إذا تحولت الزوجة صاحبة الكلمة والرأى إلى زوجة ليس لها رأى ولا كلمة فى الأسرة، مستسلمة بصورة مبالغ فيها، فيجب على الزوجة الانتباه جيدا، فربما يكون هذا ضوء أحمر ينذر بهبوب عاصفة تطيح باستقرار أسرتها.
هذا ما تؤكده الدكتورة هبة عيسوى أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس، وتقول عندما تتحول الزوجة إلى موافقة على طول الخط على عكس طبيعتها تجنبا للمشاكل، فلابد أن تعرف أنها تلجأ إلى ذلك لأنها لا تشعر بالأمان وتخشى انهيار حياتها الزوجية، فهذا الأمان الذى أصبحت تفتقده داخل البيت هو زادها وطاقتها للعطاء لأفراد أسرتها أو لعملها، إلا أن شعورها بعدم الأمان لا يمكن أن يستمر طويلا وإلا تفسخت نفسيا، فالزوجة قد تمل كثرة الجدل والمشاكل وتستشعر خطرها على أسرتها، فتؤثر السلامة وتفضل الموافقة التى تصبح مع الوقت نوعا من التلقائية التى لا يفرضها عليها الزوج، وباستمرار الموافقة والاستكانة يحدث لديها نوعا من الإحباط يظهر فى صورة استسلام مبالغ فيه وتتحول هذه الزوجة إلى شخصية اعتمادية من أهم صفاتها الرضوخ لكل رغبات الزوج دون مبرر، وليس لديها استعداد للمطالبة بحقوقها ولا للتطويل فى المناقشة، وتشعر بأنه لا حول لها ولا قوة وتصبح سلبية تعتمد على زوجها فى كل القرارات دون إبداء رأيها وتنسحب من أى موقف يمكن أن يثير نوعا من العداء أو المشاكسة مع الزوج.
وعادة يصاحب هذه الشخصية الاعتمادية أعراض نفسية جسمانية تظهر فى شكل صداع وارتفاع فى ضغط الدم أو إرهاق أو متاعب بالمعدة وتقل علاقاتها الاجتماعية، والغريب أنها مع كل ذلك تعمل بنجاح وإن كانت لا تعمل بكل طاقتها وتؤدى أدوارها ولكن بنوع من الخمول وعدم البهجة.
وتلفت الدكتورة هبة عيسوى النظر إلى أنه عندما يجد الزوج زوجته على هذا النحو من الطاعة والاستسلام يشعر بالرضا تجاه زوجته التى تحولت إلى هذه الصورة المبهرة ويشعر بالأمان وبأنه امتلكها، ولم يعد هناك مبرر للعمل على إسعادها كما كان يفعل فى بداية الزواج الأمر الذى يزيد من إحساس الزوجة بالمرارة وتبدأ معاناتها الصحية من أمراض نفس- جسمانية وهذا هو الضوء الأحمر الذى يجب الانتباه إليه وإعادة النظر فى العلاقات، فالزوجة التى جاهدت نفسها حتى وصلت إلى حالة الاستكانة والاستسلام لإرضاء الزوج لا تزال تشعر بعدم الأمان فتبدأ فى التمرد فتتحول من شخصية اعتمادية إلى شخصية سلبية عدوانية وتتبدل مشاعر المودة والرحمة إلى كره غير واضح، لأنها لا تستطيع التعبير عنه بلسانها فتبدأ برؤية كل شى مخالف لما تريده وتتوقف عند كل تصرف وتثير المشاكل عند كل موقف، وحتى عندما يراجع الزوج نفسه ويحاول إرضاءها لا تقبل منه شيئا فهى لم تعد ترى معنى ولا قيمة لشىء.
تشعر بأنها غريبة فى أسرتها ليس لها دور واضحا، وهنا يكون العلاج صعبا لأنه كان يجب أن يبدأ مع ظهور سمات الشخصية الاعتمادية كما تقول د. هبة عيسوى ـ لذا يحتاج الأمر إلى وقفة مع النفس وإصلاح الأمر وإشعار الزوجة بالأمان، وأن كان الكثيرون يرون أن الزوجين وصلا إلى نقطة ألا عودة، إلا أن الحل هو البدء بالعلاج المعرفى أى تذكر الإيجابيات وإبرازها وعلاج المتاعب النفس- جسمانية وعلى الزوج أن تكون لديه رغبة حقيقية فى الإصلاح كشرط أساسى لنجاح العلاج، فالوصول إلى هذه المرحلة لم يحدث فجأة وكما استغرق حدوثه وقتا طويلا فإن علاجه أيضا يحتاج بعض الوقت
الدكتورة هبة عيسوى أستاذ الطب النفسى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة