كارثة أسيوط "تفضح" القومى لحقوق الإنسان.. مصادر: نائب رئيس المجلس اعتمد تقريرًا قويًا عن مسئولية الحكومة عن الحادث، والغريانى استبدله ببيان ضعيف بعد مرور 3 أيام.. وحقوقيون: المجلس جرى تسييسه

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2012 09:26 م
 كارثة أسيوط "تفضح" القومى لحقوق الإنسان.. مصادر: نائب رئيس المجلس اعتمد تقريرًا قويًا عن مسئولية الحكومة عن الحادث، والغريانى استبدله ببيان ضعيف بعد مرور 3 أيام.. وحقوقيون: المجلس جرى تسييسه حادث أسيوط
كتب أحمد مصطفى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يتوان المجلس القومى لحقوق الإنسان، عن إصدار بيانات للتنديد بما يجرى من مذابح فى غزة وبورما، لكنه وللمرة الأولى منذ نشأته قبل 7 سنوات تجاهل تماما إصدار أى بيان عن كارثة مصرع 51 طفلاً فى اصطدام قطار بأسيوط بأتوبيس مدرسى، وظل ملتزما الصمت لمدة 3 أيام دون أن يوجه كلمة انتقاد واحدة للمسئولين عن الكارثة.

كما لم يتبن أى مطالبات بمساءلتهم أو حتى إصدار بيان للعزاء فى الضحايا، واكتفى ببيان ضعيف بعد مرور الأيام الثلاثة، كما تقاعس رئيس لجنة الحقوق المدنية والسياسية بالمجلس الدكتور محمد البلتاجى، والمسئول عن رصد انتهاكات الحق فى الحياة ضمن لجنته، عن التصدى لرصد الأسباب المؤدية لسقوط أكثر من 51 طفلا.

مصادر من داخل المجلس كشفت عن فضيحة جرت داخل المجلس، وتمثلت فى تغيير تقرير قوى كان قد جرى إعداده واعتماده من قبل نائب رئيس المجلس عبد الغفار شكر، تمهيدًا لإصداره، واعترض عليه رئيس المجلس المستشار حسام الغريانى، مستبدلا إياه بتقرير ضعيف يعفى الحكومة من أية مسئولية عن الكارثة، وتشير المصادر لـ"اليوم السابع" إلى أنه وعقب وقوع حادث أسيوط فى السابعة صباح السبت الماضى، تم تكليف عدد من المحامين من أعضاء لجنة الحريات بنقابة المحامين بأسيوط بالتوجه إلى موقع الحادث، وبالفعل التقوا العديد من أهالى الضحايا وشهود العيان، وتم جمع كم كبير من المعلومات وإجراء عدد من المقابلات وزيارة المستشفيات وإرسال تقرير واف بكل ذلك، حيث جرى إعداده ليكون جاهزًا على مكتب نائب رئيس المجلس، الذى اعتمده تمهيدا لإعلانه، لكن– وبحسب المصادر- جرى تأجيل إعلان التقرير لعرضه على رئيس المجلس المستشار الغريانى، الذى رفض التقرير وطالب بتعديله.

وبحسب المصادر أيضًا فإن التقرير جرى تغييره بشكل كبير بسبب تضمنه العديد من الانتقادات للحكومة وأجهزتها التنفيذية، محملا إياها المسئولية كاملة عن الكارثة، وخاصة مع عدم وجود إدارة للأزمات بين هيئاتها المتعددة.

ويشير التقرير إلى أن لجنة ضمت عبد الغفار شكر وكلا من الدكتور محمد البلتاجى، رئيس لجنة الحقوق المدنية والسياسية، والمحامى والناشط الحقوقى محمد زارع، رئيس مكتب الشكاوى، أجازت صدور التقرير لكن رئيس المجلس رفضه، ليتم استبداله بتقرير ضعيف لا يحمّل الدولة مسئولية ما جرى من أحداث كارثية.

وتقول المصادر، إن هناك من أعضاء المجلس من يرون أن دوره لا يجب أن يكون فى كشف أخطاء الحكومة، وأن هذه التوجهات بدأت منذ تجاوزات جمعة كشف الحساب بميدان التحرير، فيما تضمن تقرير المجلس، والذى حصلت "اليوم السابع" على بعض من فقراته تجسيدا لمعاناة أهالى أسيوط فى الحصول على المرافق والخدمات، مشيرا إلى أن الطرق غير الممهدة والممتلئة عن آخرها بعدد كبير من المطبات غير القانونية لعبت دورا كبيرا فى تأخر عربات الإسعاف، التى كانت بدورها ناقصة وغير كافية لمواجهة تلك الكارثة، كما أدى عدم وجود مدارس ومعاهد تعليمية كافية إلى تعرض الأطفال لتلك الحوادث بشكل يومى فى سفرهم اليومى من أجل الحصول على فرصة فى التعليم.

ويشير التقرير، الذى جرى حجبه وتغييره، إلى أن العدد الكبير من الأطفال المتكدسين بالأتوبيس يكشف مدى المعاناة، التى يواجهها الأهالى والأطفال يوميا فى تنقلاتهم عبر وسائل نقل غير آدمية، راصدا أيضا القصور الشديد فى الرعاية الطبية حتى فى مثل تلك الكوارث، بما يكشف مدى القصور الشديد فى المنظومة الصحية فى مصر ومدى الإهمال الصحى للمواطن المصرى ومواطن الصعيد بشكل خاص.

ويقول التقرير إن الحادث يكشف أيضا مدى الإهمال الذى تلاقيه منظومة السكك الحديدية فى مصر ومدى الاستهانة بالأرواح والفجوة الهائلة فى استخدام مبادئ وتعليمات الأمن والسلامة بالشكل، الذى أحال خطأ بشريا فرديا إلى كارثة لعشرات وربما لمئات الأسر المصرية، لافتًا إلى تداخل العديد من العوامل التى أدت لوقوع تلك الكارثة الإنسانية والعوامل الأخرى، التى زادت من خسائرها، "وإن كانت كافة العوامل تصب فى غياب منظومة إدارية رشيدة لحركة النقل والمواصلات فى مصر بشكل عام، وفى خطوط السكك الحديدية بشكل خاص إلى جانب القصور الموجود فى المنظومة الصحية والتعليمية"، مطالبا بمحاسبة كل المتورطين فى هذا الحادث وعدم الاكتفاء بتقديم عدد من صغار الموظفين قرباناً لنجاة كبار المسئولين، كما طالب بضرورة وضع حلول جذرية لمشاكل الطرق والصحة.

وأكد التقرير على ضرورة العمل الفورى على إصلاح منظومة الطرق والمواصلات فى مصر، وخاصة فى صعيدها وتوفير الحد الأدنى من خدمات التعليم للمواطنين، بالشكل الذى يحفظ حقهم فى التعليم ويحمى أرواحهم من التعرض اليومى لخطر الموت مع توفير منظومة صحية قادرة على مواجهة ما يتعرض له المواطن المصرى من أمراض وكوارث، مشددا على البدء الفورى فى تأسيس وتنظيم إدارة لمتابعة الأزمات والكوارث، التى تتعرض لها مصر بشكل دورى، مقدما تعازيه لأسر وذوى الأطفال.

أشار التقرير– الذى لم يصدر– إلى أن آثار الحادث زاد منها غياب التجهيزات اللازمة من عربات إسعاف ومستشفيات مجهزة لنجدة أرواح المواطنين، حيث لم تنتقل لمكان الواقعة سوى 6 عربات إسعاف استخدمت 4 فقط منهم لنقل الجثث والمصابين، ولم تستطع العربة الواحدة سوى نقل طفل أو طفلين على الأكثر لولا تدخل الأهالى لنقل الجرحى والجثث بعرباتهم الخاصة، ولم تحمل تلك العربات أو غيرها أو حتى المستشفى أيا من أكياس لجمع أشلاء الجثث أو حفظها.

بالإضافة إلى أن المصابين الذين نقلوا إلى مستشفى جامعة أسيوط عانوا من الإهمال الشديد وندرة الخبرات والكفاءات البشرية وغياب العديد من المعدات والأجهزة والمستلزمات الطبية مع المعاملة المهينة، حتى أنه بحلول الساعة الخامسة والنصف خلا قسم الإصابات بالدور الأرضى من أى من الأطباء المباشرين للحالات.

من ناحيته أصدر المجلس مساء أمس الأول بيانًا قال فيه، إن بعثته "رصدت مجموعة من الملاحظات، التى تضمنها تقريرها الأول عن الحادث، حيث عكس التقرير العديد من المسببات للكارثة والعديد من السلبيات، التى قال إنه سيتضمنها تفصيليا بيان لاحق.

من جانبه قال رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة إن المجلس كان عليه أن يبادر بإصدار تقرير فورى وقوى يجسد المعاناة ويضع يده بقوة على الكارثة الحقيقية، وليس تقرير مجاملات، فيما رأى صلاح سليمان، مدير مؤسسة النقيب، أن المجلس القومى لحقوق الإنسان جرت السيطرة عليه من قبل تيارات سياسية بعينها.. مضيفًا أن المجلس أغفل التحرك فى دعم الحق فى الحياة والذى يعد من أهم الحقوق إرضاء للحكومة ومحافظ أسيوط، القيادى بجماعة الإخوان ولم يكلف نفسه بتوجيه الانتقاد له وللحكومة، التى يمثلها، معتبرا أن المجلس يتعامل وكأنه "سياسى موجه" وليس مجلسًا حقوقيًا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة