فورين بوليسى ترصد علاقة الإخوان المسلمين بحكام مصر فى صراع "الكوبرا والنمس".. الحكام استفادوا من الجماعة فى بداية حكمهم قبل أن ينقلبوا عليها.. المجلس العسكرى لن ينجح فى تكرار ما فعله مبارك مع الإخوان

الخميس، 01 مارس 2012 02:28 م
فورين بوليسى ترصد علاقة الإخوان المسلمين بحكام مصر فى صراع "الكوبرا والنمس".. الحكام استفادوا من الجماعة فى بداية حكمهم قبل أن ينقلبوا عليها.. المجلس العسكرى لن ينجح فى تكرار ما فعله مبارك مع الإخوان الرئيس المخلوع حسنى مبارك
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"صراع الكوبرا والنمس".. بهذا العنوان وصفت مجلة فورين بوليسى الأمريكية العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين وحكام مصر منذ عهد الملك فاروق وحتى الرئيس مبارك.

وفى المقال الذى كتبه روبرت سبرنجبورج، أستاذ العلوم السياسية بقسم شئون الأمن القومى فى الكلية البحرية الأمريكية عن تلك العلاقة الشائكة، قال إن الصراع المميت على السلطة بين حكام مصر والإخوان يعود إلى حكم الملك فاروق، وكل حلقة من ذلك الصراع تبعها سيناريو يكاد يكون متطابقاً، ففى كل مرة يحدث تعايش لفترة وجيزة بين الحاكم والإخوان، إلا أن زواج المصلحة سريعا ما ينهار وسط اتهامات متبادلة بين الجانبين. فالحاكم الذى وصل حديثا إلى العرش الملكى أو الرئاسى يتواصل مع الإخوان للاستفادة من أو على الأقل تحييد التأييد السياسى الذى يحظون به. والإخوان من جانبهم يسعون إلى خطب ود الدولة لدرء التهديدات والحصول على الموارد وكسب موطئ قدم يمكنهم من خلاله أن يبدأوا صعودهم الأخير إلى السلطة، وبحكم التاريخ، وهو تاريخ معروف جيدا لكل الأطراف فى القصة التى تتكشف اليوم، فإن التعاون الحالى بين الحكام والإخوان لن يدوم.

ففى حالة الملك فاروق، بالغ الإخوان فى حملة الاغتيالات التى أثارت حملة مضادة أدت إلى مقتل مؤسس الجماعة حسن البنا وحملة قمع عامة ضد الجماعة. وفى حالة جمال عبد الناصر، ذهب النظام الجديد بعيدا وقدم للإخوان مقعدا فى الحكومة قبل استخدام محاولة الاغتيال "المزعومة" لعبد الناصر بعدها بعامين تقريبا لإطلاق حملة من الإرهاب ضدهم استمرت حتى نهاية حياته. أما الرئيس السادات فقد تواصل مع الإخوان لملء الفراغ السياسى الناتج عن تطهيره لحركة اليساريين الناصريين بعد أشهر قليلة من توليه الرئاسة. وظلوا لسنوات يتمتعون برعايته وحمايته قبل أن يسقط السادات ضحية لخوفه وجنون العظمة.

وتبنى حسنى مبارك نهجا مماثلا عندما تولى الحكم بعد اغتيال السادات، وأعاد فتح المجال السياسى للإخوان فى السنوات الأولى من حكمه الطويل قبل أن يستقر على صيغة فى التسعينيات والتى قيدتهم بشكل كبير دون أن تقضى على وجودهم السياسى. وعلى مدار سنوات تسامح مبارك واستفاد بالفعل من هذا الوجود المحدود، لكن مثل سابقيه، قام مبارك فى نهاية المطاف بتضييق الخناق تماما على الإخوان وسعى فى السنوات الأخيرة من حكمه إلى تدمير قاعدتها الاقتصادية والسياسية من خلال تصعيد حملة القمع والاعتقالات.

ويتابع سبرنجبورج قائلا: "إن تاريخ العلاقات بين حكام مصر المعاصرين والإخوان المسلمين قد مضى مرارا وتكرارا على نفس طريقة الاشتباك الملحمى بين النمس والكوبرا مع فوز النمس دائما. ويعى المشير حسين طنطاوى ورفاقه فى المجلس العسكرى هذا التاريخ جيدا ويشير سلوكهم إلى أنهم بدورهم يرغبون فى الاستفادة من التأييد السياسى للإخوان خلال الفترة الانتقالية. لكن ربما يتجه التاريخ إلى إعادة نفسه مرة أخرى. فالتنافس الكامن فى العلاقة بين الطرفين تجعل التعايش السلمى فكرة صعبة إلى حد المستحيل، لذلك فمن المتوقع أن يضرب النمس العسكرى الكوبرا الإخوانية مجددا، لكن النتيجة هذه المرة ستكون مختلفة تماما.

ويرى الكاتب أن المجلس العسكرى يلعب لعبة سياسية خرقاء قد تأتى بنتائج عكسية، فمع اقتراب تسليم الحكم إلى سلطة مدنية، يحاول الجيش بنشاط أن يضع الخطوط الحمراء التى يحمى بها مصالحه، غير أن هذه المحاولة أدت إلى تقويض التأييد السياسى الذى يحظى به، وأثار شكوكا حول هذا الأمر، فعلى المدى الطويل سيكون من الصعب على الجيش الدفاع عن الخطوط التى رسمها فى وجه ساحة الخلاف السياسة والرأى العام المصرى النشط. وستزداد المطالب بمراجعة ميزانية الجيش وإدارته الداخلية وتقاسم المسئولية فى صنع سياسات الأمن القومى.

وأحد الاحتمالات المطروحة أن يقرر مجموعة من الضباط، ربما من ذوى القناعات الناصرية المؤيدة للقومية العربية، أن المجلس العسكرى والإخوان والثوار وأى شخص آخر قد صنعوا الفوضى السياسية منذ 11 فبراير 2011، وأنهم فى حاجة إلى التدخل لإنقاذ الأمة، لكن فى مصر اليوم، سيكون من الصعب أن يضعوا أنفسهم فى مواجهة الإخوان الذين تم تمكينهم مؤخرا. وفى أى من الحلقات التاريخية، لم يسع الإخوان إلى حشد أنصارهم فى الشارع ضد الدولة، لكن هذه المرة وبعد أحداث العام الماضى، لا يستطيع أحد أن يضمن مثل هذا التحفظ بعدما وصلوا إلى مقعد السلطة.

من ناحية أخرى يبدو أن الاقتصاد السياسى الكامن فى علاقة التعايش بين الإخوان والجيش يبدو فى صالح الجماعة. فالانقسام الحالى فى النظام السياسى يمنح الجيش والإخوان سيطرة على المواقع الصعبة والسلسة على التوالى. فالأولى تشمل الآن كل القوات المسلحة بما فيها أجهزة الأمن والمخابرات وكذلك الشرطة إلى جانب المحافظين ورؤساء المدن والمجالس المحلية. وقد منح الإخوان منصب رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى فى مجلس الشعب للواء سابق، بما يشير إلى إذعان للجيش فى هذا المحال الرئيسى. أما الحقائب الوزارية الصعبة كالدفاع والإنتاج الحربى والداخلية والخارجية والمالية والتعاون الدولى فهى الآن فى يد موالين للمجلس العسكرى، ويحتمل أن يظل كذلك حتى فى أول حكومة مستقلة يتم تشكيلها هذا العام. وعلى الورق يبدو أن الجيش فى موقف لا يمكن تعويضه.

لكن سيطرة الإخوان على المناصب السلسة ونفوذها السياسى الأوسع هو أبعد ما يكون عن التفاهة. فالبرلمان الذى تهيمن عليه سيكون له سلطات أكبر من أى وقت مضى منذ الاستقلال عام 1923. وبينما من غير المرجح أن يعمد الإخوان إلى إضفاء الطابع المؤسسى على تلك السلطة فى هيئة منتخبة لا يمكن معها أن تكون متأكدة من السيطرة عليها فى المستقبل، فإن قادة الجماعة سيكونون قادرين على التهديد بنشر القوى الكامنة فى البرلمان لتعزيز نفوذها.. وإذا كان أداؤهم فى انتخابات المحليات مثل الانتخابات البرلمانية، فستكون لهم سيطرة حقيقية على المحافظات والمقاطعات وبلديات. والمجالس عند تلك المستويات ستكون قادرة على الصراع من أجل السلطة مع نظرائهم فى السلطة التنفيذية.

كما أن سيطرة الإخوان على النقابات المهنية والتأثير القوى داخل السلطة القضائية مثلما هو الحال فى نادى القضاة والمجلس الأعلى للقضاء، يوفر لهم قاعدة إضافية يمكنهم من خلالها بناء سلطة سياسية إضافية. وفى حين أن الدستور لم يكتب بعد، إلا أنه يفترض على نطاق واسع أن يتم وضع نظام تنقل فيه السلطة التنفيذية إلى الفرع التشريعى. والرهان الآن هو أن الرئيس سيكون مرشحا متوافق عليه بين الإخوان المجلس العسكرى، وبالتالى ضمان أن هذه الشخصية الرئيسية لا يمكن أن تكون وسيلة كاملة فى يد أحدهم.

ويشير الكاتب إلى أن الإخوان ربما يحاولون أن يبدأوا فى التحرك ضد القوات المسلحة فى وقت واحد من القمة والقاع. فالشرطة فى تراجع بالفعل ولا تحظى بشعبية، وبالتالى ستجد من الصعب أن تكون ضد الإخوان الذين يمتلكون السلطة الحقيقية فى الشارع. وسيكون الأمر نفسه حقيقيا وإن كان بدرجة مختلفة مع الأجهزة الأمنية والعسكرية خاصة فى قوات الأمن المركزى التابعة لوزارة الداخلية. ومن القمة إلى الأسفل، يمتلك الإخوان بلا شك مؤيدين داخل فرق الضباط سيعون إلى تعزيزيهم.

وختم الكاتب مقاله بالقول إن التعايش الحالى بين الجيش والإخوان والمبنى على التفوق العابر للجيش، غير مستقر بطبيعته. ومن غير المحتمل أن تنجح أى ضربة استباقية من جانب الجيش ضد الإخوان على العكس مما حدث فى المراحل السابقة. والفشل فى توجيه هذه الضربة، سيجعل الوقت فى صالح الإخوان. وهذه المرة سيكونون هم النمس المنتصر والجيش هو الكوبرا المهزومة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة