ما لا تعرفه عن أمير الساخرين.. رحلة جلال عامر بين البسمة والأمل والألم

السبت، 25 فبراير 2012 04:49 م
ما لا تعرفه عن أمير الساخرين.. رحلة جلال عامر بين البسمة والأمل والألم جلال عامر
كتبت - دينا عبدالعليم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ابتسم من فضلك بإرادتك قبل أن تبتسم رغما عنك، فأنت الآن فى حضرة الساحر الساخر، ابتسم بإرادتك حتى يرى البسمة المرسومة على وجهك فيعلم أنه مازال قادرا على العطاء رغم رحيله، ابتسم فابتسامتك أقل ما نقدمه للكاتب الكبير الراحل جلال عامر، الذى رحل عن عالمنا مهموما بنا، موجوعا بآلامنا، لم يشكُ يوما من مرض أو ضعف أو قلة حيلة، فقط بكى عندما رأى المصرى يتطاول على المصرى، ويضربان بعضهما، وقتها فقط شعر بالألم، وكانت المرة الأولى التى نرى فيها دموع الساخر، ووجهه مهموما، قال كلمته الأخيرة «المصريين بيموتوا بعض»، ولم يحتمل ألمها، فأصيب بجلطة فى القلب أجرى على أثرها عملية جراحية، لكنه سرعان ما رحل فى هدوء تام مثلما عاش فى هدوء.
«اسمى جلال وفى البيت المخفى، لكننى صعلوك عابر سبيل، ابن الحارة المصرية، ليس لى صاحب، لذلك كما ظهرت فجأة سوف اختفى فجأة»، هذا ما أعلنه الراحل عن نفسه، لكن بقيت هناك العديد من الأمور التى لم يعلنها، ومنها أنه كان قليل الأكل والشرب، ولم يكن يفضل وجبة أو مشروبا بعينه، لكنه كان يعشق لعبة الشطرنج، وذلك وفقا لتصريحات نجله الكبير «رامى»، الذى قال لـ«اليوم السابع» إنه تعلم لعبة الشطرنج من والده وهو فى السادسة من عمره، قائلا: إنه كان «حريف» شطرنج، وكان يهزم كل من يلعب معه، وآخر مرة لعبنا سويا منذ شهور فى البيت ووقتها هزمنى «بابا 2 - 1»، وكنا كثيرا ما نلعب أيضا على بعض مقاهى الإسكندرية التى كان يحب الجلوس عليها ومنها مقهى «النيل وفاروق»، إلا أنه كان يعشق «قهوة القهوتين».
وفقا لحديث رامى مع «اليوم السابع» كان الراحل جلال عامر يكره الروتين، ويكره أيضا التدخل فى أمور الغير، لم يكن له صديق مفضل أو «شلة» يجلس معها باستمرار، بل كان على درجة واحدة من القرابة بكل الناس المحيطين به، موضحا أنه عندما كتب «ليس لى صاحب»، لم يقصد أنه ليس له أى صاحب وإنما ليس هناك صاحب مفضل أو قريب، كما كان يعشق كل الفقراء والبسطاء، ويعتبرهم «الوحى» الذى يأتى إليه ليبدع، فيتحدث معهم ويناقشهم ثم يكتب عنهم ولهم، ومثلما كان لا يفضل نوعا بعينه من الطعام أو الشراب أو الأصدقاء، كان أيضا لا يفضل نوعا بعينه من الكتب، فكان يقرأ كل شىء لكل الناس وفى شتى المجالات، والفلسفة كانت الوحيدة التى اهتم بها أكثر فقرر دراستها والتعمق فيها، وآخر ما كان يقرأ قصة بعنوان «البجعة السوداء»، للكاتب الأمريكى «من أصل عربى» نسيم طالب، وهى القصة التى توفى «عامر» قبل الانتهاء من قراءتها.
رواية الراحل جلال عامر المفضلة كما يقول «رامى» هى «ثورة على السفينة بونتى»، للكاتب الإنجليزى «وليم بلاى»، موضحا أنها رواية مأخوذة عن قصة حقيقية تحكى عن قيام عمال السفينة بثورة على القبطان وطردوه منها فى عرض البحر، فعاد القبطان فى قارب صغير إلى لندن، موضحا أن «جلال عامر»، كان دائما يبحث عما وراء المشهد، ويفكر فى المصائر المختلفة.
عاش جلال عامر ومات فقيرا، لم يترك لأولاده سوى الستر ومحبة المصريين، فقد ظل يكتب فى عدد من الجرائد لسنوات بدون عائد مادى، وهنا يقول رامى جلال عامر إن والده بدأ الكتابة الصحفية فى جريدة القاهرة بعمود صحفى، ثم كلفه الكاتب صلاح عيسى بمسؤولية صفحة «القراء»، وبعد شهور انتقل للعمل فى جريدة بالإسكندرية اسمها «التجمع»، وكانت تجربة جديدة فدعمها وظل يعمل بها لمدة عامين، رغم أنها كانت مهددة بالتوقف، حتى توقفت، ثم عمل بجريدة البديل، وكان أول راتب يحصل عليه من الصحافة هو 150 جنيها عام 2001، وتدريجيا وصل هذا المبلغ إلى 450 جنيها ثم إلى 1150، ووقتها كانت أزمة «البديل» المادية بدأت تظهر، وعرضت عليه جريدة «المصرى اليوم» الكتابة يوميا بشرط أن يترك «البديل» تماما مقابل مبلغ مادى كبير جدا، لكنه رفض وقتها وقال إن «البديل» تنهار تدريجيا، ويسندها كتابها، فلو تركها الكتاب ستسقط تماما، وهنا عرضت عليه جريدة «المصرى اليوم» أن يكتب ثلاثة أيام فى الأسبوع ويظل يكتب فى «البديل» فوافق، وظل يكتب حتى أغلقت الجريدة تماما، أما الكتابة نفسها فكان يمارسها عامر فى الصباح الباكر، يستيقظ فى الخامسة أو السادسة أو السابعة على أقصى تقدير، يكتب على الورقة، فهو لم يستخدم الكمبيوتر أبدا، وبعد أن ينتهى يقوم بإيقاظ أحد أبنائه ليجمع ما كتبه على الكمبيوتر ثم يرسله عبر البريد الإلكترونى، مضيفا أنه لم يفكر يوما فى استخدام الكمبيوتر لأنه لم يكن بحاجة لذلك مادام يقوم به أولاده.
يوم 11 فبراير 2011 كان يوما استثنائيا فى حياة كل المصريين، وبالطبع كان فارقا فى تاريخ جلال عامر، هذا ما أكده نجله قائلا: إن والده عاد بعمره عشرين عاما للوراء يوم تنحى الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، وشعر وقتها بأن التعب والمجهود والتضحية يأتون بنتيجة، لكن سرعان ما تحول هذا الشعور يوم الاستفتاء على الدستور، وبدأ الراحل من وقتها يشعر بالحزن شيئا فشيئا، وكان مع كل حدث سيئ يقفز بالعمر عشر سنوات للأمام، وكأنه كان يعود لعمره الطبيعى، حتى جاء يوم كارثة بورسعيد وكان بحق يوما مشؤوما، ومنذ هذا اليوم وأبى أرهق نفسيا وجسديا لأكثر درجة وبدأ الموت يقترب منه حتى كانت النهاية.

























مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

عابر سبيل

ابن الحاره المصريه

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد عبدالرحمن

ربنا يرحمه

ربنا يرحم عمنا جلال عامر ويدخله فسيح جناته

عدد الردود 0

بواسطة:

shery

سنفتقدك يا عظيم

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسين

كان انسان جميل

سوف تظل ذكراه فى قلوبنا اللهم اسكنه فسيح جناته

عدد الردود 0

بواسطة:

سالي مزروع

الله يرحمك ويسكنك فسيح جناته

عدد الردود 0

بواسطة:

هاله

ستعيش فى قلوبنا

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

جلال عامر آخر الرجال المحترمين

عدد الردود 0

بواسطة:

أحمد المغربى

سنفتقدك أيها الساخر

رحمه الله عليك
و نسأل الله لك الجنه و نعيمها

عدد الردود 0

بواسطة:

سما محمد

وحشتنا ياعم جلال

:(

الله يرحمك يارب وحشتنا اوى

عدد الردود 0

بواسطة:

مصباح بدوي

عاجز

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة