غرفة صغيرة فى حوش المنزل الريفى الكبير، تناثرت بها الأشياء المهملة والكراكيب، خلف باب مغلق فى الدور الأسفل للمنزل الكبير بقرية "قطيفة مباشر" بمحافظة الشرقية التى شاعت فيها تقاليد أهل القرية، بالإضافة إلى خلطة حديثة من التعليمات الصارمة والأفكار التى شابها الفهم الخاطئ لتعاليم الدين الإسلامى السمحة والتى انعكست واضحة على أطفال القرية، فالفتيات يرتدين الحجاب فى سن صغيرة ولا يخرجن من المنزل سوى للضرورة القصوى، الأمر الذى رفضته "إلهام" فقررت خلق حياة جديدة لهؤلاء الأطفال من داخل هذه الغرفة بمنزلها لتحول الغرفة فى وقت قصير إلى طاقة أمل خلقتها "إلهام الجمال" لأطفال قريتها حتى تنقذهم من المفاهيم المغلوطة التى تناثرت على عقول ذويهم عبر الزمن.
"الخان" هو الاسم الذى أطلقته "إلهام الجمال" الصحفية بجريدة "وشوشة" على الغرفة الصغيرة التى خصصتها من داخل منزلها بالقرية التى ولدت وتربت بها، والتى من خلالها جمعت الأطفال أسبوعيا لتعلمهم "الحياة"، وتتيح لهم بالكثير من الجهد الفردى سبلا جديدة لإخراج إبداعاتهم وطاقاتهم المكبوتة، وتعلمهم القراءة والرسم والكلام والصلاة والتمثيل والغناء واحترام بعضهم بعضاً، لتتحول هذه الغرفة الصغيرة بعد فترة رفض قاطع من أهالى الأطفال إلى ملجأ وملاذ لهم يتح لهم إخراج كل طاقاتهم فى صور تبدو بسيطة فى واقعها، ولكنها شديدة العمق فى معناها.
"إلهام" تحدثت لـ"اليوم السابع" عن تجربتها التى أعطتها شخصياً أملاً جديداً فى الحياة: "الموضوع بدأ عندما شعرت بحال بنات أخى الذى سيطرت عليهم مفاهيم مغلوطة، حيث كل شىء عيب وحرام، إلى جانب الضعف الشديد فى المستوى الثقافى والعلمى، الأمر الذى جعلنى أحمد الله على تعليمى خارج القرية، ومن هنا قررت إمداد هؤلاء الأطفال بكل ما تعلمت ومساعدتهم على الخروج إلى الحياة الحقيقية حتى ولو من داخل غرفة "الخزين" فى منزلنا الريفى".
"تكمل إلهام" بدأت فى تنظيف الغرفة وطلاءها بألوان مبهجة، واشتريت أدوات الرسم وقصص الأطفال وبعض الأدوات الأخرى كالصلصال والورق المقوى، ودعوت بنات أخى الصغيرات لإحضار أصدقائهم إلى الخان، وبالفعل بدأ الأطفال بالتوافد على الخان، وبدأت من هنا رحلة تعليمهم كل ما فاتهم، بداية من تعليمهم الحديث سوياً بدون التطاول على بعضهم البعض وسرد القصص وتعليمهم أصول دينهم الحقيقية بعيداً عن التشدد، إلى تعليمهم الرسم والتلوين وتركهم للإبداع بكل ما يرغبون فى فعله، الأمر الذى فاجأنى عندما وجدت الطاقة الهائلة التى يعمل بها الأطفال وحب التعلم الذى حرموا منه.
وتحكى إلهام عن شعورها بنجاح التجربة قائلة" الأمر الأخطر والذى أشعرنى بمدى أهمية الخان، هو غياب الثقافة عند هؤلاء الأطفال الذين لم يتوفر لهم أى قدر من المعلومات، وهو ما لمسته عند سؤالى للأطفال عم ما يعرفونه عن يوم 6 أكتوبر وفوجئت بالإجابة "بناخده إجازة يا أبلة"، من هنا بدأت فى تعليمهم بعض الأشياء عن مصر وتاريخها ومساعدتهم فى فهم دروسهم وليس حفظها، وأكملت الأمر بتعليمهم الديمقراطية من خلال الانتخابات التى أجريتها داخل الخان ونجحت بشكل كبير فى تعليمهم المعنى الأول لاحترام رغبة الأغلبية، ثم قررت بعدها تشجيعهم على القراءة فتطوعت بمكتبتى الخاصة لأقرأ لهم منها فى شتى المجالات، وكان شعورى لا يوصف عندما أثنى مدرسو المدرسة على معظمهم، وكيف أصبحوا مشاركين بإيجابية فى كل نقاش داخل الفصل.
"إلهام الجمال" التى خلقت من داخل غرفة "الخزين" عالم جديد لأطفال قرية "قطيفة مباشر" بالشرقية، نجحت فى فترة قصيرة فى تغيير حياة أكثر من 40 طفلا بالقرية تماماً تحولوا فى حوالى عام أنفقت فيه "إلهام" من جيبها الخاص على كل نشاط داخل الخان، إلى مبدعين وصانعين للمشغولات اليدوية واللوحات وقراء ومتحدثين بشكل إيجابى، إلى جانب المسرحيات والعروض الرائعة التى قام بها الأطفال، وفى نهاية حديثها لـ"اليوم السابع" قالت "إلهام": "كل ما أتمناه أن يخرج من داخل هذه الغرفة أشخاص على قدر من المسئولية يستطيعون الاعتماد على أنفسهم وبناء وطنهم بشكل حقيقى، كما أن هذه الفكرة قابلة للسرقة فى أى وقت من كل من يرغب فى المساهمة فى بناء جيل المستقبل بأى طاقة هو قادر عليها، وأتمنى أن أرى "خان" داخل كل قرية فى مصر".
جانب من الاحتفال
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد المصرى
فالفتيات يرتدين الحجاب فى سن صغيرة???? ... لا لا عيب وميصحش
حسبنا الله ونعم الوكيل
عدد الردود 0
بواسطة:
خالد زعيتر
تعليق واحد من القرية
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد
واحد من القريه