خالد أبو بكر

رسالة إلى البرلمان: راجعوا قوانين المشير ولا تتحدثوا عن القضاء

الإثنين، 20 فبراير 2012 10:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يستمد القضاء مكانته المرموقة من الشريعة الإسلامية، حيث إن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أشارت إلى القضاء والتحكيم والحكم بين الناس، فيقول الله تعالى فى سورة النساء «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعمّا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً»، ويقول سبحانه وتعالى أيضا فى نفس السورة الكريمة: «إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً».

أما فى السنة النبوية الشريفة فيطالعنا حديث الرسول «صلى الله عليه وسلم» عن مكانة القضاء والقضاة فى الإسلام، يقول الرسول «صلى الله عليه وسلم»: القضاة ثلاثة: قاضيان فى النار، وقاض فى الجنة، قاض عرف الحق فقضى به فهو فى الجنة، وقاض قضى بجهل فهو فى النار، وقاض عرف الحق فجار فهو فى النار.

وفى مصر إن أردنا أن تكون لهذا البلد نهضة وإعادة بناء فإن القضاء هو الكيان الأول الذى لابد أن نلجأ إليه.

وفى الآونة الأخيرة طالعنا بعض أعضاء مجلس الشعب فى أحاديث تحت قبة البرلمان يطلبون سرعة المحاكمات لرموز النظام السابق، ولا أدرى ماذا يقصدون بسرعة المحاكمات ومن هو الذى وجب عليه أن يسرع.

إن السلطة التنفيذية ممثلة فى وزير العدل ومرؤوسيه تختص بتحديد جلسة بداية أى محاكمة.
أما بعد أن تبدأ الجلسة الأولى فلا سلطان على القضية وما يدور بها إلا للقاضى وحده، ومن هنا لا يجرؤ أحد أيا كان على الحديث مع القاضى ليطلب منه أن يسرع أو أن يبطئ فهذا مرجوعه له وحده.

والفارق كبير بين القاضى وبين غيره من الناس، ففى المرحلة الحالية من أهم الشخصيات التى تلعب دورا محوريا وقانونيا فى حياتنا رئيس مجلس الشعب، ورئيس المجلس العسكرى، لكن علاقة المجتمع بهذين تختلف تماما عن علاقة المجتمع بأصغر قاض فى مصر، فرئيس البرلمان أو المشير يستطيع أصغر مواطن أن يسألهما، ويجب عليهما أن يجيبا المواطن عن سؤاله، وللمواطن أن يراقب أفعالهما ويستطيع ألا ينتخب الأول أو أن يعزل الثانى إن رأى ضرورة فى ذلك.

أما علاقة المواطن بالقاضى فهى مختلفة تماما، فالقاضى يستطيع أن يستجوب ويقبض على الأشخاص تحقيقا للعدل ولا يحاسبه إلا الله على أعماله وأحكامه، ولا يملك أى مواطن تقديم سؤال للقاضى ليقول له، لماذا تصرفت بشكل ولم تتصرف بآخر؟

ولابد علينا جميعا أن ندعم القضاة ونقف خلفهم فى ذلك لأنهم لا يمثلون أنفسهم، وإنما يمثلون سيادة القانون ويحققون بأحكامهم درعا خاصة لكل من اقترف فعلا فى حق المجتمع ودرعا عامة لكل شخص ينتوى أن يقوم بفعل يؤثمه القانون.

والحقيقة أننى أعتبر أن حديث بعض أعضاء مجلس الشعب عن الإسراع فى المحاكمات له مرجعية حسنة النية، ولم يقصد به التدخل الصريح فى عمل القضاة، لكن كان لابد أن يكون لنا وقفة، حيث إن تكرار الحديث بهذا الشكل يعد تجرؤا على القضاء وهو ما لا يقبله أى شخص فى مجتمع نسعى لأن يسوده القانون.

إلا أننى أيضاً لا أفهم لماذا لا يراجع رئيس البرلمان وأعضاؤه القوانين التى صدرت عن المجلس العسكرى طوال الفترة الماضية؟ والتى علم بها المجتمع وتعامل معها على أنها أمر واقعى وكانت أشبه بالأوامر العسكرية، ولا أتخيل أن 18 فردا من أعضاء المجلس العسكرى يستطيعون أن ينشئوا قوانين وتشريعات لمستقبل حياتنا أيا كانت صفة هؤلاء.

إننى أطالب البرلمان بأن يقوم بمناقشة جميع المراسيم بالقوانين التى صدرت منذ تنحى مبارك ومنها ما استمر إصداره إلى قبل انعقاد البرلمان بساعات. وإذا كان المجلس العسكرى يحل محل رئيس الجمهورية فإن القانون لم يعط الحق مطلقا لرئيس الجمهورية فى إصدار القوانين، وإنما أوجب أن يجيز البرلمان تلك القوانين التى تصدر عن الرئيس وإن لم يجزها البرلمان تصبح لاغية.

وسأقص عليكم حكاية قانون من تأليف وإخراج ولصالح المجلس العسكرى وهو المرسوم بقانون رقم 45 لسنة 2011 والصادر فى 10 مايو العام الماضى وبعد 3 شهور من تنحى مبارك
مضمون هذا القانون يقول:
«يختص القضاء العسكرى دون غيره بالفصل فى الجرائم المنصوص عليها فى الأبواب الأول والثانى والثالث والرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات والجرائم المنصوص عليها فى القانون رقم 62 لسنة 1975 فى شأن الكسب غير المشروع التى تقع من ضباط القوات المسلحة الخاضعين لأحكام هذا القانون ولو لم يبدأ التحقيق فيها إلا بعد تقاعدهم»
يعنى إيه بقى الكلام الكبير اللى مكتوب فى القانون ده؟

يعنى المجلس العسكرى لما شاف إن مبارك وولاده ووزراءه قرر الشعب محاكمتهم وجدوا أن معظمهم قد تربحوا زورا من مناصبهم وعليه تنسب إليهم جرائم أنهم اكتسبوا بشكل غير مشروع.

هنا المجلس العسكرى قال «وأنا أخرج بره بيتى ليه، إفرض بعد ما سلمنا الحكم وواحد راح مقدم بلاغ من هنا ولا من هناك، نقف متهمين أمام القضاء العادى والنائب العام بتاع اليومين دول، لا إحنا نروح النيابة العسكرية أحسن».

طيب إيه السر؟ الله أعلم وليه المجلس العسكرى يصدر «قانون» بالشكل ده يعدل فيه قواعد كانت سارية من 35 سنة؟ برضه الله أعلم، ده مش دورى ولا دورك ده دور البرلمان الحالى اللى لازم يفهم، لماذا تم استصدار هذا القانون ولمصلحة من وإذا لم نكن فى حاجة إليه فلماذا لا يتم إلغاؤه؟

دى الحاجات اللى لازم البرلمان بتاعنا يناقشها بكل جرأة ولا يسامح إطلاقا فى إعطاء ميزة لأحد، لكن عشان أكون واقعيا، الكرة فى ملعب الأغلبية، فلابد أن يقرروا هم، ولا يستطيع أحد أن يصدر قرارا فى المجلس دون موافقة الأغلبية.

طيب يا ترى ليه الأغلبية اللى عندنا فى البرلمان لا تتحرك وتناقش قوانين المجلس العسكرى اللى طلعوها فى الزحمة؟ الإجابة مش عندى، الإجابة لازم يقولها لنا الدكتور الكتاتنى وزملاؤه.

لذلك أنا أتوجه إليه برسالة بصفتى مواطنا مصريا، أطلب منه أن تتم مراجعة كل قوانين المرحلة الانتقالية التى صدرت عن المجلس العسكرى، وطرح أهميتها للمجتمع والموافقة عليها أو تعديلها أو إلغائها.

وياريت يا دكتور كتاتنى بعد إذن المرشد والدكتور عصام العريان بلاش موضوع الحديث عن القضاة دا، لأن إحنا عايزين نقيم دولة مؤسسات مش دولة حريفة انتخابات، ومبروك عليك الكرسى الجديد.





مشاركة




التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

مقال رائع وحكيم ولكن لى ملاحظات اسمح لى اسردها باختصار

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

هل تسمع عن محكمة الدجوى - محاكمات شركات توظيف الاموال - رجاء تفحصها سريعا

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

مهندس/ ياسر

على الرغم

عدد الردود 0

بواسطة:

Akram

شكراً ....... ألأستاذ خالد أبوبكر

بارك الله فيك

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة