د. رضا عبد السلام

رسالة إلى الأوصياء الجدد!!

الإثنين، 29 أكتوبر 2012 12:21 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل كُتِب على هذا الشعب أن يبقى تحت الوصاية إلى الأبد، فيخرج من وصاية مبارك وملئه ليخضع لوصاية تجار الثورة (كتجار الشنطة)؟! مَن الذى أعطى هؤلاء التجار الإذن أو التصريح ليتحدثوا بلسان شعب مصر؟! من الذى أعطى حفنة من النساء التفويض للحديث بلسان كل نساء مصر؟! أهذا هو ما تعدنا به الديمقراطية؟! إذا كان هذا هو منطق الديمقراطية فتباً لتلك الديمقراطية، التى ستنصب من حفنة أو قلة صنعتها فضائيات الدمار الشامل متحدثين بلسان شعب مصر!

أيها التجار.. يا من اتخذتم من ثورة 25 يناير سبوبة لتتاجروا بأحلام وطموحات هذا الشعب، لقد مللناكم، وأنا على يقين بأنكم بينكم وبين أنفسكم بدأتم تدركون بأن البساط ينسحب شيئاً فشيئاً من تحت أقدامكم. فكما ذكرت فى مقالى السابق، لقد كشفكم الشعب وإن شاء الله بيننا وبينكم الانتخابات القادمة.

إذا كنتم حقاً تؤمنون بالديمقراطية، وإذا كنتم حقاً قلوبكم على بلد منكوب اسمه مصر، فعليكم أن تستمعوا إلى كلمة ومعاناة الشارع. فالشارع المصرى يئن تحت وطأة المشكلات التى خلقتها حالة عدم اليقين التى صنعتموها بأيديكم وبتصرفاتكم الصبيانية. سيكتب التاريخ أنكم حولتم حلم هذا الشعب إلى جحيم. سيكتب التاريخ أنكم أدخلتم السرور على صدر مبارك وأزلامه، فهم أسعد الناس بحال مصر وشعبها الآن! أليس كذلك؟!

لقد خاب أمل شعب مصر فيكم، بل خاب أمل الأمة العربية فيكم. ببساطة شديدة أستطيع أن أقول لكم ما سبق وأن قلته لنظام مبارك عام 2003 "أن تجربتكم مع مصر وشعبها قد فشلت Your experiment has failed". نعم لقد فشلتم بامتياز بعد قدمتم شهواتكم ورغباتكم الصبيانية على مصلحة مصر وشعبها، حتى هربت الاستثمارات وسادت حالة عامة من عدم اليقين، وبدلاً من أن تنشغل مؤسسات الدولة بعملية البناء نجدها مشغولة بالتعامل مع حركاتكم الصبيانية.

أليس من الديمقراطية أن تسلموا بما أفرزته الانتخابات من نتائج، وأن تعدوا للانتخابات القادمة بشرف ونزاهة وتجرد؟ لا أن تضعوا المتاريس وتنتظروا الفشل لمنافسيكم! ما معنى أن تهُبوا وتشعلوا الحرائق مع كل حدث، حتى ولو كان تافهاً؟ هل تدركون، بل هل فكرتم فى تبعات تلك التصرفات المخجلة على هذا البلد المنكوب بكم؟!

رغم حالة اليأس التى تنتابنى وتنتاب الملايين من أبناء مصر، فإننى على يقين تام فى هذا الشعب، الذى صبر كثيراً. أنا على يقين تام بأن هذا الشعب الذى لفظ رموز مبارك سيلفظكم وسيدخلكم عن جدارة فى "مزبلة التاريخ"، ليس لشىء، ولكن لأنكم تاجرتم به وبأحلامه، وقدمتم مصالحكم الدنيئة على مصلحة وطن بأكمله، حتى توشك دولة بحجم مصر على الدخول فى مرحلة إفلاس كامل.

كنا نتمنى أن نراكم دعاة بناء وحضارة لا دعاة هدم وإثارة. كنا نتمنى أن نرى فيكم لبنات طاهرة نقيم عليها بناء مصر الجديدة. لقد انخدعنا بكم بعد أن أزلنا مبارك ونظامه، فاعذرونا، لأننا كنا نبحث عن رموز طاهرة شريفة، ولكن المولى عز وجل حكمته بالغة، فقد كشف لنا بمرور الوقت حقيقتكم، وحقيقة من اتخذوا من الدين مطية للوصول إلى كراسى السلطة والدين منهم ومن أفعالهم براء.

أيها الأوصياء والجهابذة الجدد، كنا نتمنى أن توجهوا جهودكم الجبارة تلك نحو دعم جهود استرداد ثروات هذا الشعب، وكشف الفاسدين، ودعم الرئيس الذى انتخبه أغلب أفراد هذا الشعب، بدلاً من الوقوف موقف الذئاب، وتصيد الأخطاء وهدم البناء وقتل الأمل فى نفوس الملايين!

بالله عليكم، لنأخذ مسألة الدستور كمثال، هل يُنتظر أن يرى هذا الدستور النور حتى بعد سنة من الآن؟! كيف يمكن لهذا الدستور أن يصدر وكل صاحب مصلحة يقف للجنة التأسيسية بالمرصاد؟! وكل تاجر من هؤلاء المتاجرين بالثورة نصب من نفسه متحدثاً باسم الشعب؟ إذاً لمصلحة مُن تعملون؟! أليس من الديمقراطية أن تتركوا الكلمة بشأن هذا الدستور للشعب، أم أنكم تؤمنون بأنه شعب قاصر، مثلما آمن مبارك من قبل؟!

على كل حال، أرض مصر الطاهرة لم تنضب، وستجود – إن شاء الله - على هذا الشعب برموز أوفياء، لم تدنسهم السياسة ولا عالمها المظلم، ولم يتاجروا بدينهم ولا أحلام البسطاء من شعبهم. سيتلمس شعب مصر خطواته إلى أن يصل إن شاء الله إلى بر الأمان. نحن نعلم أن هذه فترة مخاض وفرز، وهى فترة مهمة فى تاريخنا. شيئاً فشيئاً يستبين هذا الشعب الخبيث من الطيب، وإذا كان المولى عز وجل قد وفق هذا الشعب لخلع مبارك ونظامه البوليسى المقيت، فسيوفقه أيضاً لتنصيب رموز تضع مصلحة هذه الأمة نصب أعينها، وإن غداً لناظره قريب.

• أستاذ بحقوق المنصورة









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة