نظرات عينيه الدامعة أعطت لوجهه ملامح بائسة على الرغم من ابتسامته لابنته الصغيرة، لهجته المميزة بلكنة شامية هى ما أثار انتباه ركاب المترو الذين تحول نظرهم إليه بتردد فى مخاطبته أو التعرف عليه، وجاء السؤال "أنت سورى؟"، التفت الشاب السورى لصاحب السؤال الذى وقف مبتسماً بنظرات متسائلة عن إمكانية المساعدة، أومأ بالإيجاب لينطلق صاحب السؤال فى عرض مساعداته، إجابة غير متوقعة تلاقها الشاب عندما رد عليه السورى بهدوء "الحمد لله أنا مش محتاج حاجة بس فى غيرى كتير محتاجين لو عايز توصلهم هدلك!".
اللقاء الذى جمع "عبد العال عبد العزيز" الشاب المصرى الذى اعتاد مساعدة الفقراء مع فريق "شباب الخير" للعمل الخيرى، وضعه على أبواب عالم دخل مصر حديثاً من مئات الأسر السورية التى دفعتها خطواتها المتخبطة هرباً، إلى الاندماج داخل نسيج المجتمع المصرى شيئاً فشيئاً، فبدأوا فى الانتشار فى الشوارع المصرية، داخل الأسواق والمحلات ومحطات المترو، يبحث بعضهم عن بقايا حياة تركوها وراءهم، والبعض الآخر يحاول لملمة شتات ما تبقى لبداية حياة جديدة بأقل التكاليف.
"منطقة الطالبية بالهرم" هى المنطقة التى استقر فيها عدد كبير من الأسر السورية، فى حالات متفاوتة من فقر ويأس وجراح لا تندمل مهما مر الوقت، لا تغيب عنها احتياجات متعددة لحياة شبه كريمة بعيداً عن وطنهم.
داخل شارع "خاتم المرسلين" بالطالبية يقع ما يطلق عليه معظم السوريين هناك "بالمستودع" أو مخزن التبرعات الذى حاول عدد من السوريين المستقرين "نسبياً" من إدارته، لتنظيم التبرعات الموجهة للأسر المختلفة كلاً حسب حاجته، ولم يتردد شباب الخير فور معاينة المكان من حمل أكبر عدد من البطاطين والمواد الغذائية التى استطاعوا جمعها لـ"مستودع" التبرعات بالطالبية، بعد زيارات متعددة لمجموعة من الأسر داخل منازلهم التى ينقصها الكثير من الأساسيات.
"حالنا فى مصر أفضل من غيرنا من السوريين الذين دفعهم بطش النظام السورى للهروب لدول أخرى، لكن تكاليف المعيشة مرتفعة، وفرصة الحصول على عمل هى أصعب ما فى الأمر" يحكى أحد السوريين من أمام "مستودع الأغذية والمساعدات" بالهرم، لا يحلم مع أسرته سوى بالاستقرار والأمان بعد ما رأته عينيه من أهوال صعب نسيانها.
"فى منهم ناس كتير محتاجة مساعدة، ومعظمهم كانوا عايشيين فى بلدهم عيشة كويسة ومش متعودين على البهدلة" يحكى "عبد العال" واحد من شباب الخير، الذين أطلقوا حملة بدأت بمجموعة من الزيارات لمساعدة الأخوة السوريين، تعرفوا على أحوالهم وقسموا أنفسهم لتوفير ما يستطيعون توفيره من مواد أساسية ومطالب أساسية هى الحصول على مكان للإقامة وفرصة عمل تتيح لهم بداية جديدة.
شباب الخير يطلقون حملة "إنقاذ سوريى القاهرة"
الخميس، 22 نوفمبر 2012 01:08 م