د. رضا عبد السلام

أهى مؤامرة على تركيا؟!

السبت، 06 أكتوبر 2012 11:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أكدت أكثر من مرة على أننى ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة، وقد يوافقنى البعض هذا الاعتقاد وقد يخالفنى البعض الآخر فهذه هى الديمقراطية. مؤكد أن الدلائل كثيرة على وجود تطبيقات لهذه النظرية، خاصة فى علاقات الغرب مع العرب والمسلمين؛ فمن المؤكد أن توتر العلاقات العربية العربية تقف خلفه أصابع غربية ملوثة. كما أن تمكين حكام ما أنزل الله بهم من سلطان من حكم قلب العالم الإسلامى على مدى حوالى نصف قرن (من أمثال الأسد ومبارك والقذافى والشاويش على فى اليمن...إلخ) كل هذا كان بتخطيط غربى محكم، حتى يبقى المارد الإسلامى حبيس القمقم، وحتى يُقدَم العالم الإسلامى على أنه مثال مقزز لأنظمة الحكم والفساد.. إلخ ليتم ضرب الإسلام فى مقتل وفى نفس الوقت للسيطرة على ثروات هذه الأمة.

كما أن ما يحاك سنوياً لرمضان وأهل رمضان من أعمال عفنة وبرامج هابطة يشكل مثالاً آخر لنظرية المؤامرة، لأن المنطق والعقل يقول بأنه "لا يمكن أن تجتمع الطهارة والنجاسة فى شهر رمضان إلا إذا كانت هناك أيادٍ تعبث وعقول تخطط لإبعاد أهل رمضان عن رب رمضان".

نعود إلى تركيا وما أدراك ما تركيا. فقبل نحو عشر سنوات وتحديداً فى عام 2001م، واجهت تركيا أزمة طاحنة كادت تعصف بالحلم التركى، ولكن إرادة المولى وإرادة هذا الشعب العظيم حالت دون ذلك. ففى أقل من عشر سنوات، نجحت تركيا فى أن تجد لها مكاناً بين أكبر الاقتصادات الصاعدة عالمياً. وأكتفى هنا بالإشارة إلى عدد من المؤشرات التنموية فى تركيا (فى وقت تعانى فيه الاقتصادات المتقدمة من تداعيات الأزمة العالمية 2008م). فقد نما الناتج المحلى التركى بأكثر من 8% عام 2011م، كما انخفض معدل التضخم إلى ما دون الـ 7%، ودارت معدلات البطالة حول الـ 9%، فى وقت تعانى فيه الاقتصادات الأوروبية والأمريكية من تصاعد معدلات البطالة لأكثر من 10% وكذلك معدلات التضخم. كما نمت الصادرات التركية بمعدلات غير مسبوقة، ونجحت فى جذب الاستثمارات الأجنبية بمعدلات غير مسبوقة، بعد حزمة الإصلاحات الاقتصادية والمؤسسية والهيكلية والخصخصة الناجحة...الخ.

فى ضوء هذه المؤشرات المشرفة، لم يكن غريباً أن نرى تركيا تعود لتغرد من جديد على يد رجب طيب أردوغان وفريقه الرائع. فالنجاح الاقتصادى أعاد تركيا مرة أخرى إلى الساحة السياسية الدولية والإقليمية، وبات لها صوت مسموع ومحترم بشأن قضايا مثل قضية فلسطين والقضية السورية والرسوم المسيئة وغيرها. الأكثر من هذا، أن التجربة التركية فى التنمية باتت تحظى باهتمام كبير خاصة على الصعيد العربى، فالكل يحاول محاكاة التجربة التركية!!

لاشك أن ظهور تركيا من جديد قد أيقظ الكثير من الغربيين على "ما يسمونه" بكوابيس الإمبراطورية العثمانية. فهم يشاهدون تركيا تكسب أرضاً جديدة مع إشراقة كل يوم جديد. فالعالم العربى - فى أغلبه – لديه حنين إلى عودة الخلافة الإسلامية، لتوحد الأمة المشتتة تحت راية واحدة وكلمة واحدة وصوت واحد... وهذا بالضبط هو أخشى ما يخشاه الغرب!

ومن جانبها، أشعلت تركيا هذه المخاوف، عندما أعلنت دعمها لإرادة الشعوب العربية، وخاصة الشعب المصرى فى ظل ما يسمى بالربيع العربى، بل بادرت بتقديم القروض الميسرة للحكومة المصرية، فى وقت وقف فيه الأثرياء العرب والغرب موقف المتفرج "بل والشامت"!

السؤال هنا: هل هناك مخطط للزج بتركيا للدخول فى أتون حرب مع العرب، ليتم ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد: فلو حدث وأن دخلت تركيا فى حرب مفتوحة مع سوريا، فستخسر تركيا جانباً كبيراً من تعاطف الشارع العربى، لأن من سيقتلهم الجيش التركى هم فى أغلبهم أبرياء. كما أنه سيترتب على انشغال تركيا بالحرب مع سوريا وحزب الله وإيران، توجيه للاهتمام بعيداً عن الشأن الاقتصادى والطموحات التنموية، فستتوقف عجلة الإنتاج المدنى ويصبح اقتصاد تركيا اقتصاد حرب، تتراجع فيه مؤشرات التنمية وتعود من جديد لتغرق فى الأزمات؟!

فهل تنساق تركيا وراء الطعم أو السم الذى تم وضعه على الحدود مع سوريا، وتدخل فى حرب ستخسر معها كل شىء، أم أن قادة تركيا من الذكاء بما يكفى لرد كيد الكائدين فى نحورهم...؟ هذا ما ستجيب عليه الأيام القادمة.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة