وأخيرًا زرت غزة القطاع والمدينة.. كان حلما يراودنى منذ أن دخلها ياسر عرفات كنتيجة لاتفاق غزة وأريحا أولا.. كنت أرى أن ما فعله عرفات وقتها، وبالرغم من اعتراض الكثيرين هو الصواب بعينه.. فأنا دائما من أنصار مبدأ خذ وفاوض على المتبقى.. وهو ما أفقدنا الكثير من فرص كان بإمكاننا أن نحصل من خلالها على مكتسبات أكثر من عدو فاجر ومتحايل ونظام عالمى لا يمتلك أى موازين عادلة بل يمتلك عدة مكاييل يستخدم كل منها بما يتفق مع مصالحه ومكاسبه هو فقط..
وللأسف دائما ما يدفع العرب ثمن عدم فهمهم لقواعد اللعبة الدولية الظالمة.
جاءت الدعوة لهذه الزيارة عندما أوفدنى الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، للمشاركة ضمن وفد من السياسيين والنشطاء وشباب الثورة فى زيارة تضامنية لغزة ولمواساة أسر المصابين وضحايا العدوان الإسرائيلى هناك وبالرغم من خلافى الأيديولوجى والسياسى مع حركة حماس إلا أننى وافقت فورا على الذهاب لرؤية الجيران والزملاء.
ذهبت لقاعة كبار الزوار لألحق بالوفد، والذى كان يضم أعضاء من أحزاب إسلامية وليبراليين واشتراكيين، وأيضًا بعض الإعلاميين وتوجهت الطائرة إلى مطار العريش فى رحلة استغرقت 45 دقيقة تأملت خلالها معالم سيناء من الجو ولأول مرة.
ثم استقل الوفد حافلة إلى معبر رفح البرى، مرورا بالشيخ زويد وهناك استقبلتنا سيارات السلطة الفلسطينية، والتى يديرها فصيل حماس، كان الاستقبال جيدا جدا، وفى إحدى قاعات الاستقبال داخل الجزء الفلسطينى من المعبر جلسنا للتعارف، ثم تحركنا من رفح الفلسطينية ثم خان يونس ومرورا بشريط ضيق رأيت من خلاله كم هى قريبة تلك المستوطنات، ورأيت استخدام البالون أو المنطاد فى الجانب الإسرائيلى ليقف فى الهواء ليصور كل شىء من أعلى.
وصلنا مقر مجلس الوزراء بغزة، وهو الذى تم قصفه وتدميره تمامًا بعد زيارة هشام قنديل له منذ أيام، بل وفى نفس الليلة، ثم ذهبت لزيارة أحد المنازل المدمرة، والتى أسفر عن قتل 15 شخصا من عائلة واحدة، وقدمت واجب العزاء، ثم توجهت مع الوفد لزيارة المصابين فى مستشفى الشفاء بغزة، ورأيت بعينى أطفالاً لا ذنب مصابين وغائبين عن الوعى ووجدت أيضًا أطباء مصريون يقومون بدور غير عادى لإسعاف الجرحى وإنقاذ حياتهم.
ثم زرت اجتماعًا للفصائل الفلسطينية كانوا فى انتظارنا فى مقر المجلس التشريعى ولمست قناعتهم بضرورة إعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية، وبالرغم من اختلافاتى السياسية مع أحزاب وقوى سياسية مصرية من المشاركين فى الوفد المصرى، إلا أننا وخلال الطريق، وأقمنا حوارًا وجدت فيه أن بيننا الكثير من المشترك.. وأن بالفعل هناك ما يوحدنا.. بل إن القضية الفلسطينية توحد العالم العربى والإسلامى كله وتوحد الداخل المصرى كله، وآن الأوان أن توحد الداخل الفلسطينى كله، وهو ما ذكرته تحديدا لقادة الفصائل الفلسطينية بما فيها فتح وحماس وغيرهم.
والحقيقة أنى أرى أن لفك لوغاريتم هذا العالم المتناقض بين شعارات الحرية والتراحم وبين أفعال المجرمين يجب أن نسعى دائما للبحث عن حلول قانونية للقضية، وهذا لن يتحقق إلا من خلال وحدة حقيقية بين فتح وحماس، وكذلك بين القسمين الفلسطينيين قطاع غزة والضفة الغربية، لذا أدعو كلا من قادة حماس وفتح، إلى كسر الجمود على مسار المصالحة الوطنية، وأن تقوم حماس بدعوة الرئيس محمد عباس لزيارة غزة الآن والانتهاء فورا من تشكيل حكومة موحدة تستطيع أن تدير العملية السياسية والتفاوضية والدبلوماسية، وأن تقوم بأعمال المقاومة اللازمة، التى تساند المسار السياسى ولا تعرقله.. ويجب أن نقتنع بأهمية وضرورة تبادل الأدوار، وأن التفاهم هو الخيط الجامع لهذا العقد، وأنه لابد من البعد عن التخوين والعمل من خلال أجندات سياسية متضاربة..
وعدونا بذلك ونحن فى الانتظار
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة