راسلنى صديق صينى من بلاده وبعث لى عبر بريده الإلكترونى عبارة صينية لم أفهمها .... فحاولت الاتصال به ليفسر لى معناها حيث إنه يتقن العربية .... فقال لى أن تلك الكلمة التى أرسلها لى هى توليفة سحرية لبناء الأوطان وأفادنى أن تلك الكلمة تعنى إرادة النجاح ....
وقال إن تجربة بلاده فى بدايتها بدت صعبة وعسيرة فى ظل حروب وصراعات وفوضى قضت على الأخضر واليابس ...وبدت الأمور ضبابية فى ظل استمرار الصراعات والخلافات والاتهامات التى كادت تعصف بوحدة الشعب الصينى وتسارع فى إنهاء حلمه ... إلا أن شعبهم وجد نفسه يتكلم أكثر مما يعمل .... وكلامهم كان بمثابة خناجر لأوطانهم ...فلما أدرك الشعب الصينى الخطر المحدق به أدار ظهره عن كل خلافات واتهامات لا طائل منها سوى إهدار الوقت والجهد .... أداروا ظهورهم عن الماضى بصوره القميئة، وبدوا أكثر تصميماً على بناء المستقبل حتى جاوزت بلادهم الخطر، بل وحققت نجاحات يشهد لها القاصى والدانى.
شعرت فى خضم حديثه وكأنه يشير إلينا فى كلامه، ويحذرنا مما نحن قادمون عليه، فى ظل حروب كلامية واتهامات بالخيانة والعمالة التى تزيدنا تفرقاً وتشرذماً، والتى تنهك قوانا وتعجل بنهايتنا.
ثم قطع صديقى حاجز الصمت بيننا ليؤكد لى صدق ظنونى، موضحاً أنه يحب مصر، ويهيم عشقاً بها؛ لأنه قضى عمرا ليس بالقصير فيها، ويحزنه ما يحدث فيها من الجميع ... ممن يبذر بذور الفرقة ويسقيه بالحقد الأسود... ممن ينجرف وراء شعارات ضالة ومضللة يريد بها أن يلهب المشاعر ويؤججها... ممن يخاف أن يقول كلمة حق ليس إلا رياءً ونفاقاً، وخوفاً من فصيل بعينه... ممن انشغل وشغل الناس فى حروب كلامية وصراعات وهمية... ممن أسرف فى ماض انتهى ونسى أن هناك مستقبلاً هو أولى بالاهتمام.
فذرفت دموعى على خدى لأنى أدركت أننا مقبلون على حروب ونزاعات أكبر لو استمرت الحناجر والكلمات التى هى بمثابة خناجر وطلقات رصاص تغتال أحلامنا وأمانينا وتحيلها إلى درب من دروب المستحيل.
نعم سنحاسب عن كل كلمة لم نسع إلى إدراك أبعادها ومعانيها، ولن نحقق مرادنا، إلا إذا تنازلنا عن الغضب والحنق، والنظر بإفراط إلى الماضى، وترك مستقبلنا يخطط له غيرنا ممن لا يتمنى لنا الخير.
لا يعنى ذلك أن نتنازل عن حقوقنا، ولكن لا يصح أن ينفرط عقد المستقبل من بين أيادينا، ونحن نعيد ونكرر ما قاله من قبلنا دون أن نصل إلى نتيجة.
ورغم قلقى وتخوفى من الحروب الكلامية والنزاعات الوهمية فى المقاهى وأمام شاشات التلفاز وفى الشوارع وفى أماكن العمل وعلى صفحات الفيس بوك، إلا أننى على يقين بأنه سيأتى علينا يوم نكف فيه عن تلك الحروب والنزاعات، ونفيق لمستقبلنا الذى لن يبنيه غيرنا بتوفيق من الله العلى الكبير.
صورة أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
م ماهر مقلد
يا رب احمي مصر
عدد الردود 0
بواسطة:
سمير احمد مشيمش
من أجل مستقبل أفضل لمصرنا وابناؤنا
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
مقالة رائعة
عدد الردود 0
بواسطة:
سلمى أبو علي
غدا أجمل بإذن الله
عدد الردود 0
بواسطة:
سحر الصيدلي
مقالة رائعة