الدكتور هشام قنديل- وكما يبدو- شخصية محترمة ومتواضعة وملتزمة.. كما أن ما يميز الدكتور هشام قنديل، أنه دائماً مبتسم، وهذه الابتسامة فى حد ذاتها مهمة فى زمن كادت فيه الأمة أن تنسى فيه معنى وشكل الابتسام.. ولكن الابتسامة وحدها لا تكفى لإطفاء ظمأ شعب أثقلته الهموم والمشكلات.
مؤكد أيضاً أنه لم يتوقع أحد ترشح الدكتور المهندس قنديل لرئاسة الوزارة، فأقصى التقديرات كانت تتوقع استمراره وزيراً للرى والموارد المائية، ولكن أن يصبح رئيساً لوزراء مصر، فهذه كانت المفاجأة الكبرى، التى ألقاها فى وجوهنا رئيس الجمهورية، الدكتور المهندس محمد مرسى.
تعلمنا وتعلم أبناؤنا أن رئيس الوزارة فى النظام الرئاسى، شأن الوضع فى مصر وغيرها من الدول النامية أو الساعية إلى التقدم، يكون منكباً على الداخل وعلاج مشكلات هذا الداخل، فى حين يركز الرئيس على الشئون الخارجية، والسياسية فى الغالب. وأغلب مشكلات المجتمع المصرى هى مشكلات اقتصادية كما نعلم، وأن الحكم على رئيس الوزراء بالنجاح أو الفشل يكون مبنياً على ما حققه من إنجازات على الصعيد الاقتصادى.. لذا كنا نتوقع، وكما جرت العادة، أن يتولى رئاسة الوزارة رجل اقتصاد أو تخطيط اقتصادى، بحيث تكون لديه رؤية اقتصادية شاملة، تمكنه من وضع استراتيجيات متوسطة وبعيدة المدى، مع تنفيذ برامج للتعامل مع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية الحالية.
ولكننا فوجئنا بأن أغلب أعضاء الحكومة الراهنة، ومن قبلهم رئيس الجمهورية، هم مهندسون! فرئيس الجمهورية مهندس ورئيس الوزراء مهندس، وأكثر من نصف الحكومة مهندسون، وحتى المحافظين!! وهذه هى أول مرة فى تاريخ الحكومات المصرية أن يمثل فيها المهندسون هذا التمثيل.. ليس مقصد كلامى الإقلال من قدر المهندسين، حاشا لله، ولكن - وكما يبدو - أن إدارة مصر ما بعد الثورة لم تختلف قيد أنملة عن الإدارات البالية، التى حكمت البلاد خلال العقود البائدة.. فأهل الثقة دائماً أولى من أهل الكفاءة، لذا كان المهندسون فى المقدمة، وإذا كان هناك من تفسير آخر فليتفضل أحد بطرحه.
ومن هنا أعيد طرح السؤال الذى عنونت به المقال: ما هو تقييمك عزيزى القارئ لتشكيل، ومن ثم أداء حكومة الدكتور قنديل؟ أرجو أن ينطلق تقييمك ليس من انتمائك الحزبى أو الدينى، وإنما من انتمائك لمصر، التى كُلِفت هذه الحكومة بإدارة شئونها.. أرجو أن تكون موضوعياً فى حكمك، وأن تبتغى وجه الله ووجه مصر قبل أن تعطينى رأيك الذى أحترمه كثيراً.. هل ترقى هذه الحكومة بتشكيلتها الراهنة إلى مستوى طموحاتك؟ هل تعتقد أن أداء الحكومة خلال الفترة المنقضية سيقود مصر إلى تحقيق الطموحات التى طالما حلمت وحلمنا بها؟
الحقيقة– وهذا مجرد رأى متواضع- هى أننى عندما رأيت التشكيل الحالى للحكومة، واطلعت على السير الذاتية لأعضائها، أدركت على الفور أن هذه الحكومة ستكون مثل الماء، حيث لا لون ولا طعم ولا رائحة.. فهى حكومة غير مميزة، كما أنها ليست بالقوة التى تعكس طموحات شعب قام بثورة عظيمة وعلق آمالاً كبيرة وأثقلته مشكلات جمة.
بعد مضى أشهر على تكليف هذه الحكومة بإدارة شئون البلاد لم نر أى تحرك جاد أو حاسم، سواءً للتعامل مع المشكلات اليومية مثل الوقود والبوتاجاز ورغيف الخبز والتضخم والدين العام والإنتاج والأمن والبلطجة... إلخ، أو لوضع رؤية بعيدة المدى لاقتصاد مصر ما بعد الثورة، كتلك التى وضعها مهاتير محمد لماليزيا أو حتى رجب طيب أردوغان فى تركيا!!
ومن هذا المنطلق أتوجه برسالة من القلب إلى الأخوة فى جماعة الإخوان المسلمين "واضح يا أعزائى أنكم لم تعوا دروس التاريخ جيداً، بدليل أنكم أعملتم ذات القواعد، التى عكف نظام مبارك على إعمالها، وتمارسون نفس الممارسات بشكل يومى مفترضين غباء هذا الشعب، تماماً كما كان يفعل نظام مبارك.. لقد كنت – ولا زلت – واحداً من الكتاب الذين أصروا على القول بأهمية إعطاء الإخوان فرصة لإثبات الذات، ليس هذا فقط، بل طالبت بوجوب دعمهم، فإن نجحوا كافأناهم بالإبقاء عليهم، وإن فشلوا خلعناهم كما خلعنا الطاغية.. بالله عليكم، هل هذه الحكومة الواهنة تعكس طموحات شعب أبهر العالم بثورة عظيمة؟! هل تعتقدون أن هذه الحكومة الضعيفة قادرة على وضع رؤية لمصر وتنفيذها؟! هل اتبعتم الأساليب المتقدمة والموضوعية فى انتقاء واختيار الكفاءات أم أن معياركم الرئيس كان هو الارتكان إلى أهل الثقة؟!".
فى بلد تقتله البطالة والفقر، وتغرقه الديون الداخلية والخارجية، وتتوقف فيه عجلة الإنتاج، وتتصاعد فيه عمليات البلطجة، تجد رئيس الوزراء مشغولا بتجميل ميدان التحرير أو الرسوم على الحوائط أو حل النزاعات القبلية!! يا دكتور قنديل، أنت رئيس وزراء مصر، كنا نتمنى بعد أيام من تكليفك أن تطلعنا على رؤيتك لمشكلات مصر الاقتصادية والاجتماعية، وأن تعرض علينا الآليات التى تقترحها لعلاج تلك المشكلات على المدى القصير والمتوسط والبعيد.. ولكننا وجدناك كالترس دخلت فى الآلة، وواصلت العمل الذى عكف الترس السابق على القيام به!! لا يا سيدى.. لم يكن هذا هو طموحنا.
وفى الحقيقة.. علينا ألا ننتظر منكم أكثر من هذا، لأنكم كلفتم بشأنٍ كبير فى توقيت خطير، كما أن تكوينكم وخلفيتكم الاقتصادية ليست بالقوة التى تمكنكم من إحداث تغيير جذرى على أرض مصر التى تئن من وطأة المشكلات الاقتصادية.. ولهذا كنت أتمنى أن ترفضوا هذا التكليف، لأن الحمل ثقيل والمشكلات فى غاية التعقيد، ويغلب عليها طابع الاقتصاد، الذى أنتم بعيدون عنه كل البعد، كما أن تجربتكم ليست طويلة بالقدر الكافى لقيادة السفينة فى هذا البحر الهائج.
وعليه، أتمنى أن نرى بعد الانتخابات البرلمانية القادمة حكومة حقيقية وقوية، يستشعر من خلالها شعب مصر أن إدارة مصر من القوة، التى تمكن هذا الشعب من العبور نحو المستقبل، وأن يكون الاختيار فى هذه الحكومة مبنيًا على معايير موضوعية وشفافة، تحكمها الكفاءة والقدرة على الإنجاز، لا أن يتم الارتكان إلى أهل الثقة... اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.
• أستاذ بحقوق المنصورة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
إبراهيم عبد الله
كلام جميل
عدد الردود 0
بواسطة:
بنت الصحافة
اتفق معك كل الاتفاق
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد المصري
كلام سليم
عدد الردود 0
بواسطة:
هاني الشاذلي
مبدع طول عمرك يا أستاذي الدكتور
عدد الردود 0
بواسطة:
صـفـوت صـالـح الـكـاشف / الـقــــــاهـرة
///////////// حينما سألوا / الجنزورى !!! /////////////
عدد الردود 0
بواسطة:
حسين
لماذا التاخير
عدد الردود 0
بواسطة:
الشعب
بموضوعيه تامه نقول ان هذه الحكومه لم تحقق حتى الان الحد الادنى من اهداف الثوره
عدد الردود 0
بواسطة:
احمد حامد ابودنيا
لماذا فى مصر ليقدرون العلماء !!!!!!!!!!!!!
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر سليم
الهنسة علم شامل