"عم أشرف" حارس خزائن التاريخ على عتبة قصر "زينب خاتون"

الإثنين، 08 أكتوبر 2012 03:38 م
"عم أشرف" حارس خزائن التاريخ على عتبة قصر "زينب خاتون" قصر زينب خاتون
كتبت إيناس الشيخ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما أن يبدأ بالحديث حتى يفتح بابتسامته ونبرة صوته الهادئة خزائن التاريخ المغلقة، بسلاسة يعود بك إلى حكايات ملوك وأمراء عاشوا قبل مئات السنين، تراهم بخيال واسع أثناء الجولة التى يصحبك بها فى أروقة القصر الغامض الذى امتلأ بالدهاليز والحجرات المصممة بطراز معمارى نادر يميز عصر المماليك وما سبقه من عصور مصرية أصيلة.

هنا تجول "محمد بك الألفى" أول ملاك القصر مع حاشيته، وهنا جلست "زينب خاتون" صاحبة القصر الشهير بميدان الأزهر، تعالج الفدائيين الذين تسللوا هرباً إلى قصرها الشهير بالمقاومة الشعبية أيام الحملة الفرنسية، لتستقر أجسادهم فى المقبرة الملحقة بالقصر الذى رحل عنه ملوكه وأمراؤه، تاركين "عم أشرف" حارس قصر "زينب خاتون" الذى أحاطته الشائعات عن أرواح أهل القصر التى تتردد لزيارة المكان الخالى سوى من "عم أشرف" الذى تفرغ للتعرف على كل ركن من أركان البيت الكبير حفظ تفاصيله عن ظهر قلب طوال عشرون عاماً جلس خلالها على أبوابه، وعاش مع ضيوفه القادمين من أزمانهم البعيدة لإلقاء التحية على أهل البيت.

"عم أشرف عبد الكافى قاسم" 48 عاماً، ليس مجرد حارس عينته وزارة الآثار لحراسة مجموعة من البيوت الأثرية العريقة بمنطقة جمعت بيت زينب خاتون وبيت الهرواى وبيت الست وسيلة ومدرسة العينى، التى حفلت بحكايات تاريخية قبل أن يتحول معظمها إلى بيوت ثقافية ومزارات سياحية يتولى أمرها "عم أشرف" الذى لم يكتفِ بالجلوس على عتبتها لقطع التذاكر، بل توجه إلى الكتب التاريخية وحجة البيوت التى يسرد منها حكاية كل بيت بالتفصيل، ينتقل بين العصور المختلفة بسلاسة ويحكى القصص مؤرخة بالسنوات.

"كل بيت له حكاية.. زينب خاتون أتسمى على اسم زينب خاتون أخر ملاك القصر من العصر العثمانى عام 1836 بعد أن ورثته عن زوجها "شريف حمزة الخربوطلى" أو من لقب "بأمير الحج" فى هذا الوقت نظراً لتوليه خروج موكب كسوة الكعبة" معلومات تاريخية لا تنتهى بسردها "عم أشرف" باستمتاع على كل الزوار بمجرد أن تبدأ أعينهم فى التساؤل عن تاريخ هذا القصر الغامض الذى تطل معظم شرفاته على الداخل.

أما عن العالم الروحانى الخاص الذى لم يطلع عليه سوى "عم أشرف" حارس الكنوز التاريخية المختبئة وراء أحجار تخطى عمرها مئات السنوات، فليس من المعتاد أن يحكيها "عم أشرف" لكل من يسأله ببساطة، فأحياناً يخشى إخافة أحد الزوار بقصصه التى ليس من السهل تصديقها، ويكتفى بسردها على من حوله من جيران بالمنطقة أثناء جلوسه فى حلقات لسرد قصة الرجل ذو الجلباب الأبيض الذى رآه "عم أشرف" يتجول فى صحن القصر ليلة مولد "الحسين".

"كلمته قولتله بتعمل إيه هنا.. ضحك ولما حاولت أشده قالى أنا هدخل الأوضة دى وأطلع أوام.. وبعدها اختفى!" يبتسم "عم أشرف" وهو ينهى قصته التى ظل يتذكرها عاماً بعد عام، لم يشعر بالخوف من رؤية أحد سكان البيت الذى أقتنع تماماً أنه لن يؤذيه "ممكن يكون من حراس المكان وكان جاى يزوره" ببساطة شديدة يفسر "عم أشرف" ما يراه من أشخاص يتجولون ليلاً ونهاراً فى صحن قصر زينب خاتون وبيت الست وسيلة، وما يسمعه من وقع أقدام مجموعة من الأطفال تتعالى صيحاتهم على سلم الخدم وسرعان ما تختفى الصيحات بمجرد هرولته على السلم بحثاً عنهم" يصدق تماماً أنهم أهل المنزل وهو أحد ضيوفهم ولا يحب أن يكون ضيفاً ثقيلاً!

"دول أهل البيت..مش جن ولا عفاريت زى ما الناس فاكره الجن بيظهر فى صورة حيوان.. بس إللى أنا شفته دا واحد وشه سمح ولابس جلابية بيضا" يبتسم "عم أشرف" مقتنعاً بروايته غير منتظر أن يصدقها أحد، "أستنيت الشخص دا يجى تانى عشان كنت عايز أتكلم معاه ويحكيلى هوا مين وإيه حكايته" بصدق يقول "عم أشرف" الذى استمر فى فتح باب الغرفة التى اختفى بها شبح الجلباب الأبيض كل عام فى موعد "الليلة الكبيرة" ولكن دون جدوى.

"البيوت دى مكانى وبقت جزء منى.. أنا كتير بتجول فيها لوحدى، وكتير أوى ببات هنا" كثيراً ما يتجول بها ليلاً حاملاً شمعدان صغير يحاول تخيل الحفلات وليالى القصر المضيئة يسمع بعض الهمهمات هنا، وبعض الضحكات التى تثير ابتسامه هناك، لا يشعر بالخوف الذى يشعر به من يدخل القصر وحيداً، فهنا عاش وهنا حفظ تاريخ طويل لحضارات اختفت وما زال أهلها يمرون على "عم أشرف" لإلقاء التحية.





















مشاركة




التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

أيمن

هوه حارس بيت الرعب ولا بيت اثري

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة