د. رضا عبد السلام

سحب السفير..لمصلحة مَن؟!

الجمعة، 16 نوفمبر 2012 05:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصدر الرئيس محمد مرسى قراراً فى 14/11/ 2012م بسحب سفير مصر لدى إسرائيل للتشاور، وذلك عقب تصعيد إسرائيل عدوانها على عزة. وقد أعقب صدور هذا القرار ردود أفعال متباينة، ما بين مؤيد (وهذا هو الرد الغالب) ومعارض للكثير من الاعتبارات والحجج.

مؤكدا أننى شأنى شأن أى مصرى - حلم بعد الثورة بمصر جديدة - سعيد بأن رئيس مصر يستطيع أن يقول "لا" وأن يحرك ساكناً، وأن يعكس طموحات الشارع، وإن كان قد سبقه الرئيس المسجون بقرار مماثل مطلع الألفية. إذاً حتى لا يتهمنى بأننى ضد قرار يصدر من قلب مصر من الأجل الأشقاء أو المستضعفين فى أى مكان، فإننى أعلن تأييدى لمبدأ ذلك القرار، ولكنى من حقى كمواطن عاشق لمصر وقلق على هذا البلد أن أطرح التساؤلات التالية:
التساؤل الأول: هل رجع رئيس الجمهورية إلى مستشارين محنكين قبل إصدار هذا القرار أم أن مستشارى السوء زجوا به مرة أخرى فى الخطأ، ودفعوا به لإصدار قرار متعجل؟ فكان يمكن أن تكون الخطوة الأولى اتصال رئيس مصر بإسرائيل للتوقف عن العدوان يليه قرار بالتهديد بسحب السفير ثم قرار بسحب السفير ثم قرار بطرد السفير الإسرائيلى...الخ.
التساؤل الثانى: والذى ربما يطرحه الكثيرون، وهو تساؤل مشروع، هل صدر هذا القرار لإلهاء الرأى العام عن المشكلات الداخلية كمشكلة التأسيسية والدستور الذى قد لا يرى النور؟ فضلاً عن الاقتصاد المترنح والحكومة الباهتة؟ أم أن هؤلاء متجاوزين فى خيالهم؟
التساؤل الثالث: وهو تساؤل مشروع جداً لدى شريحة كبيرة فى المجتمع الآن وهو "هل يحاول الإخوان - ممثلين فى الرئيس مرسى – استعادة ما فقدوه من أرض؟ هل يحاول الإخوان استعادة ود الشعب الذى لفظهم خلال الأشهر الماضية بعد أدائهم الردىء، وسعيهم للتكويش على البلد والمؤسسات؟

التساؤل الرابع: وهو "هل تستهدف التيارات الدينية من هذا الموقف استثمار الحماسة الدينية فى الانتخابات القادمة، تماماً مثلما فعلت خلال انتخابات المجلس المنحل؟ هل تسعى تلك التيارات استرجاع ما فقدته من أرض انتخابية عبر بوابة فلسطين والصهاينة؟ خاصة وأننا قاب قوسين أو أدنى من الانتخابات البرلمانية هذا إذا رأى الدستور النور.

التساؤل الخامس: هل فكر رئيس الجمهورية فى تبعات وملابسات وانعكاسات هذا التصعيد على الاقتصاد المصرى؟ فالاقتصاد المصرى يوشك أن ينهار بعد أن تعطلت عجلة الإنتاج، وغاب الأمن، وهرب المستثمرون، وزاد طابور العاطلين ومن ثم البلطجية واللصوص؟ هل من المناسب أن نقوم بالتصعيد فى وقت نحن أحوج فيه لإنقاذ جبهتنا الداخلية وتقويتها، وبعد ذلك ننطلق من مركز قوة؟ ما هى انعكاسات هذا الموقف على المستثمرين الذين نستهدفهم بالقدوم إلى مصر لزيادة الإنتاج والصادرات وفرص العمل ونقل التكنولوجيا...الخ؟!

لقد تعلمنا "أن لكل مقام مقال، وأن لكل حادث حديث وأن القرار المناسب ينبغى اتخاذه فى الوقت المناسب، وأن الحرب خدعة وأنه لابد من الكياسة والفطنة خاصة عندما تتعامل مع الأعداء" ... فهل صادف هذا القرار التوقيت المناسب؟ وهل سيسعى المتسلقون والمتاجرون بمصر وبثورتها لاستثماره فى مصلحتهم، من أجل مكاسب سياسية وانتخابية؟ هذا ما ستجيبنا عليه الأيام والأشهر القادمة. فرغم سعادتى بأن يصبح لمصر موقف وكلمة عبر هذا القرار أو غيره إلا أننى أخشى أن يستثمره تجار الثورة وتجار الدين للتغطية على فشلهم وخسارتهم واللعب على وتر الدين من جديد.

وحتى لا يتهمنى أحد بأننى ضد التيار الدينى أو غيره، أكرر أننى ليس لى أى انتماء سياسى أو دينى، ولكنى مسلم، أنتمى لمصر، ويؤسفنى ما أراه من مهاترات سواءً فى التأسيسية أو فى ممارسات الإخوان والتيارات الدينية أو من يسمون بالتيارات الليبرالية، التى ليس لها من هم سوى إفشال الدولة لإثبات صحة منطقهم.

أسأل المولى عز وجل أن يحفظ مصر من المتاجرين والمقامرين والمتسلقين والمتأسلمين والداعين لتغريبها وإفقادها هويتها. أسأله تعالى يعيد لها وسطيتها واعتدالها، وأن يولى عليها خيارها وعقلائها وأن يبعد عنها شرارها وجهلائها...آمين.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة