلى مدخل سياسى لكى نستوعب بالضبط ما جرى.
هذه النقاط العشر التى عددتها ظواهر ليست هينة أو بسيطة ودلالاتها ومعانيها أبدى وأهم من حوادثها ووقائعها.
وهنا وقبل نتائج التحقيق لابد أن نجد معالم الحقيقة، ليس بالنيابة العامة وحدها لكن بالسياسة أيضاً، وليس بالقانون وحيداً ولكن بالمجتمع كله.
ولقد أضيف بعد ذلك أن نظام لجان التحقيق السياسية نظام معروف ومتبع فى كل الديمقراطيات حين تجد طوارئ قد يكون لها جانبها القانونى، لكن إطارها أوسع من مواد القانون وصياغاتها المحكمة وفى الولايات المتحدة - على سبيل المثال - يوجد نظام اللجان الرئاسية الخاصة، يشكلها الرئيس لتتولى بحث قضايا استثنائية طارئة لها طابع عام يمتد إلى أوسع مما تطوله القوانين واللوائح.
وفى التجربة الأمريكية تتكون هذه اللجان الرئاسية الخاصة فى العادة من أفراد معدودين من الشخصيات العامة بخبرات متنوعة، ثم يحدد لها ما يسمونه Term of refence أى «مشارطة تكليف» ثم تعطى مدة معينة لا تتجاوزها لتقدم ما توصلت إليه إلى الرئيس نفسه.
وذلك إطار يختلف عن لجان تقصى الحقائق البرلمانية.
ففى اللجان البرلمانية قد تمد المصالح الحزبية تأثيرها وقد تتعطل الرؤى بين أغلبية وأقلية - أما اللجان الرئاسية التى تستمد تكليفها من قمة الدولة وتقدم إليها مباشرة - فإن إطارها يصبح قوميا وعمليا وموضوعيا.
وقلت فى بداية هذا الحديث أنها أزمة تقتضى ضريبتها وتمر - لكن الأزمات بغير «حصيلة تجربة» هى ضرائب على غير رأسمال ولا أرباح، ثم إن المجتمع الذى لا يدرس أزماته محكوم عليه بتكرارها.
وأخيرا فإن الرجل الذى وضع الشعب على كتفيه مسؤولية مصر تاريخيا وحاضرا ومستقبلا هو بدوره أمانة فى ضمير كل مصرى، ولنا جميعا أن نتطلع إليه فوق كل الأزمات وفوق كل الخلافات وفوق كل الاجتهادات.. وفى هذه الظروف فهو الحَكَم قبل أن يكون الحاكم.. وكان الله فى عونه.
انتهى مقال هيكل الذى أوردته بنصه، على الأقل لأنه حذفه من الجزء الثانى لكتابه عن مبارك، وللإشارة إلى ما حدث بسببه، حيث لم يلتزم إبراهيم سعدة بالشرط الأول الذى وضعه هيكل للعودة إلى الكتابة، وهو ألا يتدخل أحد فيما يكتبه لا بالحذف ولا بالإضافة.
فقد نشرت أخبار اليوم المقال، بعنوان «سلطة التحقيق وسلطان الحقيقة.. مبارك أمانة فى ضمير كل مصرى».. صحيح أن أخبار اليوم لم تأتِ بشىء من عندها، فهذا المعنى ورد فى مقال هيكل نصا، وصحيح أنه لم يشر إلى مبارك بالاسم.. اكتفى بأن قال «الرجل» فى إشارة لمن يتولى زمام الأمور، إلا أنه تعامل معه على أن الشعب وضع على كتفيه مسؤولية مصر تاريخا وحاضرا ومستقبلا، ولذلك فهو وبدوره أمانة فى ضمير كل مصرى.
إلا أن هيكل اعتبر أن ما فعلته أخبار اليوم اعتداء على حقه، وعدم التزام بشرطه، فتوقف عن الكتابة فى أخبار اليوم، ولم يظهر للنور مقاله الثالث الذى كان من المفروض أن يحمل العنوان نفسه «صنع القرار السياسى فى مصر».
وقد تكون لدى هيكل أسبابه لحذف هذا المقال من كتابه الجديد عن مبارك، لكن حق التاريخ كان يقتضى أن ينشره.. فهذا كان رأيه وهذه كانت تعبيراته فى حق مبارك.. ثم أنه «ليس فوق هذا التراب شىء لا يرى.. ولا شىء يرى إلا ويذكر.. ولا شىء يذكر إلا ويخلد».
محمد الباز يكتب نرصد المحذوف من حوارات ومقالات «الأستاذ» عن المخلوع : عندما كتب هيكل: مبارك أمانة فى ضمير كل مصرى
الإثنين، 26 مارس 2012 11:57 ص
الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
احرار مصر
الثورة مستمرة والشعب المصرى لن يستسلم ابدا
عدد الردود 0
بواسطة:
كاره لثورة الخراب
فى منطقة تموج بالصراعات والتدخلات نحن نفتقد قيادة مبارك
عدد الردود 0
بواسطة:
وحيد هاشم
مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed
تخصص هجوم على الاستاذ
عدد الردود 0
بواسطة:
Mohamed Hassan
نعم الثورة يجب أن تستمر
عدد الردود 0
بواسطة:
ياسر
استاذ باز اقرأ وافهم قبل ان تكتب
عدد الردود 0
بواسطة:
زكريا بكرعلي ابراهيم 01224352204
اصل البلائ المراءه , سوزان ثابت امها الانجليزيه الاصل من
عدد الردود 0
بواسطة:
eldeebgalal
شكرا
عدد الردود 0
بواسطة:
mohamed
كلام مقنع