نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية تحقيقاً بالصور عن صعود السلفيين فى العالم العربى، بعد الثورات، التى أطاحت بالحكام المستبدين، وقالت، إن الانتخابات التى أعقبت الثورات العربية، أخرجت الإسلاميين من عقود من القمع، ودفعت بهم إلى المناصب الأكثر قوة بالمنطقة، وفى مصر، أصبح سجين سابق رئيساً، إلا أن السلفيين، كما تضيف الصحيفة، الذين يتبعون شكلاً متزمتاً من الإسلام، والذين اعتنقوا الحريات الجديدة، يرون أن هناك عيباً خطيراً فى النظام الإسلامى الناشىء، وهو أنه ليس إسلاميا بما يكفى.
ونقلت الصحيفة، عن الناشط السلفى "جميل صابر"، فى القاهرة قوله، إنه يحلم باليوم الذى تطبق فيه المحاكم المصرية الشريعة الإسلامية، بشكل شامل، ويضيف، إنهم يقولون إن الناس لا تريد الشريعة، وهذا ليس صحيحاً، بل هم مستعدون.
وتشير الصحيفة، إلى أن هناك الملايين فى شمال أفريقيا، يشاركون صابر حلمه، وهذه الحقيقية، تمثل أخطر تحدٍ على الإطلاق للحكومات، التى ناضلت على مدار أشهر فى مصر وليبيا وتونس، لتجد موضع قدم لها.
ومع بدء القادة الإسلاميين المعتدلين فى هذه الدول، فى صياغة دساتير ما بعد الثورة، فإن السلفيين يضغطون، أحيانا فى صناديق الاقتراع، وأحيانا أخرى بفوهة الأسلحة، من أجل خلق مجتمعات تعكس، بشكل أقرب، معتقداتهم الدينية، ونمط حياتهم، الذى يتسم بأنه شديد المحافظة.
وتمضى الصحيفة قائلة، إن عظم الصحوة السلفية، وكثرة المشكلات التى تفرضها على الحكومات الجديدة، ليست متوقعة، ففى حين أن التحديات من بقايا النظام السابق، ومن الليبراليين الساخطين، كانت متوقعة بشكل كبير، إلا أن الجذور الإسلامية لمن تولوا السلطة، تم اعتبارها أمرا لا تشوبه شائبة، فتعهدوا جميعهم بإعادة الإسلام إلى مكانه الصحيح، فى مركز المجتمع بعد عقود من التهميش.
غير أن الكثير من السلفيين، الذين شجعهم ما رأوه من حماس شعبة لموقفهم، أدانوا القادة الجدد، لكونهم شديدى، الخجل فى حقن التفكير الإسلامى، فى السياسات المحلية والخارجية طويلة الأمد، ويقولون إن الوقت قد حان لمزيد من العمل المهم.
ويقول صابر، "لسنا مغرمون بالصراع، إلا أن الفرصة حانت لاتخاذ إجراءات حازمة وخطوات جزئية"، وأضاف قائلا، "إذا سرق لص مرتبك الشهرى، ألن تريد قطع يده".
وتحدثت "واشنطن بوست"، عن السلفيين فى مصر، وقالت إنه بعد أن كانوا يشاهدون الثورة فى مصر بقلق من الهامش، بدأوا يقومون بدروهم فى الديمقراطية الجديدة، فأطلقوا عشرات من القنوات التليفزيونية، وفى الانتخابات القادمة، ممكن أن يعتمدوا على نسبة 25% من المقاعد، التى حققوها من قبل، بما يسمح لهم بالضغط على الحكومة، التى تسيطر عليها الإخوان لاختيار مزيد من الوزراء السلفيين.
كما رصدت الصحيفة مواقف السلفيين فى ليبيا وتونس، وقالت أيضا، إنهم أصبحوا أطرافا مهمة فى الكويت واليمن، كما أنهم يتصلون تحديدا بحماس فى قطاع غزة، بينما تصنف الولايات المتحدة حماس بأنها منظمة إرهابية، إلا أن المسلحين السلفيين يرونها معتدلة للغاية، بسبب اتفاقها على وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
كما أشارت الصحيفة، إلى اختلاف موقف السلفيين من الولايات المتحدة، فبينما يعرب الجهاديون المتشددون علناً عن العداء لواشنطن، فإن عماد عبد الغفور، رئيس حزب النور السلفى، شارك فى حفل يوم الاستقلال الأمريكى، فى سفارة واشنطن بالقاهرة فى يوليو الماضى.
ومع الانتخابات المقرر إجراؤها فى مصر، خلال أشهر، لاختيار لبرلمان جديد، فإن السلفيين سيستفيدون فى بلد لا يزال يعانى من الانهيار الاقتصادى والأمنى، الذى تتباطأ حكومة الإخوان فى معالجته.
ومن غير الواضح الكيفية، التى سيترجم بها وجود سلفى أكبر فى الحكومة إلى قانون وممارسات، فليس كل السلفيين، يضغطون من أجل التغيير الجذرى بين عشية وضحاها.
ومن بين هؤلاء نادر بكار، المتحدث باسم حزب النور، الذى يقول، "نحن نعلم أن المجتمع كله لا يمكنه أن يطبق الشريعة فى آن واحد"، وأضاف "إننا لسنا هنا للحكم على الناس، أو إجبارهم على ما لا يريدونه".
وتلفت الصحيفة إلى أن الليبراليين العرب والمسئولين فى الدول الغربية، يراقبون صعود السلفيين بعين من الحذر، لأن وجود دور مؤثر لهم، يعقد من جهود واشنطن، من أجل أن تفهم عقائد الأحزاب الإسلامية المنتخبة، مثل الإخوان المسلمين.
كما يشعر مسئولو المخابرات أيضاً بالقلق، من أن الخط الذى يفصل بين السلفيين، الذين يلعبون بالقواعد ومن لا يفعلون ذلك رمادى اللون، خاصة فى ليبيا، حيث أدى الفراغ الأمنى إلى زيادة نشاط الجماعات المتشددة.
واشنطن بوست: السلفيون أخطر تحدٍ للحكومات الإسلامية المعتدلة بالعالم العربى بضغوطهم عبر صناديق الاقتراع أو فوهة السلاح..وتوقعات بأن يستفيدوا من بطء معالجة الانهيار الأمنى والاقتصادى بالانتخابات المقبلة
الأحد، 07 أكتوبر 2012 12:05 م