د.الحسينى إسماعيل يكتب: من يلم شملنا؟

الخميس، 06 ديسمبر 2012 09:33 ص
د.الحسينى إسماعيل يكتب: من يلم شملنا؟ جانب من الاشتباكات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يخفى على المتابع للمشهد السياسى المصرى هذه الكآبة، وذاك الحزن الشديد الذى يشعر به كل من فى قلبه مثقال ذرة من حب وإخلاص لهذا الوطن، نتيجة لحالة الشتات والانقسام فى الآراء والتوجهات بين كل فصيل وآخر من فصائل الطيف السياسى المؤثر فى رسم ملامح السياسة المصرية.

ماذا دهى المصريين ليصابوا سريعا بعد ثورتهم بهذا الداء العضال المسمى بالانقسام؟

إن الاختلاف فى وجهات النظر تجاه أى قضية من قضايا المجتمع لهو أمر صحى ومفيد نظرا لما ينتج عنه (أى الاختلاف) من تنقيح لمواطن الضعف وإبراز نقاط القوة فى القضية محل النقاش أوالاختلاف وذلك هو الأمر الطبيعى والذى يجب أن يكون الهدف من وراء الاختلاف فى الرؤى والأطروحات.

ولتحقيق هذا الأمر لابد وأن يتوفر لدينا نفوس متجردة من الأطماع الذاتية والمتحلية بروح الوطنية الخالصة والخوف على وحدة الوطن ومصلحته لذا فهى تسعى منذ بداية نقدها أو اعتراضها على أى قرار أو قضية هامة إلى تقديم رؤيتها مجردة من التعصب الأعمى لرأيها وعدم التشدد فى أسلوب اعتراضها ونقدها، الأمر الذى يدفع الأطراف الأخرى فى نفس القضية إلى تقدير قيمة المعترض والإعلاء من شأن نقده وأخذه بعين الاعتبار.

إن ما يحدث من انقسام حاد فى الرؤى فى الشارع المصرى حول العديد من القضايا والذى بدوره أدى إلى ما نشعر به جميعا من احتقان وغليان داخل النفوس لهو أمر شاذ عن أساسيات النقد والمعارضة السليمة، حيث إنه يوما بعد يوم يجذب الوطن جذبا إلى الانحدار نحو هاوية الحرب الأهلية، وهدم مؤسسات الدولة بدلا من بنائها والرقى بها.

ومرد هذا المشهد الكئيب هو أن ثورتنا المجيدة رغم نجاحها الباهر فى لم الشمل لأيام معدودة إبان المطالبة بسقوط النظام البائد، إلا أنها فشلت فشلا ذريعا فى خلق كوادر حكيمة تتولى كبح جماح الشاردين عن منهجها السلمى وتوجيه دفة السفينة دوما إلى الأمام بدلا من ذلك، التخبط يمنة ويسرة فى أمواج التعصب الأعمى للأهواء وأحيانا الجهل المقيت بأهداف ثورتنا بعد سقوط النظام.

إن افتقار ثورتنا إلى التوافق بين كل أطيافها لا سيما بعد انتخاب رئيس مدنى من بين أبناء الثورة إنما يرجع إلى عدم انتباهنا لأهمية الإعلاء من قدر ومكانة العقلاء والحكماء فى هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا، وذلك لأهمية هذا الصنف من الثوار الحكماء والعقلاء فى إحداث التوازن المطلوب بين كل الأحزاب والتيارات والجماعات، وأيضا فى التقريب بين وجهات النظر والدعوة من حين لآخر إلى حوار هادئ بكل مقومات الحوار الراقى الهادف إلى إيجاد الحلول والخروج من الأزمات الراهنة واللاحقة.

وأشد ما يحيرنى هو تعالى الأصوات الرامية بالكرة إلى ملعب رئيس الدولة فى لعب هذا الدور للم الشمل والتوافق بين كل المصريين متناسين تماما أن هذا الرئيس مهما أوتى من حكمة وعقل راجح لا يعدوا أن يكون عقلا واحدا من بين آلاف العقول من شعب مصر المنوط بها لعب هذا الدور فى التوافق والاتحاد.

إن كل فرد يظن فى نفسه الإخلاص والخوف على هذا الوطن عليه مسؤلية لعب نفس الدور فى التوافق وتقريب وجهات النظر حتى تهدأ رويدا رويدا تلكم الأصوات المتشنجة والمنادية بالصدام والانقسام بين أبناء الوطن الواحد.

وما زال الأمل كبيرا فى انتفاضة العقلاء والحكماء من هذا الشعب فى الدعوة إلى لم الشمل والتوحد حول الأمور المتفق عليها (وما أكثرها) والتحاور الهادف العاقل حول المختلف فيه (وهو قليل) لنخرج بالوطن من كبوته وعثرته الحالية ويزول شبح الكآبة والخوف من سماء مصرنا المحروسة، فمصر ما خُلقت إلا لتعلو فوق الضغائن والأحقاد وشعبها ما وجُد إلا ليضرب المثل لباقى الشعوب فى الحكمة والعقل.





مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

د/ حسن هاشم

من أشعل النيران يطفئها

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة