ميدان التحرير ليس للثوار فقط.. سيد حجز "جراجه" وكل واحد ليه منطقته
الخميس، 29 نوفمبر 2012 12:18 م
كتبت إيناس الشيخ
قصر قامته وهيئته الرثة لا توحى بعدد سنوات عمره التى قاربت على الخامسة عشر عاماً، قضى معظمها فى شوارع "الكيت كات" التى يطلق عليها "منطقته" والتى يفصلها عن ميدان التحرير شوارع طويلة يقطعها بقدميه الحافيتين أو قليلاً من الشعبطة "المجانية" إذا حالفه الحظ، أنا "سيد" يا بيه، هكذا يجيب من يسأله عن اسمه رافضاً لقب "طفل" الذى لم يسمعه فى حياته سوى مرات قليلة.
رحلته إلى ميدان التحرير هى الرحلة المعتادة إلى مكان "السبوبة" لمثل من هم فى نفس سنه أو حالته من أطفال الشوارع المتناثرين فى كل مكان بحثاً عن مأوى، ببساطة يقف "سيد" ملوحاً للسيارات القادمة من ميدان "عبد المنعم رياض" يمينك يا باشا، عجلة شمال يا ريس، حتى تستقر العربية فى "الباركنج" الصغير الذى اخترعه "سيد" على مشارف الميدان، يقف فى مواجهة زجاج السيارة ممسكاً بالفوطة الصفراء المهترئة، قائلاً "5 جنيه يا باشا أجرة الركنة!"
"هوا الشارع بتاعك"، "دا ميدان التحرير" عبارات اعتاد "سيد" الرد عليها بفظاظة، "خلاص مش عاجبك شوف حتة تانية تركن فيها"، بعض السائقين من يسكته بقليلاً من "الفكة"، والبعض الأخر من يتجاهله متجهاً إلى الميدان، غير عابئ بقانون "البلطجة" الجديد الذى لم يترك حتى ميدان التحرير.
"المليونية رزق بستناه" هكذا يشرح سيد بكلمات أكبر من سنه، ما دفعه للهرولة إلى الميدان بحثاً عن سبوبة، أمام تمثال "عبد المنعم رياض" هى منطقته الخاصة التى لا يقوى غيره من "العيال" على الوقوف فيها.
"كل واحد فينا بيحجز لنفسه حتة، وكل واحد ليه منطقته اللى بيسترزق منها حوالين الميدان، فى عيال تانية واقفين فى الشوارع اللى ورا الميدان" يقول "سيد" منشغلاً بالجرى وراء السيارات قبل أن تنطلق بدون دفع "الأجرة" التى اعتبرها حق مكتسب نظير خدمة لا يحتاجها أحد.
"أنا مالى هما عايزين ايه، المهم يجوا ميدان التحرير عشان الشغل يمشى"، "طب وبتعمل ايه يا سيد فى الأيام اللى مفيهاش مليونية؟" إجابته معدة مسبقاً لا تحتاج لتفكير "بسترزق من أى حتة لحد ما الدنيا تولع تانى أجى أقف هنا فى مكانى فى ميدان التحرير!"
لا حاجة لسؤاله عن المدرسة أو معرفته بالإعلان الدستورى، الذى ظهر واضحاً أنه لا يعرف عنه شيئاً، مكتفى بالاقتناع بوجهة نظره الخاصة "انا مليش دعوة بالكلام ده المهم أكل عيشى".
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قصر قامته وهيئته الرثة لا توحى بعدد سنوات عمره التى قاربت على الخامسة عشر عاماً، قضى معظمها فى شوارع "الكيت كات" التى يطلق عليها "منطقته" والتى يفصلها عن ميدان التحرير شوارع طويلة يقطعها بقدميه الحافيتين أو قليلاً من الشعبطة "المجانية" إذا حالفه الحظ، أنا "سيد" يا بيه، هكذا يجيب من يسأله عن اسمه رافضاً لقب "طفل" الذى لم يسمعه فى حياته سوى مرات قليلة.
رحلته إلى ميدان التحرير هى الرحلة المعتادة إلى مكان "السبوبة" لمثل من هم فى نفس سنه أو حالته من أطفال الشوارع المتناثرين فى كل مكان بحثاً عن مأوى، ببساطة يقف "سيد" ملوحاً للسيارات القادمة من ميدان "عبد المنعم رياض" يمينك يا باشا، عجلة شمال يا ريس، حتى تستقر العربية فى "الباركنج" الصغير الذى اخترعه "سيد" على مشارف الميدان، يقف فى مواجهة زجاج السيارة ممسكاً بالفوطة الصفراء المهترئة، قائلاً "5 جنيه يا باشا أجرة الركنة!"
"هوا الشارع بتاعك"، "دا ميدان التحرير" عبارات اعتاد "سيد" الرد عليها بفظاظة، "خلاص مش عاجبك شوف حتة تانية تركن فيها"، بعض السائقين من يسكته بقليلاً من "الفكة"، والبعض الأخر من يتجاهله متجهاً إلى الميدان، غير عابئ بقانون "البلطجة" الجديد الذى لم يترك حتى ميدان التحرير.
"المليونية رزق بستناه" هكذا يشرح سيد بكلمات أكبر من سنه، ما دفعه للهرولة إلى الميدان بحثاً عن سبوبة، أمام تمثال "عبد المنعم رياض" هى منطقته الخاصة التى لا يقوى غيره من "العيال" على الوقوف فيها.
"كل واحد فينا بيحجز لنفسه حتة، وكل واحد ليه منطقته اللى بيسترزق منها حوالين الميدان، فى عيال تانية واقفين فى الشوارع اللى ورا الميدان" يقول "سيد" منشغلاً بالجرى وراء السيارات قبل أن تنطلق بدون دفع "الأجرة" التى اعتبرها حق مكتسب نظير خدمة لا يحتاجها أحد.
"أنا مالى هما عايزين ايه، المهم يجوا ميدان التحرير عشان الشغل يمشى"، "طب وبتعمل ايه يا سيد فى الأيام اللى مفيهاش مليونية؟" إجابته معدة مسبقاً لا تحتاج لتفكير "بسترزق من أى حتة لحد ما الدنيا تولع تانى أجى أقف هنا فى مكانى فى ميدان التحرير!"
لا حاجة لسؤاله عن المدرسة أو معرفته بالإعلان الدستورى، الذى ظهر واضحاً أنه لا يعرف عنه شيئاً، مكتفى بالاقتناع بوجهة نظره الخاصة "انا مليش دعوة بالكلام ده المهم أكل عيشى".
مشاركة