د. عبد المنعم عمارة

الثورة والفرص الضائعة

الأحد، 25 مارس 2012 03:56 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدو على أى كاتب أنه يمشى على سطر ويسيب سطر، أنه يمشى على الحبل، لمن يتعلم كيف يقفز وسط الدائرة المشتعلة بالنار كما تفعل الأسود فى السيرك، والنبى لا أريد من أحد أن ينسحب من لسانه ويقول تقصد أنك أسد.. فأنا لا أسد ولا يحزنون، أنا مواطن مصرى مهموم بمشاكل بلده ومستقبله، والنبى كمان على حبايبنا الحلوين من ألتراس الإخوان المسلمين أن يختاروا ألفاظاً تليق بإسلامهم الذى تعلموه: «قولوا للناس حسنى» لماذا؟ لأن التعليق على مقالى الأسبوع الماضى كان قاسيا.. وللعلم، وليس هذا تمحكاً مع الإخوان المسلمين، إننى تربيت فى معسكرات الإخوان المسلمين حتى الدراسة الثانوية، يومها كانت هناك أهداف كثيرة، أهمها الإيمان بدعوة الإمام حسن البنا، «مكارم الأخلاق»، والتى أقرر أن الجانب الأخلاقى الذى أتمسك به فى حياتى هو نتاج هذه المعسكرات التى دخلتها وعمرى حوالى سبع سنوات.
رد المسلم ليست بالشتيمة ولا بالإهانة، وتليفونى موجود وإيميلى موجود لمن يريد أن يتحاور أو حتى يتهم، ومقالاتى بالمصرى اليوم شاهدة على مواقفى ضد النظام السابق والحزب الوطنى الذى لم أكن قيادة فيه لا كبيرة ولا صغيرة ولا حتى متوسطة، وهناك تسجيل مع الإعلامى والصحفى الكبير محمود مسلم عندما سألنى عن توريث جمال مبارك فى عز جمال مبارك، وأعلنت رفضى وهو ما لم نسمعه من كثير من القيادات التى تتمسح فى الثورة الآن.
ومشاركتى فى التحرير موجودة ومسجلة، وشاهد عليها آلاف الشباب الذين التفوا حولى يومها وعلى ما قلته فى هذه الأيام: «لا تغادروا الميدان»، وهو لو تمسكوا به حتى الآن، لأصبح حال الثورة غير هذا الحال.
عزيزى القارئ..
معذرة للإطالة، ليس هذا رداً على الألفاظ والتعليقات التى لا تليق والتى تمت على مقالى الأسبوع الفائت، لأنه للأسف أصبح أمراً طبيعياً، أصبح يحدث فى الرد على كل الكتاب، يفعلها محبو التيار الإسلامى السياسى، والعلمانيون والليبراليون وكل الفصائل.
حضرات القراء..
مقالى هذا عن الثورة والفرص الضائعة، هل هناك فرص فعلية ضاعت كان يمكن أن تجعل حال مصر غير حالها الآن؟
ولتسمح لى أن أبدأ بأن أقول إن أعظم مقولة عن أى ثورة حدثت فى العالم هى: «الثورة يقوم بها النبلاء ويهدمها الدهماء».
وهى مقولة صحيحة إلى حد كبير، من فضلك راجع تاريخ الثورات فى العالم وخذ الثورة الفرنسية العظيمة التى كان شعارها: «الحرية - الإخاء - المساواة» مثالاً لذلك.
طيب.. ماذا عن ثورة 25 يناير ممكن آه وممكن لا.. آه لماذا؟ صحيح الثورة لم يقم بها نبلاء بالمعنى القديم، ولكن قام بها شباب، فى رأيى أفضل من النبلاء.. الثورة بدأت رومانسية حالمة لأن الشباب هم الذين قاموا بها، الثورة كانت سلمية عكس كل الثورات الأخرى، يكفى أن شعارها هز العالم وهز مشاعر الرئيس أوباما.
ولكن مشكلتهم أنهم كانوا يعلمون أنهم يثورون ضد من وضد ماذا؟ ولكنهم للأسف لم يكونوا يعلمون هم مع ماذا؟
فالشعار الجميل الذى رفعوه لم يكن يكفى، كانت الثورة جسماً، ولكن دون رأس أو دون قيادة عكس الثورات المصرية السابقة، ثورة 19 كان رأسها سعد زغلول وثورة 52 كان قائدها عبدالناصر.
عزيزى القارئ..
يمكن أن تضيع على الإنسان فرصة، لا مشكلة، كثير من الفرص لا مشكلة، فهذه الفرص يمكن تعويضها، ولكن ضياع فرص فى حياة الشعوب وفى مستقبلها فهذا هو الأمر الذى لا يمكن تعويضه، ترك الشباب التحرير معقل الثورة، سمحوا للبلطجية باحتلاله نيابة عنهم، اهتموا بالخلاف مع حكومة شرف الذى أتوا به، ثم زاد اهتمامهم بالصراع مع المجلس العسكرى.
أنا لا أقول إنهم أخطأوا، فمليونياتهم هى غير أشياء كثيرة كانت تشكل مواقفهم ونضالهم، قالوا إن الثورة سرقت، وهذا صحيح، ولكنهم لم يبحثوا عن السارق ولم يهتموا بتعريته وفضحه وضاعت عليهم فرصة قيادة الثورة من بدايتها حتى الآن.
عزيزى القارئ..
قد يقول قائل: الشباب هم السبب؟ لقد ذهبوا بعيداً، نسوا المثل الشهير الذى يقول «أن تسافر أفضل من أن تصل».. تصوروا أنهم وصلوا أو كادوا يصلون، مع أن سفرهم «نضالهم» كان يجب أن يستمر ولا يتوقف.
المؤسف أنهم فى النهاية خرجوا بفعل فاعل من المسرح السياسى، وتعرضوا لمحاكمات ظالمة، وبعد أن كانوا فى الطليعة أصبحوا فى خلف المشهد.
طيب.. ماذا عن القوة الصلبة التى حمت الثورة والتى أدارت مصر منذ بدايتها حتى الآن؟ أقصد المجلس العسكرى؟ هل ضاعت عليه فرصة عمره التى بدأت بحب جارف «من المصريين للجيش» بالشعار الرائع الذى كنا نردده فى التحرير «الجيش والشعب إيد واحدة»؟ هل يظلم المحللون المجلس العسكرى عندما يقولون إنه لم يستطع أن يدير مصر الإدارة السليمة ولهذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن؟
فى البداية لابد أن أقرر أننى كنت أحد جنود مصر، وللأسف شاركت فى حرب 67 التى حدث فيها ما حدث، وعلاقتى بقياداته الكبرى منذ كنت محافظاً كانت رائعة مع هؤلاء القادة العظام.
قد تسألنى: هل يعنى هذا أنك معهم؟ بالطبع لا.. فرأيى أن لجنة التعديلات الدستورية هى التى ضللت هؤلاء الناس، اللجنة لم تكن أمينة، وما خرجت به لم يكن صحيحاً، وخصوصاً أن رئيسها لم يكن له فى القانون الدستورى.
من يومها كانت البداية الخطأ التى استمرت حتى الآن، فرصة العمر التى ضاعت على مصر كانت هى وضع الدستور أولاً ثم انتخابات الرئيس، الدستور هو الذى يخلق سلطات الدولة كمجلس الشعب وليس معقولاً أن المصنوع يخلق الصانع.
أمن مصر لم يعد موجوداً، فإذا لم ييمه الجيش، فمن الذى يقيمه؟ ومن غيره يستطيع؟ راجع الحوداث التى يفعلها الدهماء:
- مجلس شعب أصبح مشكوكاً فى شرعيته.
- حكومات ضعيفة ليست لديها كفاءة.
- استثمارات تعطلت بالهجوم على أمريكا والدول العربية الشقيقة.
- انهيار الاقتصاد وانخفاض الاحتياطى العام.
- رئيس منتخب لم يأتِ حتى الآن.
- صراع على تشكيل اللجنة التى ستشارك فى وضع الدستور.
- دستور غامض ستضعه الأغلبية للسيطرة.
ويتبقى السؤال: هل ضاعت الفرصة على المجلس العسكرى لإدارة مصر إدارة رشيدة؟ وهل أضاع على نفسه فرصة استمرار الشعار الشعبى: «الجيش والشعب إيد واحدة» الذى تحول إلى: «يسقط يسقط حكم العسكر»؟ أترك لك الإجابة.
وقد يتبقى السؤال الأهم:
هل ضاعت فرصة الثورة فى أن تتحقق مطالبها وشعاراتها؟ وهل صحيح سرقها من لم يحافظوا عليها؟
سألت هذا السؤال لشاب من ميدان التحرير.. رد قائلاً دون أن ينظر إلىّ: «الثورة بِخ» بكسر الباء.





مشاركة




التعليقات 7

عدد الردود 0

بواسطة:

م/ محمد

إستغاثه

عدد الردود 0

بواسطة:

د/خالد عاطف / السعوديه / المدينه المنورة

لاتحزن ولا تغضب .

عدد الردود 0

بواسطة:

الشنكحاوي الزعبلاوي

حتي انتا يا نسيب الهنا

حتي انتا يا نسيب الهنا بتتكلم علي الثوره

عدد الردود 0

بواسطة:

د.شريف

ونعم الخلق

عدد الردود 0

بواسطة:

هاني

كفي استخفاف بالعقول

عدد الردود 0

بواسطة:

( ابداع) احمد المالح

الفرص موجودة

عدد الردود 0

بواسطة:

سماح صلاح الدين

كنت فين انت؟؟

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة