سارة البطاروى ذات ال26 عاما قررت دخول عالم تصنيع وتحريك الماريونت والوقوف أمام حرب التكنولوجيا، منذ 4 أعوام وهى تعرف أن هذا العالم الذى يختفى شيئا فشيئا يحتل ما تبقى منه بشكل شبة كامل أبناء آدم وخصوصا فى جانب التصنيع الذى يحتاج لأصحاب العضلات المفتولة والمجهود الوفير، ولكن وقتها كان سحر العرائس قد قام بمفعولة فلم يدع لها مجالا للتراجع، وخصوصا وهى ترى الفن الذى حفر فى ذهنها مئات المعانى وهى صغيرة يختفى يوم تلو الآخر وتشاهد أجيال جديد تظهر دون أن تعرف حتى اسمه بعد إن كانت مصر منارة فى هذا الفن على يد الفنان صلاح السقا الذى ساهم فى إنشاء مسرح القاهرة للعرائس.
من بوابة ساقية عبد المنعم الصاوى بدأت سارة محاولات إحياء الماريونت والبحث عن حقوق العرائس باستخدام البشر دون أن تعرف أنه سيأتى اليوم الذى ستبحث عن حقوق الإنسان باستخدام العرائس، لتنضم إلى فرق الماريونت فى الساقية وتعمل معهم ولكن بعد وقت ليس بطويل بدأت قيود العمل والنظام فى فريق عمل الساقية تكبل طموحها فى تقديم المزيد وتقول "وقتها كنا بنعمل شغل هايل ولسة مستمرة فيه لحد دلوقتى لكن كان لية نظام معين وأنا كان عندى أفكار أكثر فبدأت أفكر فى أنى اعمل مشروع "عرائس باطرو" عشان يكون مشروع حر لتجديد الفن بشكل كامل".
من بوابة الثورة أطلقت سارة فكرتها بعد أن ظلت حبيسة عقلها لشهور قامت خلالهم بالبحث على أحدث طرق صناعه العرائس فى العالم دون أن تقرر التنفيذ، حتى اندلعت الثورة، وأنقطع الاتصال بشبكات الإنترنت ونزل الجميع إلى اللجان الشعبية، وفتح أفراد العائلة برامج التوك شو لمتابعة مصير البلاد، كانت سارة تغلق الباب على نفسها، وتحول حجرتها إلى مصنع "عرائس الباطرو" الخاصة بها والتى دمجت فيها ما تعلمته من فن النحت مع متابعة وبحث الشهور عن الطرق الجديدة وبدأت تستخدم بدائل عن الخشب الذى يستخدمه صانعو العرائس الرجال لتستخدم الفوم وعجائن الورق التى تناسب عضلاتها النسائية.
"وقتها عملت شغل رائع طبعا مش احترافى بالشكل الكامل لكن كانت بداية قوية والأهم كانت فكرة العرائس على أشكال الناس، واللى شدت عرسان كثير للفكرة وبدأت تنشرها وسط الشباب اللى فرحوا بالعرائس وهى شبههم" تقول سارة فى فخر بداية مشروعها وعملها الذى لم يلبس إلا وتطور لتكون بعد وقت قصير فى مهرجان "الكوربة" بجانب 6 من أصدقائها يحركون معا عروسة ترتفع مترين عن الأرض صنعتها بنفسها بشكل كامل لترى الناس والشباب يعود للانبهار بفن الماريونت ويحاول التقاط الصور مع العروسة، ويسأل عن كيفية تنفيذها وتتابع "انبهرت بالعرائس الضخمة فى أوروبا هناك كانوا بيستخدموها للمظاهرات أو الحفلات الكبيرة بس أنا كان كل هدفى أنى أخلى الناس ترجع تبص للعرائس بشكل جديد والنتيجة كانت مبهرة".
"مسرح باطرو المتحرك" هو حلم صانعه الماريونت لإخراج الفن من بين شاشات التليفزيون وأخشاب المسارح إلى قلب مصر فى الحوارى والقرى الفقيرة وهو الحلم الذى نافس فى مسابقة فكرتى بالجامعة الأمريكية أمام 43 فريقا، واجتاز المراحل الأربعة الأولى حتى وصل للنهائيات وفاز بحائزتين وأصبح الآن مشروع مكتمل لا ينقصه سوى التنفيذ وتقول "المسرح ده هيخلى لعرائس هى اللى تروح لكل الناس وهيبقى مسرح على عربية نقدر نلف بيه فى القرى والصعيد والأماكن الشعبية ونعمل عروضا من خلاله فى كل مكان، ودلوقتى شغالين على توفير الأموال ليه".
"طبعا هتعيش لأن الروح اللى بين المحرك والعروسة وصناعتها والجمهور عمر ما التكنولوجيا تقدر تعملهم حتى لو كسبت فى البداية ارتباط الناس بالعرائس هيفضل عايش" تقول سارة بقوة وهى ترد على إمكانية أن تستطيع خيوط وعرائس الماريونت فى الوقوف أمام زحف التكنولوجيا قبل أن تنهى حديثها وهى تؤكد أنه سيأتى اليوم الذى تصبح لكل مدينه مسرح العرائس المتحرك الذى يجوبها ليحكى ويربى الأطفال بشكل جديد وممتع.








