د. رضا عبد السلام

رسالة حادث القطار للسادة التجار!

الأحد، 18 نوفمبر 2012 11:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بداية أعزى نفسى أولاً ثم أسر شهداء قطار أسيوط ثم مصر قاطبة فى فقدان أكثر من 50 زهرة من زهور مصر، لأن ما وقع جريمة اهتزت لها أبداننا جميعاً، فنحتسبهم عند الله شهداء.

يبدو أن المولى عز وجل أراد من يرسل لنا فى مصر رسالة واضحة، محتوى هذه الرسالة هو "الاهتمام بالداخل قبل الخارج"، ففى أوج انشغال الشارع المصرى بما يجرى على أرضنا فى فلسطين، بعد أن تبارى ساستنا فى الاتجار بالقضية، وقعت على رؤوسنا كارثة قطار أسيوط.

أولى بنا قبل أن نتدافع ونتبارى للسفر إلى فلسطين للدفاع عن إخواننا هناك أن نصلح ذات البين، وأن نصلح البيت من الداخل،
فالجبهة الداخلية مهلهلة والاقتصاد معطل، والفساد لم يعد فقط لمجرد "الركب"، ولكنه غطى مصر بأكملها، وكأن بلادنا لم تعش ثورة عظيمة.
ربما أراد المولى عز وجل أن يُقعِد المتاجرين بمصر، وأن يوقف مخططهم لاستثمار أحداث فلسطين سياسياً، حتى يلتفت الناس من جديد لهمومهم الداخلية واليومية.

لقد سمعنا شعارات جوفاء كثيرة خلال الأشهر الماضية، ولكن للأسف الشديد لم نر أى إصلاح حقيقى، والأيام تمضى والقافلة تسير، ومعها تتفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.

كنا نعتقد أن لدى الإخوان رؤية واضحة لمستقبل مصر اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، ولكننا وجدناهم ساروا فى ذات الطريق الذى سلكه أسلافهم فى الحزب البائد، فلم يعد بإمكاننا القول بأن الأوضاع على ما هى عليه، لأنها تحولت للأسوأ، وليس عليك سوى سؤال أى مواطن عادى عما آلت إليه الأحوال، فسيكون الرد مفحماً، حيث سيتبارى الناس للتحسر على أيام وزمن مبارك، لأنهم كانوا على الأقل ينعمون بالأمن رغم بؤس الحال،
فالمصريون متواضعون فى طموحاتهم ولكن حتى الحد الأدنى بات غير موجود.

مؤكد أن هناك قوى هدم جاهدت خلال الأشهر الماضية لإيصالنا إلى هذا الحال، كما أن الإخوان ليسوا هم الوحيدين المسئولين عن هذا التردى، ولكنهم بما إنهم فى سدة الحكم تقع عليهم المسئولية كاملة فى تحقيق الأمن والاستقرار الاقتصادى والاجتماعى، وإلا فما جدوى التغيير؟

إن حادثة قطار أسيوط- التى راح ضحيتها أكثر من 50 زهرة من زهور مصر- تكشف عن فشل كبير وفساد جامح وتخلف مُرَكب، نعم.. طرقنا متهالكة والعاملون فيها وعليها ينضحون بؤساً وفقراُ وتخلفاً، ومن لا ينضح بؤساً يغرق فى نعيم وبحر الفساد بلا رقيب أو حسيب، فمَن يحاسب مَن؟

لقد ترك الإخوان والسلفيون- وهم الآن على سدة الحكم- كل تلك المشكلات المتجذرة، وراحوا يهللون ويكبرون فى موضوع غزة، فأقعدهم الله بحادثة قطار أسيوط، ليسكت الجميع، وليعود الانتباه من جديد لكوارثنا الداخلية.

توارثنا جيل بعد جيل المثل القائل "إللى يعوزه بيتك يحرم على الجامع"، نعم البيت فارغ بل مهلهل، وأولى أن نوجه جهودنا لتطوير وتطهير هذا البيت أولاً قبل أن نتبارى فى التبرع للجامع!، لا يمكن أن أعارض مساعدة إخواننا وأشقائنا فى فلسطين، ولكن بيتنا أجدر بأن يحظى بجل اهتمامنا، وإذا ما قوينا من هذا البيت فسنضمن القوة التى تؤهلنا لإنقاذ أشقائنا فى فلسطين وغيرها، أما أن ننطلق ونتبارى بشعارات جوفاء، ونحن أضعف ما يكون فهذا سخف واستخفاف لا ينطلى إلا على السذج والبسطاء، فيبدوا أن سلطات اليوم لا تختلف كثيرا عن سلطات الأمس، حيث الاستخفاف بالناس واللعب على أوتار الدين والعواطف، لكسب أرض جديدة سياسياً، حتى ولو كان الثمن هو انهيار وطن اسمه مصر!!.

أرجو بعد حادث قطار أسيوط أن نعى رسالة المولى عز وجل جيداً، وأن نكثف جهودنا نحو بناء مصرنا وتطهيرها، حتى ولو اقتضى الأمر قرارات جريئة وصعبة، نعم.. مصر بحاجة إلى قرارات جريئة وصعبة، ولا أعتقد أن القيادة الحالية قادرة على اتخاذ تلك القرارات الصعبة.

إن كافة مؤسساتنا- وليس مصلحة السكة الحديد فقط- بحاجة إلى تطهير وتجديد للدماء، وتحديد للأدوار والمهام وتعزيز للإمكانيات، وبعد ذلك تنعقد أو تتحدد المسئولية، أما إذا واصلنا تطبيق الأساليب والحلول البالية للنظام البائد، فلن يكون حادث قطار أسيوط الحادث الأخير.
إذاً.. أراد المولى عز وجل أن يوجه لنا رسالة واضحة فى هذا التوقيت الحرج، "ألا وهى أهمية الشروع الفورى فى تطوير جبهتنا الداخلية اقتصادياً واجتماعياً، بحيث ينطلق أو يبنى موقفنا الدولى على أسس قوية وراسخة"، لم يسمع أحد عن أردوغان أو غيره قبل أن ينجح فى تطوير تركيا اقتصاديا واجتماعيا من الداخل، بعدها أصبحت لتركيا كلمة حقيقية وصوت مسموع يحترمه العالم، اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة