هل هناك حب من النظرة الأولى أم إنه شىء من نسج الخيال فى القصص الأسطورية والخيالية؟، وهل يمكن أن ينجذب شخص إلى شخص آخر عاطفيا، بمجرد رؤيته حتى فى أكثر الأماكن ازدحاما؟؟؟ ألم يحدث أنك يوما انجذبت فكريا تجاه شخص من بداية سماع أرائه، حتى قراءة أفكاره، كذلك يمكن أن يحدث ذلك من خلال الانجذاب العاطفى، وينمو بعد ذلك خلال مراحل العلاقة، وفى بعض الأحيان نسمع عن أشخاص يشعرون بانجذاب تجاه أشخاص، لم يلتقوا بهم من خلال معرفتهم المسبقة بأشياء عنهم تجعلهم ينجذبون إليهم، وبالتالى فإن الشعور بالحب يمكن أن ينشأ بسرعة الضوء، كلمح البصر "من أول نظرة"، حتى من قبل الإلتقاء بمعرفة شىء يكون السبب فى هذا الانجذاب.
ومع ذلك يظل الجانب الأخلاقى والمعاملة الجيدة واستمرار الإحساس بالرضا فى العلاقة لهم من الأهمية الأساسية فى نجاح استمرارية العلاقة، ففى بداية التعارف لا تتاح الفرصة لكل الطرفين التعرف، إظهار أسباب ومسببات الرضا والإحسان، لبعضهما، وتكون النظرة الأولى هى بمثابة خط البداية فى ماراثون، لبدأ علاقة طيبة، فمن الأفضل أن نطلق عليه انجذاب من أول نظرة، ويظل الانجذاب بداية لحب يستمر كلما تطورت العلاقة، واجتهد كل الطرفين، فى البذل والعطاء للآخر فى جوانب الفائدة والمنفعة المتبادلة والمودة والرحمة.
ولا يستطيع أى من الطرفين أن يجزم على مدى تطورالعلاقة إلا بعد مرور الوقت، فإما أن تتطور العلاقة وينتج عنها إحساس بالسعاده والرضا الكافى حتى يثبت أنه حب وهنا نستطيع أن نطلق عليه الحب من أول نظرة، أما إذا تراجع، تلاشى الانجذاب يكون ما نطلق عليه الإفتتان من النظرة الأولى.
فانجذاب الأشخاص لبعضهم لا يحتم أن تكون أفعال كل واحد فيهم جالبة للسعادة والرضا للطرف الآخر، ولكن على النقيض نجد فى بعض حالات الانجذاب عندما يجتمع الطرفان معا ينتهى بهم المطاف إلى حياه بائسة، وبالمثل فيمكن أن تجد شخص لا تنجذب إليه عاطفيا، ولكن أفعاله ترضيك وتتوافق معك وتمتعك وتكون مسلية ومثيرة والسبب لأنكم تتشاركون الاهتمامات وليس المحبة، ففى بعض الأحيان نجد أنفسنا نستمتع مع أشخاص فى بعض نواحى الحياة مثل الحديث فى السياسة، العمل، ممارسة نوع معين من الرياضة، حتى مشاهدة الأفلام ولا نكن لهم أى مشاعر انجذاب، ومن الناحية الأخرى تجدنا نكن مشاعر فياضة لبعض الأشخاص ولكننا لا نستمتع فى مشاركتهم لبعض نشاطات ونواحى الحياة.
فوجود الانجذاب لشخص لا يمحى إمكانية وجود نشاطات قد تستمتع بها مع أشخاص آخرين.
فالانجذاب العاطفى، الشكلى ليس شرطا على كون هؤلاء الأشخاص قادرون على التحدث معك فى أمور العمل، السياسة بطريقة ترضيك وتمتعك، مشاركتهم فى أمور تحبها، وهناك آخرون تجدهم يشعرون بالسعادة فقط لمصاحبة من يحبون حتى لو كان النشاط الذى يشاركونه لا يمتعهم، ونجد أن الشابات والسيدات هن من ينطبق عليهم هذا الوصف، وأن رضاهن يأتى من تمضية الوقت مع رفقائهن من أجل المشاركة وليس لجودة النشاط، نوعيته، وهناك آخرون يهتمون بالنشاط الذى يستمتع به وبالتالى يفضلون مشاركته مع من يجيدونه أكثر من مشاركة ومصاحبة من يحبون وينتج عن هذا الاختلاف خيبة أمل وتباعد.
ويمكن أن تتأرجح المشاعر بالرضا من عدمه مع الشخص الذى تنجذب اليه فى نواحى ترضيك ونواحى أخرى لا ترضيك فيه، وقد تجد أن النواحى المرضية تغطى على النواحى الغير مرضية وتكون الحياة معه فى المجمل ترضيك، العكس، وفى بعض الأحيان الأخرى تكون مشاعرنا مختلطة ومشوشة ولا تعرف إذا كنت نشعر بالرضا أم لا، ولذلك فإنه من الضرورى أن نفرق بين احتياجاتنا المهمة التى ترضينا من غيرها فى علاقتنا ونحددها بدقة حتى ندرك الفرق بين الانجذاب العاطفى والتوافق فى الاهتمامات.
وبمعرفة هذا الفارق يمكن أن نجتمع على الاهتمامات المشتركة بيننا وبين من نحب حتى نجمع بين سعادة المشاعر وسعادة المشاركة فى النشاطات التى تهمنا وبالتالى، يشعر الشخص بالرضا والسعادة من هذه العلاقة بمرور الوقت وبتطور العلاقة، فعندما يشعر الشخص أنه يحتاج إلى عناية ورعاية وحنان وتفهم ويجد شخص حنون ومتفهم فى طريق الحياه سيصبح فى غاية السعادة وترجع سبب شعورك بالسعادة وهذا الامتنان للحياة إلى تلك النظرة الأولى التى كانت بمثابة النبتة الصغيرة الجميلة التى تحتاج إلى رعاية خاصة حتى تصبح زهرة جميلة يافعة تلفت الأنظار إليها من النظرة الأولى، ليدرك الجميع أن الحب من النظرة الأولى حقيقة، ولكن بدون الحفاظ عليه ورعايته يصبح أسطورة من الخيال.
خبيرة التنمية البشرية رانيا المريا تكتب: الحب من أول نظرة
الإثنين، 08 أكتوبر 2012 09:22 م