على باب دار اليسر للأيتام بمدينة نصر وقف مع أصدقائه يطرقون الباب.. الزيارة كانت الثانية لهم بعد أن وعدوا الأطفال أنهم سيأتون لهم ثانية، بابتسامه كان ينظر إلى الباب الذى يُفتح ببطء حتى لمحتهم عيون الأطفال.. "أنتم جيتوا بجد" يقولها أحد الأطفال فى لهفة قبل أن ينطلق مع زملائه نحو أحضانهم غير مصدقين أنهم بالفعل نفذوا وعدهم وعادوا مرة أخرى، فى حضن الأطفال بدأ يتسرب له ما يشعر به الأطفال حينما يأتى لهم الزائرون للمرة الأول ويشعروهم بأنهم جزء من عائلة طبيعية ثم يختفوا حتى تحولت الزيارات بالنسبة لهم إلى جزء من روتين حياتهم البائسة، عشرات الأسئلة بدأت تتسرب له.. فكيف نوفر عائلة لكل دار أيتام؟ وكم عدد الأطفال التى تكسر قلوبها بعد أن نتركهم وحدهم ونحاول مساعدة دار أخرى؟ وكيف مرت ساعات الانتظار عليهم وهم ينتظرون من أحبوهم وصادقوهم، ثم لم يعودوا لهم؟
أيمن إيهاب، الذى تخرج هذا العام فى كلية الهندسة لم ينسِ هذه الأسئلة بعد أن انتهت ساعات زيارته الثانية لدار اليسر، فبدأ يبحث عن حل لها حتى قرر أن يبدأ صناعة أسرة لكل دار أيتام من خلال الشباب المحيطين بها وتجميعهم بفكرة مبتكرة، بدلا من أن تكون الزيارات متباعدة ولمجموعات من مناطق متباعدة إلى دور فى أماكن متفرقة فلا يستطيع الزائرين تكرارها.
"المشكلة كانت فى جمع الشباب الراغبين فى عمل الخير من منطقة وتعريفهم بالدار الموجودة بجوارهم وتنظيم الزيارات لهم" يقول أيمن بعد أن شارك وكتب عن زيارته لدار اليسر عبر الصفحات الاجتماعية ويكمل "وجدت العديد من الشباب يريدون عمل الخير والمشاركة فى زيارة الأطفال ولكن لا يعرفون كيف يصلون للدار ولا يستطيعون تكوين مجموعة لتنظيم زيارة وهذا ما بدأت أعمل فيه من خلال مشروع عيلة".
أيمن ببساطة بدأ فى العمل وتكوين قاعدة بيانات ضخمة لدور الأيتام الموجودة فى كل منطقة وترتيبها على أرض الواقع وعبر شبكات الإنترنت الاجتماعية المتخصصة فى الخير، حيث نشر عليها البريد الإلكترونى "eela.charity@gmail.com3" الذى يستقبل عليه المقترحات والدور التى تريد المشاركة مع بحثه وتجميعه اليومى للدور من خلال الذهاب لها، ثم ستبدأ المرحلة الثانية فى تجهيز المتطوعين من كل منطقة وتجميعهم معا وتوصيلهم بهذه الدور القريبة منهم ووضع خطت للعمل والزيارات.
"عيلة" هذه الكلمة التى يفتقدها الأطفال هو الاسم الذى اختاره أيمن لمشروعة ويشرحه" حسيت أن دية الحاجة إلى نقصاهم بجد أنهم يحسوا أنهم جزء من عيلة ذى كل الناس، مش مجرد أحساس أن فى ناس بتيجى تعطف عليهم أو تلعب معاهم وما يشفوهمش ثانى".
ويتابع: المشكلة التى درسها بعد عملة الطويل مع الأطفال الأيتام وفى العمل الاجتماعى حوالى 5 سنوات بين الأنشطة الطلابية وجمعية رسالة قبل زيارة دار اليسر التى غيرت تفكيره بالكامل ويقول "اللى بيحصل أن إحنا بنروح نزور الطفل فى الدار مرة أو فى رحلة فبيتعلق بيك، وبيحبك، وبيحس بإحساس العيلة، بيستناك تانى.. وبعدين... مبتجيش، الطفل بيتصدم، وبيجيله حد تانى يعمل معاه نفس القصة وميجيش تانى، وهكذا" ويتابع "بعد كده الطفل بيبدأ يتعقد.. ويقرر أنه ميحبش حد ثانى.. وتبدأ الزيارات دى بالنسبة له تتحول لحاجة مملة ويبدأ يكره الناس وميبقاش مستعد أنه يحب حد تانى".
"هنوصلك بيهم.. عشان تراعهيم" هو الشعار البسيط الذى رفعه أيمن لمشروعة الذى بدأ العمل عليه بمفردة حتى الآن ولكن طموحة من المشروع ربما يمتد لأكثر من هذا فى المستقبل ويقول" عيلة فى المستقبل إنشاء الله هنساعد فى تجهيز مناهج تربوية وألعاب تربوية، يعتمد عليها المتطوعين فى أى دار يختاروا منها ويطبقوها مع الأطفال فى الدار دى.. بس بشكل لا مركزى تماما.. وتظل وظيفة "عيلة" هى التنسيق بين الدور وبين المتطوعين الراغبين فى رعاية الأطفال وتوفير برامج للرعاية".
أيمن 22 عاما.. لكن بدأ يعمل "عيلة" لكل يتيم فى مصر
الأحد، 04 نوفمبر 2012 10:09 ص