بتحية بسيطة تستطيع إقناع "الحارس" الذى جلس خلف البوابة منشغلاً فى الاستماع إلى الراديو الصغير فى محاولة لقتل الوقت، بالدخول والتجول داخل حديقة المتحف التى ازدحمت يوماً ما بالرحلات السياحية والمدرسية التى اعتادت زيارة متحف الشمع المصرى والتجول وسط 26 مشهدا يخلد تاريخ مصر بتماثيل شمعية نحتت بعناية لتقف دون ملل طوال 78 عاماً هى عمر المتحف الذى أغلت أبوابه بجنازير حديدية عملاقة كتب عليها "ممنوع الدخول" منذ ما يقرب من خمسة سنوات.
"أنا هنا لوحدى عايش مع القطط، من بعد ما اتقفل المتحف ومحدش بقى بيجى حتى ينضفه" يحكى حارس متحف الشمع المكون من طابق واحد وحديقة مهملة عن ذكرياته مع المتحف الذى جلس لحراسته عشرة سنوات كاملة من ضمنها سنوات طويلة جلس فيها لتأمل حالة المتحف فى تدهور عاماً بعد عام.
"26 مشهدا" هى عدد مشاهد متحف الشمع المغلق، يحكى كل مشهد تاريخ حقبة من الحقب التاريخية التى مرت على مصر من العصر الفرعونى إلى ثورة يوليو، فى دقة متناهية تظهر فى غرف متلاصقة كل غرفة تحمل صوراً حية من حياة الشعب المصرى على مدار سنوات متعاقبة، بداية من مشهد لمصرع كليوباترا، وانتشال سيدنا موسى من النيل، ودخول الإسلام مصر، مروراً بأحداث تاريخية مثل حادثة دنشواى، ومشاهد للويس التاسع عشر ومشاهد أخرى للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتأميم القناة، وغيرها من صور حياة المصريين فى شوارع الخيامية وخان الخليلى" وهى المشاهد والصور التى اختفت خلف الأبواب المغلقة لسنوات بقت فيها مهملة لم يغير شكلها سوى أكوام التراب التى التصقت بها عاماً بعد عام.
"ملوش مخصصات مالية" كان السبب الأول الذى أرجع له الدكتور "صلاح المليجى" غلق متحف الشمع أثناء حديثه لليوم السابع عن كارثة إهمال المتحف، موضحاً أن القضية لا تتعلق بمتحف الشمع فحسب، كاشفاً عن غلق حوالى 24 متحف نتيجة للإهمال.
وقال "المليجى": حوالى 24 متحف، هى المتاحف التى تندرج تحت قطاع الفنون التشكيلية، والتى أغلقت جميعها نتيجة للإهمال الذى شهدته طوال السنوات الماضية، وهى ما قمنا بفتح مجموعة منها على مدار العاميين الماضيين فى محاولة لإعادة إحيائها، ومن ضمنها متحف محمد مختار ومتحف سعد زغلول، ومتحف أحمد شوقى.
أما عن إعادة افتتاح متحف الشمع فيقول "المليجى": متحف الشمع من أصعب المتاحف التى يمكن ترميمها نظراً للتكلفة الباهظة التى يحتاجها تطوير تماثيل الشمع والتى قد تصل إلى ملايين الجنيهات، إلى جانب عدم وجود الكوادر الفنية المدربة على العمل فى الشمع فى مصر، نتيجة لإهمال هذه الفئة من الفن على مدار سنوات.
يكمل "المليجى": متاحف أخرى هى متحف الجزيرة، ومتحف محمد محمود ومتحف الفن الإسلامى تحتاج لتطوير شامل، وهى ما يتطلب ميزانية ضخمة غير متوفرة حالياً فى ظل الظروف الاقتصادية التى تعانى منها مصر حالياً، ويعد إعادة افتتاح متحف الشمع ضرورة ملحة نظراً لحاجتنا لمثل هذه المراكز الثقافية لتخليد أحداث الثورة، ولكننا فى انتظار تخصيص ميزانية كافية لإعادة افتتاحه بشكل لائق.





