على بعد مئات الأميال من مصر رفعت المصرية هناء مع مجموعة من الفنانين المصريين شعار "يسقط حكم العسكر"، ومطالبين بحقوق الشهداء برسوم الجرافيتى على أسوار برلين.
لم تستطع الرسامة المصرية هناء الديغم أن تقف صامته وهى تشاهد من عبر الفضائيات بزملائها المصريين من رسامى الجرافيتى يحولون شوارع التحرير إلى قطع فنية دون أن تشارك، لتقرر العودة إلى مصر فى أول طائرة حاملة السلاح الذى لم تجد غيره لتحرير مصر وهو الفرشاة ومجموعة الألوان فى رحلة ربما لم تكن تشعر أنها ستلاقى مفارقة تاريخية، لأنها رسمت بجوار جدار برلين الذى فصل ألمانيا الشرقية عن الغربية وصور وزارة الداخلية الذى عزل الميدان عن الوزارة لتطالب بطلب واحد فقط وهو الحرية لمصر.
ما قدمته هناء فى أسبوع الجرافيتى العنيف فى برلين ثم عودتها لمصر لتشارك فى رسم شارع محمد محمود وحملة مفيش جدران لا يمثل قصتها وحدها، بل هو شعور وغضب لآلاف المصريين بالخارج الذين لا يجدون ما يقدموه لمصر، ويحاولون المشاركة بقدر الإمكان وحكاية لعشرات ومئات الرسامين والفنانين الذين حررتهم الثورة من غرف الاتيلييه المغلقة ومعارض الصفوة قبل أن تحررهم من الحصار الفكرى الذى فرضه نظام مبارك وتجعلهم يتجهون للشارع الحقيقى ليرسموا فيه ويعبروا عنه.
وتقول الرسامة التى تخرجت فى كلية الفنون الجميلة بالزمالك عام 1999: "سافرت إلى برلين عام 2007 كأى رسامة أحاول تقديم فنى فى مكان أفضل بعد أن شعرت أن الطرق فى مصر شبه مغلقة وهو ما حدث بالفعل، ولكن عقب الثورة بدأت أتمنى العودة لمصر والمشاركة فى الأحداث والفعاليات، ولكن وجودى فى برلين منعنى وهو ما ولد بداخلى غضب عارم حتى بدأت أخرج هذا الغضب داخل مرسمى فى لوحة كبيرة قمت بعرضها فى معرض الربيع العربى الذى نظمناه فى ألمانيا مع مجموعة من فنانين الربيع العربى، ولوحة أخرى تعبر عن خروج جموع الشعب المصرى للشارع مطالبين بالكرامة والحرية، وقمت برسمها على القماش باستخدام الفحم والزيت وظللت أعمل عليها حوالى 4 أسابيع وسجل معى وقتها التليفزيون الألمانى فى الأتيلييه، بعدها احتفلوا معى فى الشارع بعد أن تلقينا خبر تنحى مبارك".
الخروج من عالم الأتيلييهات والمعارض إلى فن الجرافيتى فى الشارع بألمانيا لم يكن نزهه فحينما يتوقع البعض أن بلاد أوروبا الحرة تبيح كل شيء فالواقع ليس بهذه البساطة حيث يمنع القانون الألمانى الرسم على الجدران بعقوبات تبدأ من 2000 يوروا وتمتد حتى عقوبة السجن ولكن غضب هناء مع مجموعة من الفنانين المصريين والألمان من أصل مصرى هناك جعلهم يتحدون كل هذا حيث بدءوا فى تعلم طريقة الجرافيتى واشتركوا مع بعض رسامين الجرافيتى المحترفين هناك ليشاركوا فى حملة أسبوع الجرافيتى العنيف من قارة أوروبا بعد أن قاموا بالإعداد لهذه الحملات ليلا.
وتقول هناء: "بدأنا نحصل على التصميمات من رسامين حملة أسبوع الجرافيتى العنيف ثم بدأنا نضيف لها ونصمم بعض التصميمات الخاصة بنا، ثم بدأنا ننزل للشارع حوالى الساعة الثالثة ليلا وعلى الرغم من البرد القارس فى هذا التوقيت بألمانيا إلى أنه كان الحل الوحيد لتفادى دوريات الشرطة الدائمة وخصوصا أننا كنا نحاول اختيار الأماكن البارزة لنرسم عليها حتى تصل رسالتنا التى كنا نكتبها بالألمانية والعربية لأكبر عدد ممكن من الناس فرسمنا على الأرض بجانب جدار برلين وعلى جسر اوبابومبروكا الذى يربط بين برلين الشرقية والغربية وبجواره وبطول نهر الاشبراى يوجد جزء من سور برلين الذى أعاد الفنانين المعاصرين الرسم عليه".
الأعمال الرائعة التى ملأت شوارع التحرير وبالخصوص شارع محمد محمود والتى تحولت لشاهد على الفن الثورى الراقى جعلت هناء تعود لمصر خصيصا، لتشترك مع رسامين محمد محمود المعروفين عمار أبو بكر وعلاء عوض ومجموعة أخرى من الرسامين، وتقول: "فى هذا الوقت كان عمار بدأ بالفعل مع مجموعته فى رسم بورتريهات شهداء بورسعيد فتعاونت معه فى تكملة هذا الجدار عن طريق الاهتمام بالخلفية فى ربط البورتريهات بزخارف شعبية أو زهور اللوتس، وكان الغرض التفاعل مع الشارع ورؤيته عن قرب ومعرفة الحقيقة من الشعب .. وقد ساعدت معهم فى جدار شارع الشيخ ريحان فى إطار حملة مفيش جدران.. فقد أردت أن أشارك وأتعاون مع المجموعات التى تفعل شئ ايجابى وأفكار بناءة وهادفة".
ولكن ما الذى يجعل مجموعات من الفنانين يخصصون وقتهم للرسم فى الشارع دون مقابل ويجعلك تعودين من برلين خصيصا لتشاركيهم الرسم؟ هو أحد الأسئلة التى طرحتها اليوم السابع على هناء أجابت قائلة: "الرسم استطاع أن يغير أشياء كثيرة ويغير أفكار الكثيرين ويكفى وجودنا فى الشارع الذى جعلنا أقوى من وسائل إعلامية كثيرة وهو أحد السبل التى نتخذها لنحاول التغيير فى بلدنا بشكل سلمى ونتمنى أن ننجح فيها".
الرسم الجماعى واتحاد الرسامين مع بعضهم هى بعض المكاسب التى بدأت تظهر فى الفترة الأخيرة والتى من المنتظر أن تتسبب فى حملات للرسم فى جميع الجوانب ربما لن يتوقعها أحد وستمثل مفاجآت إبداعية سارة بدأ بعضها يتضح فى الأفق الآن والبعض الآخر مازال كامنا ولكن الفنانة المصرية مع ذلك أكدت أنها ستحاول المشاركة فى معظم الفعاليات التى تجدها مناسبة قبل أن تعود إلى برلين فى أول إبريل لتواصل عملها هناك.
بالصور.. من جدار برلين.. إلى جدار وزارة الداخلية.. رحلة جرافيتية للمصرية هناء
الأحد، 18 مارس 2012 10:15 م
الرسامة المصرية هناء الديغم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة