د. رضا عبد السلام

ماذا خسرت مصر برحيل البابا؟!

الإثنين، 19 مارس 2012 10:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ودع المصريون جميعاً - ولا أقل المسيحيين فقط - فقيد الأمة البابا شنودة. ولما لا؟ فقد جسد بمواقفه وبابتسامته المعهودة والرائعة روح المحبة والتسامح التى أتى به نبى الله عيسى، ولهذا لا أكون متجاوزاً إذا قلت بأن مصاب المصريين جلل، وعندما أتحدث عن المصريين فإنما أتحدث عن قاعدة هذا الشعب المعتدل والوسطى، فكم نحن تواقون - بعد ثورتنا العظيمة - إلى صوت الاعتدال والوسطية على الجانبين الإسلامى والمسيحى. وقد جسد فقيد الأمة هذا المثال، وتاريخه حافل بكل معانى الحب والإخاء والانتماء والعشق لهذا البلد العظيم.

إذاً، الإجابة على عنوان المقال ببساطة أن مصر خسرت رمزاً للوسيطة ورمانة ميزان وصوتاً للحكمة والتعقل، هذا ناهيك عن مثالاً حياً لحب صادق لمصر أرضاً وشعباً. هذا هو بالضبط ما خسرته مصر برحيل البابا شنودة. وتكفينا مقولته التاريخية "مصر ليست وطناً نعيش فيه، ولكنه وطن يعيش فينا".

ولهذا من حقنا أن نترقب، وننتظر خلال الأيام القادمة، اسم من سيخلف البابا شنودة فى تولى عرش الكنيسة. مؤكدا أن التوقيت صعب للغاية، فمصر تمر بمرحلة مخاض تاريخية، وتشهد تجاذبات حادة على الأصعدة كافة، بين قلة من المتشددين على الطرف الإسلامى، وقلة متشددة على الطرف المسيحى، يحاول كل منها الذهاب بمصرنا إلى المجهول. ولهذا كانت مصر أحوج إلى وجود هذا الرجل الوسطى والمثقف والرزين لنعبر بالمحروسة إلى بر الأمان.

إن الذين كانوا ينتقدون البابا (عمال على بطال) على بعض مواقفه، هم أحوج الآن لأن يراجعوا مواقفهم، هذا إذا كان بداخلهم حب حقيقى لهذا البلد العظيم. مؤكدا أننا سنجد بعض المتحذلقين والمتفزلكين، والذين لا يعرفون سوى لغة النقد من أجل النقد، وهؤلاء لا يمثلوا القاعدة العريضة من شعب مصر. فمصر على مدار العقود، بمسيحييها ومسلميها بيت واحد وجسد واحد ودم واحد، ويكفينى ما عرضت له فى مقال سابق بهذه الجريدة المحترمة تحت عنوان "قانون دور العبادة الموحد لا يكفى".

وبناءً عليه، أؤكد بأننا - كمصريين - على يقين تام بأن تلاميذ هذا الرجل الحكيم كُثُر، وأن من تشربوا ثقافته وقيمه وحبه لمصر بالآلاف وربما بالملايين، وإن شاء الله سيواصلون الرحلة من بعده، رحلة الاعتدال والوسطية والحب والحكمة، ليعبروا بمصرهم ومصرنا إلى بر الأمان. والله الموفق.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة