فى ركن صغير اختاره لنفسه بين باعة الرصيف، انهمك فى رسم الدوائر والمثلثات على قطعة من الورق، "مسطرة بدائية مليئة بالدوائر، وثلاثة أقلام" هى مكونات فرشته التى جلس أمامها مستنداً على السور، غير عابئ بمن حوله ممن لفتت الرسومات انتباههم، جلس لرسم دائرة بعد أخرى، لا يلتفت سوى لأحد المارة ممن يسأله عما يفعل.
"دى مسطرة وألوان ممكن تجيبها لابنك أو لبنتك" فى محاولة للترويج "لأكل عيشه" يجيب "نور" صاحب الفرشة الذى قاربت سنوات عمره الثلاثين دون عمل، أو مصدر دخل سوى الوقوف لبيع "المسطرة العجيبة" تاركاً دراسته فى جامعة الأزهر بعد أن فشل فى جمع تكاليفها.
"مش مهم الفرشة مكانها فين المهم الرجل اللى رايحة وجاية على البضاعة" هكذا بدأ نور حديثه لليوم السابع، منتظراً المارة على رصيف نقابة المحامين.
بالرغم من حجم الفرشة الذى لا يتعدى السنتيمترات، إلا أنها تلفت انتباه المارة لما حاول "نور" تغييره فى طريقة العرض.
يحاول نور استخدام الأقلام الملونة فى تنظيم أشكال للدوائر بالمسطرة وعلى حد قول نور الذى لم يتجاوز الثلاثة أيام يعمل بالمهنة إلا أنه أدرك أن لفت وجذب انتباه الزبون للبضاعة يأتى عن طريق التفنن والابتكار فى أسلوب وطريقة العرض، على حد قول نور الذى تفوق ملامح الشقاء على وجه سنوات عمره الثلاثين.
يكمل نور" جربت كل حاجة وانتقلت من شغلانة لشغلانة كنت بجرب حظى فى أكتر من مكان لحد ما استقريت هنا " على الرغم من اعتراض بعض البائعين الآخرين "السريحة بنفس البضاعة" إلا أنه لم يعبأ بهم وقرر الاستمرار والسعى وراء " أكل العيش".
يبحث نور دائما عن المكان الذى يتوفر له رزق دون الاهتمام بموقع ولا نوع معين من البضائع يتخصص به ولكنه يبحث دائما عن الشىء الذى يتحرك الزبائن نحوه مثل هذه الأدوات الهندسية "مسطرة فن" التى تستهوى نظر الشباب والأطفال من سن 8 سنوات حتى 15 عاما، "والواحدة ب5 جنيهات" هكذا يردد قبل بداية التفاوض لتصل لثلاثة جنيهات، "وأهو كله رزق".
الرزق يحب الخفية ..
"نور" ساب الدراسة ورسم دواير على رصيف نقابة المحامين
الخميس، 20 ديسمبر 2012 02:12 م